إنعدمت ثقتي بنفسي خلال فترة قصيرة ، وغدوت أسبح في بحر من الغَم فعزوت الجزء الأكبر من تعاستي لردة فعل سالي العدائية تجاهي .
كنت أضيع جُلَ وقتي بالمكتبات وأنفق مدخراتي ومصروفي على الكتب والروايات وأمور تافهة لا أحتاجها ، أركنها في الزوايا لتملئ فراغَ روحي . ونادراً ما خرجت أولَ أسبوعين من العطلة ، وقد حلَ الشتاء باكراً ، في منتصف أكتوبر هطلَ الثلج أول مرة ، وغطى أسطحَ وشواع المدينة ، قتامة السماء الملبدة بالغيوم الكئابية ، صنعت مني فتاة آكولة ، و على إثر الجو الرطب وإلتهام الطعام بشراهة سراً ، أكتنزَ جسدي وبرزَ صدري أكثر فلجأت للحمالات وودعت المشدات .
فكنت بلا أي مجهود يذكر أضيع جُلَ نهاري بالنوم وفي الليل أستمع لأشرطة الأغاني متمددة على بساط أرضي كنت في الماضي أجلس وسالي عليه ، وماذا عن الآن؟ ، أرسمُ أشكالاً في الهواء وأردد كلمات الأغنيات و ضجيج الموسيقى في سماعات الرأس يغطي على ألمي ويمحو أوجاعي ، لكن لا تستطيع منع دموعي من الإنهمار .
ولأن ليالي الشتاء لا تنتهي كنت أسهر للقراءة ، أمام النافذة والثلج يهطل ، روايات رومانسية وبوليسية وكتب عن الفلسفة والحروب ، أقرأ كل ما يقع تحتَ يدي ، كي أنسى جحيم حياتي ، ومع بزوغ أو خيوط الفجر أخلد للنوم حتى الظهر . أستيقظ مهدودة برأس يشله الصداع ، ولا رغبة لي بالنهوض من السرير .
أتناول الغداء تحت تذمر أمي بشأن نمط حياتي المقلوب ، ولأننا لم نكن على وفاق وشعور أنني لا أطيق سماع صوتها يزداد ، كنت أتجاهلها ، وهي لم تكن تعيرني أدنى إهتمام بالمقابل ، وكأنني لستُ إبنتها ، وبالمقارنة أنا لم أكن أشبهها في أي شيء ، فهي بيضاء بشعر نُحاسي ناعم وخفيف وفاتنة الملامح ، وأنا صهباء منمشة بشعر متموج بوجه ممدود وقبيحة ، كل من رآني رفقتها لم يكن ليعرف من تلقاء نفسه أنها أمي وأنا أبنتها ، ولسبب ما هذا الإختلاف لم يسحوذ على مجال تساؤلاتي ، فبكل الأحوال ، أنا لا أرغب أن أشبهها ، وسعيدة بإنعدام الشبه بيننا .
بيني وبين نفسي ، أقول أنني لا أحبها وكنت أشعر بالذنب ، أحياناً . وأبكي وألوم نفسي ، لكنها الحقيقة ، كنت أبرر في سري ، قسوتها مذ بدئت بالبلوغ وهي بإزدياد ، وكأنها لم تعد تتقبلني ، وتشعر بالعار مني وتكرهني لما أنا عليه ، نظراتي تزعجها وأفكاري وتطلعاتي تسبب لها الضيق ، أحلامي تقولُ أنها تافهة عمداً كي تشعرني بإنعدام القيمة ، لم تكن تحبني ولا تطيق أن تسمع مني كلمة أو همساً ، وتحطمني بكل وسيلة تتاح لها ، نفسية ومعنوية، فتولد كرهها رغماً عني .
عادَ سايمون وإستئنفَ نشاطه ، فراحَ يخصص أكثَرَ وقته ويسخر نفسه لهدف واحد ، ألآ وهو ليلاقيني حالما خفت ضغوط الجامعة عن كاهله ، يتصلُ على هاتف المنزل ويطلب رؤيتي بإستمرار ويلحُ بالطلب ، وكنت أرد بسرعة كي لا ترَدَ أمي عليه ، لم أكن أطيق أن تسمعه كلاماً فتوجه إلي سهام إتهاماتها .
أنت تقرأ
BRILLIANT LOVE [ قِـسـمَـة عَــدل ]
Chick-Litلم اكن اعرف من قبل أن أمي صارمة الى هذا الحد ، عندما كنت طفلة كنت على يقين تام لا يقطعه شك ، بأنني محظوظة لأنها هي أمي ، حنونة ومراعية وظريفة وضحوك ، اما الآن ، بتُ اشكُ أنني أحب أن أحدثها اصلاً ، وفي بعض الأحيان سمحت لنفسي بالظن بأني أكرهها ، إذ لم...