مضت علطلة رأس السنة هانئة رفقة الأصدقاء ، وبشرت ببداية سنة افضل من سابقتها ، كنا على موعد مع بداية عام 2009 ، تمشيت وحيدة أمام مقهى جاس ، حيث احتفلنا سوياً وخضنا غمار أول لحظات صباح السنة الجديدة ، حبات الثلج تهطل رويداً رويداً و منظر السماء المملوئة بالنجوم البراقة وألوان ألألعاب النارية على شكل زهرة تتوزع فتهطل كالمطر ، أشم ريحَ البارود وتنزلقُ دموعي ، سافرت بذاكرتي واحداً وأربعون عاماً للوراء ، بدون خطة .
أربعة عوائل مجتمعة على سطحِ منزلي في فرنسا - حي الشابل ، ليلة رأس السنة ، آخر ثواني قبل إستقبال العام 1969 ، نعدُ تنازلياً من عشرة إلى صفر الصرخة الأخيرة ، ومضة من عند الرقم خمسة في الحاضر ودمعة سالت على الماضي ... أربعة ... ثلاثة ... إثنان .. واحد ، وهتاف ينبلج من حناجر آبائنا الثمالى من الفرحة ، وصياحنا نحن الأصدقاء الأربعة ، وفي يدينا النجوم البراقة نلوح بها ، وكلما قُذفت إلى السماء ألأعيرة النارية ، صرخنا وقفزنا ، أنا وسالي ، أفسدت الرياح شعرنا المسرح بعناية ، وفقدت أنا إحدى ربطات شعري الثمينة وأنا أطارد خلفَ العم بيلسون والد يوهان ، كي أشعل الفتيل بالقداحة ، الصاروخ في قارورة زجاجية ، صفٌ كامل ، تنطلق الأعيرة كالصواريخ وتنفجر بالسماء أزهاراً نارية. ملونة وكأننا في السيرك ، ألكثير من المفرقعات ، لا نغادر قبلَ أن نفجرها على آرخرها ضرب المزامير وأبواق السيارات ، في الشوارع العامة يصم الأذن ، ذكريات تلك الطقوس لاتغادر خيالي ، وفي الختام ، نتناول وجبة السنة الجديدة والتحلية الفريدة ، حلوى الكراميل بالشوكلاتة والنعناع والمعكرونة بالصلصة واللحم ذو الحواف المدهنة والعديد من الأطباق الجانبية .
كنا نبلغ من العمر ستة سنوات تقريباً ، سالي تكبرني بشهرين ، ويوهان وسايمون الصبيين الذين تربينا معهما وعشقناهما سراً وعشقونا حالما باغتاهما النضج ، سايمون الأكبر ويوهان يصغره بأشهر ، كانا قد تقاسمانا قبل أن ندرك ، يوهان إستحل لنفسه سالي ذات الشعر الفاحم والعينين الزرقاء ، وسايمون قال أنني سأكون مُلكه رغماً عني ، أنا الصهباء المنمشة ذات الجبين المرمر والعيون الخضراء .
صعدنا على ظهورهما ، لنشاهد عرض الألعاب النارية ، سالي آنذاك لم تكن تهتم أي ظهر ستصعد ، أما أنا كان يهمني ، حملني سايمون وكأنه أمر مقتضى ولا جدال فيه ، تعالي أيتها المنمشة ، ينحني فأصعد على ظهره بلا أقل اعتراض ، وعيني معلقة على آمالي ، كنت أريد إمتطاء ظهر يوهان لأني كنت أحبه ، وفي كل الألعاب التي لعبناها تطبق القسمة عينها ، في المزاح او الجِد ، سالي ليوهان وأنا لسايمون ، في المسبح وفي النزُهات والرَحلات وعلى ظهر الفرس ، وفي طريق العودة للمدرسة ، وحتى عند الوجبات كان كرسيّ بجانب سايمون ، وكان هذا قدري ، ألذي لم أجرؤ على الإعتراض عليه .
أنا وسالي كنا صديقتين حميمتين ، لم يسبق لنا الشجار - شجاراً يولدُ كرهاً ، اللهم بعض الخلافات، أيام الطفولة كنا على وفاق دائم نُحسَدُ عليه ، فتاتين من أرقى العائلات الأرستقراطية ، والديّ البروفيسور في علم الأحياء ، باروم ريتشموند ، وأمي السيدة كاميرا ڤالداني إبنة الجنرال المتقاعد باشكال ڤالداني ، وسالي خليلتي ، نسبها لم يكن يقل عن نسبي ، فهي إبنة الصائغ الأشهر في فرنسا ، كريستي بييرموند وأمها إمرأة مرفهة ، إيطالية الجنسية تدعى كونستانزا بيلوتشي .
أنت تقرأ
BRILLIANT LOVE [ قِـسـمَـة عَــدل ]
ChickLitلم اكن اعرف من قبل أن أمي صارمة الى هذا الحد ، عندما كنت طفلة كنت على يقين تام لا يقطعه شك ، بأنني محظوظة لأنها هي أمي ، حنونة ومراعية وظريفة وضحوك ، اما الآن ، بتُ اشكُ أنني أحب أن أحدثها اصلاً ، وفي بعض الأحيان سمحت لنفسي بالظن بأني أكرهها ، إذ لم...