الأخير.

100 7 1
                                    

بعدَ بضعةِ أشهر ~
العام الثاني و العشرون بعد الألفين.

- مرحبًا ~-
أعلنتُ وجودِي داخل المتجرِ العتيق تقريبًا بعد الزوال، حيثُ كان لقاءنا الأوّل، بعدَ رسالةٍ ورقيةٍ تلقيتُها منكَ البارحة.

- كعادتِك.. تصلُ مبكرًا -
قلتَ بضحكةٍ عذبة تستقبلني بعناقٍ محكَم، عناقٌ إنتشلَ تعبَ يومٍ كامِل، جزء منّي أبى الإفتراق، و لكنّك فعلت لتسحبني حيثُ أريكتنا المعتادة محضرًا القيثارة و أكوابَ القهوة.

- ما الذي تنوي فعلَه هذا الأسبوع ؟-
سألتني ترتشفُ قهوتكَ بينما تتكئ برأسك على كتفي.
- في الواقع، لقد تمّت دعوتُنا لتناول العشاء بمنزِل آيسول غدًا، يونجين تُصرّ، فهل أنتَ متفرّغ ؟-

- و هل سأفوّت فرصة رؤية سورا و تناول الطعام الأمريكيّ؟ هذا مستحيل-
- أنتَ تحبّ سورا كثيرًا -

- و أحبّ عمّها كذلك ~-
- توقف عن رفع حاجبك بهذه الطريقة، تبدو أخرقًا- 
قهقهنا. و تلكَ النافذة أمامنا، كانتَ تعرض صورةً خلّابة لأزهارِ الكرز المتفتحة ورديّة اللون على طولِ الطريقِ و حتى نهايتِه، فبعدَ الإنتظار الطويل، قد حلّ الربيعُ بعدَ كُل شيء ~

- ما الذي تريدُ أن أعزفه لكَ الليلة ؟-
قلتَ تميلُ لأخذ القيثارةِ من الأرض لآخذها منكَ على الفور ليبدو التفاجؤ على محياكَ.

- الليلة، أنا من سيعزِف لك، فأنا اليومَ طوعُ أمرك يا أميرَ المملكة-
قهقهتَ عاليًا لظنّك أني نسيتُ الرسالة قبلَ أشهُر، و لكنّي لن أنسى، فكلّ الرسائل التي تبعثُها لي محفوظةٌ في قلبي قبلَ أن أطويها بين أرفف خزانتي لتظلّ مخلّدة.

أنا عزفتُ لحنًا تحبّه، و أنتَ لم تتمالَك ذاتَك إلا و قمتَ تغنيها بصخب و ترقُص، و أشعرُ بحقيقيةِ اللحظة معك، و أشعرُ بأنني لا يمكن أن اكونَ اسعد من ذلك، و عندما أراكَ أمامي تحدّثني عن يومك و تغنّي لي بإبتسامة، تثبتُ لي أنني مخطئ دائمًا، فكلّ يومٍ أقضيه برفقتك تتضاعفُ سعادتي.

- يا إلهي جونقهان تعالَ إليّ-
لم أتمالك ذاتي و أدمعت عينايَ لهولِ ما شعرتُ له فقمتُ أحتضنك طويلًا، و أجزم أن هذا كان أطولَ عناقٍ دارَ بيننا، و حتمًا ليس الأخير.

- لما الدموع جوش ؟-
سألتني بهدوء و برقةٍ أخذتَ تمسحُ بكفّك على ظهري المنحني حتى يحتويكَ بأكمله.

- لا أعلم من أين أبدأ ! و لكنكَ شديدُ الجمال، جميلٌ مفرطٌ في الجمال، لدرجة إنتابتني رغبةٌ قوية في البكاء-
قهقهتَ قليلًا ما زلنا نتعانق كما منذُ الأزل، لكنكَ شددت علي أقوى، و أرحتَ رأسكَ على كتفي، الذي خلقَ فقط لترتاحَ عليه.

- لا تتركني يومًا، جوشوا -
أنتَ يا من عشتُ معكَ حرارةَ مراهقتي الضائعة، يا مَن إحتويتني كطفلٍ بين أذرعك عندما لم أجد حنانَ الوالدين، و يا من أسكنتني صدرَك عندما عجز موطني عن إحتوائي !.

- لن أفعل أبدًا، جونقهان -
جعلتني أشعرُ بأن جهادي في الماضي كانت ثمرتُه أنت، أنتَ الخلاص، منفذي و آسر مهجتي و أثيري أيها السريالي !، و أنا أحبّك.. مهما كانت هذه الكلمة عاجزةً عن التعبير عمّا أحمله بداخلي من شعور، و لكنني أحبك، أكثرَ مما تتصور اللغة، و أكثر مما نتصور !.

لنعش بقية أيامنا و كأنها الحلقةُ الأخير، لنعشها كلها فرحًا غير آبهين بالأمس و لا نكثر التفكير بالغد، لطالما أكفّنا متشابكةُ الأنامل، نحنُ بخير.

المُخلص لكَ دائمًا، من سيحبك دومًا و من سيبقى دومًا بجانبك إلى أن يشيبَ شعرُك، و من سيعِدُك بأنه سيحتضنك دومًا كما المرةُ الأولى: جوشوا هونق.

النهاية ~

التسعيناتُ مَعك - جيهانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن