《part21》

62 7 50
                                    

.**فيما كانت المسكينة تظن أنها تركته في أول الطريق ولن يستغرق وقتاً طويلاً للوصول إليها، فوجئت به يظهر أمامها فجأة، ثم رفعها عن الأرض ورماها على ظهره.**

لا أريد أن أقسم، لكن تلك الصرخة التي أطلقتها عند اصطدامها به كانت أشبه بصرخة الأخيرة التي تصاحب وضع المولود.

***

**نسيم بارد، رياح عاتية، وأصوات الأمواج المتلاطمة ضد بعضها كانت تعبيرًا عن مزاج البحر العكر.**

أطلق سراحها أخيرًا وأنزلها برفق لتلامس أقدامها الحافية رمال الشاطئ الناعمة. ثم نزل على ركبتيه ليساعدها في ارتداء حذائها.

مد يده لها وسط النسيم المنعش الذي يضرب أجسادهما ويبعثر قماش ثيابهما.

كلاهما ينظر في عيني الآخر، لغة صامتة أعلى من الكلام، تعبر عن مشاعر أعمق من أن تُلفظ.

شق ابتسامة كأنها قطعة من النعيم نزلت على ملامحه، كانت تعبيرًا عن الرضا الخالص حين أمسكت يده.

سار بها يقترب من الأمواج عند كل خطوة يخطوها، مع الحفاظ على مسافة آمنة من الأمواج الهائجة.

في تلك الدقائق، قررت الشمس الغروب لتأخذ آخر بريق الدفء الذي أكرمت به عليهما وسط ذلك النسيم. لكن اللحظات الأخيرة قبل المغيب لم تنقص شيئًا من جمال الأجواء، بل زادتها رومانسية ودفئًا.

كلحظة يطالب كل جزء منهما بدوامها مع يقين تام بأنها لن تغدو أكثر من ذكرى ستعلق في أذهانهما ولن تفنى.

وسط تلك اللحظات الحسية، وعود صامتة واعترافات غير مسموعة.

رفع يده إلى خدها يداعبه بلطف، تعبيرًا عن رغبته المخفية في أخذها معه إلى آخر بقعة في الأرض لتكون له كليًا دومًا وأبدًا، ثم قال بنبرة رقيقة:

"هل سبق لكِ أن سافرتِ من قبل؟"

نفت برأسها بهدوء دون النظر في عينيه: "كيف أسافر وأنا أمتلك مشعوذة شمطاء في المنزل؟"

نظر لها بابتسامة مطولة ثم ضحك بخفة على قولها لتتبعه هي بنفس الفعل.

مرر نظرات دافئة على ملامح وجهها كأنه يحفظها، ثم قال بعد صمت: "ما رأيك بروما؟ طوكيو...نيوزيلندا؟ أي مكان تنجذب له روحك... محاطة بالفن، الأدب، الثقافة، وحتى الطعام.
مكان يغمرك فيه الحب وتنعشك فيه الحرية. مكان لا يوجد به مشعوذ في حياتك غيري."

ضحكت بخفة على شغفه أثناء الحديث، ثم مالت نحو يده التي تحيط بخدها لتتكئ عليها.

inside the mirror | داخل المرآة  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن