البارت الثاني

552 13 3
                                    

"
-
-
-
وصلت لباب غرفة العمليات اللي المفروض تقام فيه العملية ولكن عقدت حواجبها تشوف الدكتور خارج الغرفة وسرير المريض عليه بقع دم وغير موجود بإستغراب : المريض ؟
ناظرها لثواني وصد يحكم ربطة الكمام يأشر بسبابته لفوق : إخلاء طبي
حركت عينها بغرابة وهي تقول : بس ما وصلتنا معلومة كذا
عدل وقفته من طلعوا باقي الطاقم وهمس بصوت مسموع : ومن أنتي عشان يوصلك
رفعت حاجبها لثواني وهي تضحك بذهول من ركبوا للمصعد كلهم واللي أثار إستغرابها إنهم طلعوا للمواقف اللي فوق ، هزت كتفها بعدم فهم ولا إدراك للي يصير ونزلت تحت متوجهه لمكتبها
-
ركب سيارته فوق وهو ينزع الكمام والنظارة وهو يشوف رنين جواله بإسمها : إختصري
إبتسمت لردّه السريع وهي تقول بضحكه : ما توقعـ
قاطعها بجمود ينهي طول الحديث بينهم وهو ينطق : إختصري رزان
هزت راسها بالإيجاب تشتت نظرها : طيب حبيبي كنت بقول لك جانا إخلاء طبي قبل شوي وهذي المرّه الرابعة بهالإسبوع !
حرك سيارته يطلع من المستشفى كامل ورد عليها بنفس النبرة : وين المشكلة؟
إبتسمت وهي تقول بحزن : تقول علميني ولما أعلمك هذي ردة فعـ
قفل الجوال ينزله بحضنه وهو يمسك جواله الثاني اللي يرن بإسم "عيّاد" : أسمعك
دخل إيده بشعره ينثره وهو يتكلم بملل : منت بجاي ؟ كل شوي يسألون عنك
وضّاح : بالطريق
هز راسه بالإيجاب يقول بشفره : فلّ الحمام من يمّك؟
إبتسم وضّاح بسخريه وهو يراقب الطريق اللي صار خالي قدامه : قد هو فوق ، ثواني وينزل لسطحك
وفعلًا كانت ثواني وسمع صوت الهيليكوبتر اللي منع وصول صوت وضّاح بوضوح وتطاير الرمال القوي اللي خلّفه هبوطها ، ونزّل جواله عيّاد بعد ما قفل منه وهو يضحك ويغطي عيونه عن الرمل : والله وخلصنا
كانت قرابة النص ساعة من قفل عن عيّاد ، دخل أخيرًا بإتجاه الخيام واللي يعرفها كل من بالمنطقة بإنها مقصد يتجه له كل من ضاقت به السبل في وجود أبو وضاح " الشيخ جابر آل حارث " ولكن هُجرت الآن وصار محدود للعائلة فقط ، كانت مجموعة خيام يتوسطها بيت شعر من الطراز الحديث وممشى يتفرّع منه لكل خيمة طريق مفروش بزل يغطي وعورة الممشى ، وقّف سيارته بجانب باقي السيارات وهو يشوف الإضاءة البيضاء تبدأ من نصف الممشى إلى بيت الشعر وظهرت على ملامحة إبتسامة جانبية صغيرة وهو يشوف نزول عيّاد من بيت الشعر والأكيد إنه متوجه له بما إنه أعطاه علم بموعد وصوله ، نزل يمشي بخطوات مهيبة وثبات مرعب من هيئته اللي بالرغم من إنه لابس ثوب فقط بدون شماغ إلا إنه بغاية الجديّه ، سلم على عيّاد يسأله بهدوء : قضيتوا ؟
عدّل شماغه وهو يسمع سؤال وضاح : أوه لي زمان بس أسمع داخل أربعة أشخاص والد البنت وعمها وخوالها اثنين ، كلامهم مكسر ما يعرفون يصفون كلمتين على بعض بس احتياطًا إلبس كمامك وخل النظارة عليك
هز راسه بالإيجاب يلبس الكمام والنظارة وهو يدخل خلف عيّاد وهو يرمي السلام بجهورية : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ضحك عيّاد يرص على أسنانه : انا اقول لك ما يتكلمون عربي تسلم ليه؟
ولف نظره لهم من كسى ملامحهم الهدوء والرهبة كانوا حتى بسمته الجانبية يشوفونها مخيفة من حدّة ملامحه العربية ومن عينه اللي تناظرهم بحده قادره تحرق الشخص بنظراتها فقط وجلس بصدر المكان يتكلم عيّاد عنه : جون هذا السيد الكبير وهو الذي سيساعد أبنتك وقد
إلتفت لوضّاح وهو يعقد حاجبه : شلون بقول لهم ؟
رفع حاجبه لثواني وثم نطق يكلم الأب : جبت لك الكبد
هز الأب راسه بالإيجاب يأشر على عيّاد وهو مبتسم : لقد أخبرنا المحامي عن ذلك لكن
إلتفت يناظر للي معاه وهو يبلع ريقه ونطق أخيرًا بتردد يقول : ماذا لو أذت ابنتي؟
ضحك وضاح بسخرية يقول : بلغ الشرطة !
وإحتدت ملامحه يعدل جلسته : ما حنا ببزران لجل نلعب عليك ولا حنا بفاضيين لجل نغشّك ، وصلت لي وكلمتني وقلت لك تم يوم إن جاء موعد الدفع صارت روح بنت غالية ؟
وقف الأب تزامنًا مع وقوف وضّاح وهو يقول بخوف يبان في نطقه للحروف اللي ظهرت بلكنة عربية : لم أقل هكذا بس عشا
إنقطع حتى نفس الأب مو بس حروفه من لف عليه مصوّب سلاحه على راسه بخفّة ومهارة وإيد متمرسه لف فيها إيد الأب وهو ينزله لتحت جلوسًا على ركبته ، وحط ركبته على ظهره يسأله بهدوء وما كأنه أشعل عاصفة للتو : من مرسلك؟
هز راسه بالنفي يحاول يشوف أهله اللي كانوا كلهم جالسين بمكان واحد وأسلحة عيّاد مشهره في وجيههم ، وتكلم بألم وخوف يقدّم إعتذاره لوضّاح : انا أعتذ
قاطعه بصوت مرتفع قادر بإنه يرعب حتى الجماد اللي بجانبهم : كلب من إنت !
نفى بصوت متألم وهو يصرخ : ما أرسلني أحد
تركه وهو يضحك بهدوء من نطقها بلهجة عربية صحيحة والتفت يقول لعيّاد : خل يجيبونه
كانت ثواني من نزّل عياد جواله حتى دخلوا رجلين كل واحد منهم يحمل كيس باللون الأسود مغلق بإحكام وأشر لهم وضّاح يتجهون لعنده ، جلس على ركبته ماسك عنق الأب من الخلف وهو يهمس له : قلبك قوي؟
ما تكلم وهو ينقّل نظره بين الأرض والأكياس وبرجفة تبان لوضّاح اللي رجع يسأله : قلبك قوي لأجل يرسلونك لوضّاح؟
تقدم الرجال يفتح الكيس اللي بإيده وهو يطلع حافظة من الفولاذ المقاوم للصدأ ينزلها بجنب وضّاح اللي لف للأب وبهدوء نطق : وحدة لك
وكمّل كلامه من نزّل الرجال الثاني الكيس الأسود كامل بدون يفتحه : والثانية للي مرسلك
ووقف خلف الأب وهو يسحبه من عنقه للخلف وأشر لعيّاد يجيب باقي العائلة وبعد ما إكتمل المشهد اللي يبيه بإصطفاف الأب والخوال والعم أشر لرجله يفتح الحافظة ويتقدم لعنده وما إن وصل حتى إستلم الحافظة وهو يقدمها للأب اللي إشتعل الأمل بقلبه وهو يشوف الكبد الموجودة بالبرطمان الزجاجي المحاط بالثلج وبما إنه فعلًا محتاج كبد لإبنته إبتسم يخالط ألمه دموع الفرح وهو ينطق بفرحة : مشكور ربي يحفظك ويخليك لنا يا طويل العمر الله يبارك بعمـ
شهق بصدمة ملت وجهه وهو يشوفهم يفتحون الكيس الثاني وهم يطلعون رأس فقط ، ولف وجهه الأب من هول المنظر اللي يشوفه بس كان لوضّاح رأي آخر من نفى وهو يبتسم بهدوء وينحني بجسمه يلف وجه الأب بإتجاه الكيس : قلبك ماهو قوي ؟
ضحك يأشر للرجال بإنهم يرجعون يقفلون الأكياس وهو يناظر لعيّاد : دلهم على مكان نقلهم وكيف يروحون
ولف للعايلة وهو يأشر بإصبعه لرجاله : ما أبي فشل ، الأثنين ذولي رايحين معاكم ومراقبين كل شيء وبأتفه حماقه ترتكبها إنت وهالحمر اللي يمك
ولأنه أشر على عيّاد يكمل كلامه نطق بملل : يلاقون جثثكم بالمحيط يعني لا إنت تسلم ولا حتى بنتك !
طلعوا رجاله بجنبهم العايله وهم يمشون بخوف من المنظر اللي شافوه وما يقدرون ولا لهم مفر لا من عند وضاح ولا من اللي أرسلوه له خصوصًا بعد ما تعرفوّا على الملامح اللي ترجع لأبن أحد الرجال اللي وضعوا هالخطّة ولأن الأب محتاج للعضو كان حتى مع الشيطان بيتعاون عشان ترجع له بنته ، وما أن إنطلقت السيارة حتى جلس عيّاد بتعب على الجلسة الخارجية لبيت الشعر وهو يقول : أرهقونا عيال الكلب ، باكر عندي محكمتين الله يخارجنا
لف وضّاح عليه بعد ما جلس جنبه : تحلها ؟
رفع حاجبه بغرور وتهكم : عيب عليك ! بالجيب كلهم حتى القاضي
ضحك بخفّة وهو يدري بشطارة عيّاد اللي يزاول هالمهنة من خمس سنوات بس ولكّنه ما خسر ولا قضية للآن ويرجع السبب لنسبه أولًا ومن ثم لإسلوبه وكلامه المنمق والمغلف تحت شرر أفعاله
-
-
" المستشفى - بعد منتصف الليل "
دخلت غرفة هند بعد ما دقت الباب عشان تتطمن عليها ودخلت من سمعت صوت نايف يأمرها بالدخول وأبتسمت بإمتنان تحت النقاب من ترحيب نايف لها بصوت خفيف عرفت سببه من كملت دخولها لصالة الجناح تشوف لؤي مغطي عيونه بذراعه ونايم على الكنب ولفّت نظرها عنّه بربكه تجهل أسبابها وهي تكمّل مشيها لحد ما وصلت عند هند اللي ناظرتها بإبتسامة عذبة وبحنان أشرت لها بالجلوس جنبها : يا مرحبا ومسهلا يا بنتي سألت عنك ودق لما شفت إنك ما مريتي
رفعت النقاب وهي تقبّل إيد هند اللي ما فيها مغذي : يا عيوني يا خاله والله إني إنشغلت تحت بالطوارئ عندنا حادث وحوسه المكان الله عدّا الموضوع على خير الحمدلله ، طمنيني عنك إنتي يا روحي
هزت راسها تتمسك بإيد إرم بأمومه مفرطه وبالرغم من قلة اللقاء بينهم إلا إنها ترتاح لإرم ودها بإنها تعوضها غياب أمها اللي كان له قوة التأثير في العائلة أجمع ، رغم إنها ما عاشرت بنان كثير لأنها لما تزوجت نايف كانت بنان في الغيبوبة لكن سمعتها الطيبّة وذكرها وحتى حزنهم عليها أحزنها وهي على معرفة باللي صار للعايلة بالفترة هذيك وكيف إنهم تشتتوا قبلها بوفاة عقاب وسالفة راشد اللي إلى الآن مسببة قطاعة بين أزهر ونايف ، إبتسمت إرم من جوابها اللي كله أدعية وحب وما يخفى عليها أبدًا حب هند لها ، ثواني ودخل نايف بعد ما دق الباب ومدت إيدها الثانية تنزل نقابها  وهي تقول : الله يديم الراحة عليك يا خاله واللهم آمين ولكم بالمثل وزود
أبتسم نايف : ها يابوي كيف شفتي خالتك ؟
وقفت تاخذ الملف وهي تضحك : لا ما فيها شي تتعير علينا بس
