عِـبق٣

359 23 21
                                    








.
.




1890م
نَـجد - ليلة الجُمعة

شاح بنظره عن البدّر اللي تزيّن بالنجوم والغيوم المتفرقة وهربت من شفتيه تنهيده ، و جزَع يسري داخل جسده من ضيفه النائم بمجلسه ..

لفت إنتباهه رجفه يده وشد عليها بسخرية ، وباله سرح بماضٍ بعيد وتحديدًا لليوم اللي هرب فيه من ربعه و دموعه طغت على خدّه

لليوم اللي أنهش فيه الظّلم حنجرته ، وبدّدَ روحه الباليه وإجِحافها بقوّه و تكبّر ليُتمه ..

ضحك بسخريه ، الآن الـكُل يضرب لـه حساب و يثمّن كلامه قـدّامه خوًفا و رهبه منّه لأنّه سبّاق للـشر أكثر من الـخير ،ليله وحده فقط

لعبت بـموازينه ، غيّرت كيّانه الماكِث ، و تفكـيره الأهـيَف  ..

" حـاتم "

إلتفت لصاحب الصوت و إبتسم بسخريـه و ردّ

" حيّ الله هادي "

وقـف هادي قدّام حاتم بـقهر و جلس على ركبتيه وإنحنى رأسه و همس بنبرة ذليله ، مُهانة

" تـكفى يـا حاتم ، سامحني أنا وأخوي "

حـاتم صد بنظره عنّه و هربت من شفتيّه ضحكة ساخره ، و شـعور يسري بداخله مُستلذ بمنظر هادي الذّليل و ردّ

" شف غرورك إلى وين ورّدك يا هادي "

هادي غمّض عيونه ويده تشّد على ملابسه و ردّ بعجز

" حاتـم لا تقّسي قلبك عليّ أنا و سهيل "

حاتم نهض من مكانه بملل وعدم إهتمام لهادي اللي رفع رأسه وملامح وجهه تشوّهت بخُزي ، و خنوع و رجفه ملأت صـوته

" تـ تكفى أرجيك رجوى اللي من الموج خايف ! "

-من الموج خائف - ؟ ، هربت من شفتيه ضحكه خفيفه ساخره وهو يردد هالكلمَات بذهنه و يتسأل ، وتبعت الضحكة الخفيفة ضحكة عميقة ..

و ردّ بعد ما هدأت ضحكته و ببرود

" الموج اللي إستأمنته يا هادي لا تستغرب من هيجانه "

ما سمع أي ردّ من هادي اللي تكسّرت مجادفِيه بعد كلماته و ضحكته الساخره ، غمّض عيونه بندم و تمنّى الماضِ لو يرجع بس ساعه يصحح فيه غلطته

بحق الطّفل اليتيم .. الطفّل اللي رد ثـأره بطغيان و تكبّر ..

" تـ كفـ ى "

عِـبقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن