𝐏𝐚𝐫𝐭 𝟎𝟒 : المصعد

51 5 0
                                    


لا تُجرب أن تلعب الألعاب مع شخصٍ يتقنها أكثر منك
-----------

اندفع كاتسورو على دراجته النارية وكأن الرياح ذاتها كانت تبارك طريقه، زاحفة حوله في دوامة متسارعة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

اندفع كاتسورو على دراجته النارية وكأن الرياح ذاتها كانت تبارك طريقه، زاحفة حوله في دوامة متسارعة. ارتفعت سرعتها مع كل نبضة قلب، وصدى ضحكاته امتزج مع هدير المحرك وكأنها موسيقى حماسية تعزف في سماء الليل وإنما هو في الصباح. كان الأمر أشبه بلحظة انتصار، وكأنه حاز على الجائزة الكبرى في اليانصيب، لكن كل ما اشتعل في داخله هو شحنة من الأدرينالين، تنبض بقوة في عروقه. ارتفعت القشعريرة اللذيذة على طول جسده، السرعة نفسها تحيا بين خلاياه.

المخاطر؟ كانت بالنسبة له أشبه بلعبة ممتعة، لا مكان للخوذة أو للحذر في عقله المليء بالأفكار الجريئة. رسمت الابتسامة الواسعة طريقها على شفتيه، غارقة في النشوة التي تمنحها السرعة، والعالم من حوله تلاشى ليترك له ولأفكاره الساحة فارغة.

توقف أمام بوابة إحدى أكبر الشركات في إيطاليا، «شركة سوبرنوڤا المستعر الأعظم للعقارات». بدا المبنى كأنه كتلة سوداء ضخمة، تفرض حضورها بثقل وسلطة لا يمكن تجاهلها. تحت ظلال ناطحات السحاب العملاقة التي بدت وكأنها تتسابق نحو السماء، كان هذا الصرح الزجاجي يلمع بواجهته كالمرآة، عاكسًا أشعة الشمس المتراقصة على المباني المحيطة. كل تفصيلة في هذا المكان كانت تتحدث عن العظمة والهيمنة، من التصميم الفخم إلى القوة الطاغية التي تنبثق من كل زاوية. في الأعالي، كانت الطوابق تعج بالمكاتب التي تنبض بالحياة والعمل المتواصل، أما المدير التنفيذي، الذي جاء كاتسورو للبحث عنه، فقد كان في أحد تلك الزوايا البعيدة، خلف الجدران الزجاجية الشفافة، مرئيًا للجميع لكنه بعيد كل البعد عن متناولهم، وكأن وجوده هناك يعزز من الهالة التي تحيط به.

تسللت إلى ذهنه لمحة من الماضي، كوميض خاطف اخترق عتمة أفكاره الثقيلة، فجعلت ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه بينما كان يهبط من دراجته النارية. أشعل سيجارة بهدوء، وضعها بين شفتيه كمن يلتقط أنفاسًا من ذكريات بعيدة، يستنشق الدخان ببطء ويتلذذ بزفره بتأنٍ، عيناه تغلقان براحة بينما يسند وركه على الدراجة. تلك الأيام التي مر بها، كالصخور التي حفرت في روحه خطوط القوة، عادت إليه فجأة، لا لتثقل كاهله بل لتذكره كيف أصبح ذلك الشخص الذي لا يأبه بشيء. كانت ذكريات بعيدة في الزمن، لكنها اقتربت بما يكفي لتبعث في قلبه سكينة ممزوجة بابتسامة هادئة.

𝐇𝐞𝐥𝐥 𝐎𝐟 𝐒𝐩𝐚𝐝𝐞𝐬 | جحيم البستوني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن