4. مُنهك.

57 5 0
                                    

- وداعًا سورا الجميلة، سيشتاق لكِ عمّك كثيرًا كثيرًا كثيرًا كثيرًا- 
مسحتُ على وجنة إبنة أخي الرضيعة بلطف و كنتُ على وشكِ مغادرةِ منزلِهم عندما أوقفتني زوجتُه بندائها المتردد. 

- جوشوا.. أرجوك فلتخبرنِي بالحقيقة و لا تتهرّب، هَل من جديد ؟-
سألتنِي و الشجنُ قد أخذَ حيّزًا كبيرًا من نبرتِها و ملامِحها التي ذبُلت كثيرًا بعد أن استغرق آيسول طويلًا بين أفرشة المشفى الخانق.

و لقد كنتُ أشعر بذلك، أشعر بخوفها المتزايد مع كُل غروب شمس يوم و بدايةِ آخر، خائفةً من إتصال صادر من المشفى، يدمرّ خططًا بنياها منذُ بداية مواعدتهما تاركًا لها إبنةً رضيعة بين يديها.

- ليسَ بعد يونجين، كل ما سأخبركِ به أن تُكثري من الدعوات-
قُلت و غادرت مباشرة، لا قوة لِي لمشاهدةِ دموعها الحارقة تجري، و لا أستطيعُ الصمودَ أمامها أكثر، أودّ البكاء وحيدًا.

و بعدها بثوانٍ قد صدحَ نحيبُها المتألّم حتى وصلنِي خلفَ الباب، فعضضتّ شفتايَ أكبحُ شعوري حتى وصلتُ سيارتِي و هناكَ بكيت، و قُدت حيثُ مشفى الكلى.

- هَل من جديد أيّها الطبيب ؟-
سألتُ الطبيبَ الخاص بشقيقي فورما دخلتُ معه لغرفةِ آيسول المستيقظ رغمَ وهنِه المهلك. و رغمَ ذلك قابلنِي بإبتسامة ضعيفة ارتسمت على محياهُ المصفرّ، و قابلتُه بأخرى واسعة لا تصفُ سعادتي برؤيته يقظًا فإقتربتُ أقبّل رأسه بشوق.

و لكن عندما سُحبت جانبًا بسبب الطبيب الجادّ قد إختفت بسمتي، و أظلمَ كُل شيء بالنسبةِ لي.
- لن أدعكَ معلقًا في آمال زائفة هونق، الكليةُ البديلة ضعيفة للغاية، و إن لم نَجد متبرعًا بحلولِ الشهرِ القادم.. قد تتعطلُ الكلية و ..-

- حسنًا، أرجوكَ لا تُكمل.. أرجوك-
ربّت على كتفِي يغادرُ بعدها الغرفة تاركًا إيايَ أنهارُ بصمت، أبكي و أشهق بصمت، أخافُ أن تصل شهقاتي لآيسول فتزيده همًا.

عليه أن يبقى قويًا لأن الأمل ما زال موجودًا. و لا اعلم ما فائدةُ القوة في حالتنا هذه.

إقتربتُ منه بثباتٍ مصطنع بينما ركبتاي ترتجِف و جلستُ في كرسيّ حذاه، أراقب يديه المصفرّتين و التي نالت منها الأنابيب و ثقوب الحُقن.

رسمتُ بسمةً على ثغري لرؤية عينيه الباسمتين تحدّق بي. و باقي وجهه الذي يشبهني متوشحّ بقناعِ الأوكسجين.

- ستكونُ بخير سول، الظلامُ سينقشع و الصباحُ سيأتي بلا شك، لا مطرَ يدوم و لا شتاء سيبقى، كل ما عليكَ هو الثبات في وجه العاصفة، من أجلي و من أجلِ يونجين.. و سورا، لقد كنتَ متشوقًا لتشهد أولى خطواتِها، أولست ؟.
و مجددًا، بكيت.

التسعيناتُ مَعك - جيهانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن