مرة أخرى في تلك الفيلا الفارهة، كان عمر الطفل الصغير ذا العشرة أعوام يقف في الحديقة الواسعة وبيده كرة
نظر حوله ثم أبتسم بحماس وتركها من يده، وظل يتعامل مع الكرة بقدمه بمهارة؛ لكن بسبب صوت صافرة من الفيلا المجاورة جعلته يتشتت ووقعت الكرة منه على الأرضية
وتدحرجت حتى وصلت لقدم ذلك الفتى الصغير، صاحب العيون الخضراء الذي يبدو في السابعة من عمره.
نظر له عمر قائلًا بانزعاج:
_هات الكورة بتاعتي هتوسخها.نظر له الفتى، ثم امسك الكرة بيده قائلًا بنبرة يشوبها الحزن:
_ بس أنا نضيف مش متوسخ، أنا بشوفك بتلعب ونفسي ألعب معاك.نظر له عمر بقرف، قائلًا بنبرة يشوبها الاشمئزاز:
_بابا قالي أن ولاد الخدامين مش نضاف وفيهم جراثيم وإني ملعبش معاك علشان ميجيليش أمراض.ترقرقت الدموع في عين الأخر، وتقدم من عمر يمد له الكرة؛ فأخذها عمر بعنفٍ منه وأبتعد بعد أن رمقه باستحقار
وأخذ يلعب مجددًا لكن لفت انتباهه الطفل الذي جلس على الأرض، وظل يبكي واضعًا يده على فمه لكتم صوت بكائه وشهقاته.
نظر عمر له وقد شعر بالحزن ورق قلبه له؛ فاقترب منه وكاد يلمسه، لكنه أبعد يده مجددًا؛ خوفًا من الجراثيم كما أخبره أبيه.
لكن رؤية بكاء الطفل يتعالى جعله ينظر له بتعاطف، ومد له الكرة قائلًا بنبرة لطيفة:
_تقدر تلعب معايا، أنا موافق خلاص.
نظر له الطفل ومسح دموعه بيديه بطفولية، وابتسم قائلًا:
_بجد!_ايوة، بس مينفعش بابا سليم يعرف.
هز الطفل رأسه عدة مرات بحماس، فمد عمر يده له بتردد قائلًا:
_أنا عمر ومش عندي مشكلة نبقى أصحاب.ابتسم الأخر قائلًا:
_وأنا اسمي آدم ونفسي من زمان نبقى صحاب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .مرت هذه الذكرى سريعًا على عقل عمر، عندما كان ينظر لصندوق طفولته الصغير، ووجد الكرة وقد كانت فارغة من الهواء
ابتسم فلطالما سأله الجميع عن لماذا جعل آدم مساعده الشخصي، ولماذا يمزح معه هو فقط دونًا عن الآخرين، وما لا يعرفونه أن عمر وآدم أصدقاء من نوع خاص.