على طاولة مدورة تتوسطها باقة من زهور اللوتس الأصطناعية الملونة ، تتربع بتؤدة على كرسيها الخشبي الكبير بالنسبة لها ، تحيطها أختاها ووالدتها من كلا الجانبين ليتشارك الأربعة وجبة الغداء بروية ، ككلِّ يومٍ عائليٍ عادي ، تمسك شوكتها باليمين وباليسار سكينها ، ومنغير ذكر ماهية الطبق الذي تضعه نصب عينيها إنهالت أختها المزعجة بالنسبة لها والتي تكبرها بثلاث سنواتٍ بتوجيه التوبيخات ناحيتها :
" لما تتعمدين التغيب عن المدرسة ها؟ يكفيكِ تكاسلاً وإلتزمي بالدوام "بينما نطقت الأم : " من الغد يا لميس الغياب ممنوع ! كوني فتاةً مجتهدة فالفتاة المجتهدة تلتزم بالدوام حتى آخره "
تكلمت لميس بتذمر : " أنا لا أحب المدرسة "
أخذت والدتها تكرر كلامها الذي تشرح فيه أهمية المدرسة للأطفال وكم إنه مكانٌ جميل وكم هي الصداقة مسلية هناك ، لكن للميس مفهوماً آخر ، مفهوم لم يتغير ولا يمكن لأحدٍ من أفراد عائلتها فهمه .
بقيت لميس مصرة على موقفها حتى واقفت أخيراً على الذهاب بشرط أن تأتي والدتها معها ، وأن تجلس معها وتبقى بجوارها حتى النهاية ، وافقت الأم بلا حيلة عندها على أن تذهب للمدرسة يومياً بعد ذلك .
في صباح اليوم الثاني وتحديداً على الساعة السابعة صباحاً ، إستيقظت لميس مع أختيها لتستعد للذهاب ، ركبت الباص إلى جانب والدتها وعُلا حتى أخذت المنازل تتحرك من كلتا جانبيها ، لم تحب يوماً ذلك المكان المدعو بالـ" مدرسة " كان أشبه بسجن مزعج حيث تقوم المعلمات بمعاقبتهم وتعاملهم كالسجناء وتقوم بِإعطائهم الواجبات والإمتحانات كل يوم ، حتى تكاد تختنق وهي تدرك أنهم سيستمرون بفعل ذلك حتى آخرِ يومٍ في حياتها ..
وصلت المدرسة لتتوجه الإثنتان للصف ، جلست لميس على مقعدها بينما بقيت والدتها واقفة بجوارها تتقاسمان أطراف الحديث ، إستمر الأمر على حاله حتى رن الجرس معلناً عن بدء وابل الدروس الذي سينهال على تلميذتنا الصغيرة ..
دخلت المعلمة الصف وسرعان ما توجهت الأم ناحيتها ، أخذت الأم تقدم نفسها بتواضع وإحترام للمعلمة وأخذت المعلمة بدورها ترحب بها وتمتدح خُلُق وحسن تلميذتها العزيزة " لميس " ، شعرت لميس بالراحة مما رأته من حسن توافق المعلمة مع والدتها ، وقد إبتدأت بفتح قلبها الصغير لهذه المعلمة التي ظهر بأنها تراها كفتاةٍ مطيعة ، لكنها في أعماقها لاتزال غير مرتاحة لهذا المكان ..
إستأذنت والدتها لتنصرف وتسمح للمعلمة بأكمال عملها ، أودعت لميس تحت رعايتها بينما قالت لإبنتها بإبتسامة :
" لميس كوني مطيعة للمعلمة .. "
أنت تقرأ
رِحلةٌ إلى سَقَر
Misterio / Suspensoعليك فقط الإستسلام وفرد يديك مرحباً بالقَدَر الذي ينتظرك.. إذا كان الموت هو المصير المحتوم.. وكان لابدَّ من الخطو باتجاهه، فهل سَتُناضل لخوض الرحلة؟ رحلةٌ إلى سَقَر..