بادلها الضحكة وهو يناظر لهند اللي تضحك : إيّيه ودها تعرف غلاتها أم لؤي
رفعت نظرها تشوف أياديهم اللي إشتبكت ببعضها وأبتسمت بهدوء تقول : غالية يا خالة ودرة ثمينة ياحظ عمي نايف بك
ضحكت هند بخجل من قبّل نايف راسها وهو يقول : أشهد بالله إن حظي كبير جوني هي ولؤي مثل العوض يالله إنك تخليهم لي
ضمت الملف لحضنها وهي تتكتف وتبتسم لهم : آمين يارب ، علاماتك ممتازة الحمدلله بس شوي الضغط عندك حاولي ما ترهقين نفسك بالتفكير وبولا شيء عشان  ترجعين للبيت ، أدري ودك من الحين بس إن ما صرتي تفكرين بعطيك الرخصه
هز راسه نايف وهو يقول : اي علميها وإن شفتيه زي ما هو لا تطلعونها من هنا
ضحكت تبتعد عنهم وهي تعدل نقابها : طيب ما أطول عليكم وما تشوفين شريا خاله جعلها آخر جيّاتك هنا من غير شر ، بستأذنكم الحين بمر على باقي المرضى
طلعت من الغرفة بعد ما سمعت ردهم ودعائهم لها وأبتسمت تأمن دعاويهم وهي تناظر بالملف تجهّل او ناسية وجوده وإدعاءه بإنه نايم بينما هو يراقب ويسمع كل حركة وكل ضحكة هي ضحكتها وكل كلمة تفوّهت بها كان مغمّض عينه بتعب وإرهاق لكنه يعجز ينام في حضرة وجودها اللي طغى يفرض على مسامعه الإيعاء والتيقّظ ، إلى أن خرجت من باب الجناح كلّه وأبتسم إبتسامة جانبيّة خفيفة بيّنت على ثغره وهو يغمّض عينه اللي تلاشى عنها سحر الإستيقاظ وأستبدل بسحر الراحة وفرط بإستخدامه بعد ما شاف زولها اللي أهداه نُعاس ونوم هادئ يتنعم به على كنب المستشفى !
-
-
في مجلس الجّد سعيد الغيّاض اللي صار للأحفاد والأعمام كانوا كل مجموعة لحال متوزعين على كبّر المجلس اللي بالبلوت واللي  بالبلايستيشن بينما هو إتخذ زاوية ما بها إلا هو جالس بجسده بس وكل فكره بالحال اللي وصل به مع أبوه بكلمة من عمّه سلطان اللي كان يعامله مثل معاملته لعياله وما كان هو من مهملين الدراسة كثر ما كان ودّه إن أبوه يلتفت له ودّه بإنه يلاحظ وجوده بس أدهم كان له ود آخر ورأي ثاني بإن ولده يجتهد لنفسه ويتعب لنفسه عشان لا يكون نجاحه لأبوه وبينما أدهم يسعى ويجاهد لإنه يتميز بتربية عياله بعيدًا عن تربية أبوه وكان وقع تصرفاته على عز منافي للي تمناه هو ، وبوجود حور بصف عز ساعد على إنه ما يكون تعامل أدهم معه ينحدر أكثر  ، فلا الزمن ذا بنفس الزمن ذاك ولا الطفل اليوم نفسه طفل زمان ، وقف من شاف دخول أبوه ومهيب وتقدّم يسلم عليهم ويقبّل روسهم فلطالما كان مهيب الأب والحاني لجميعهم وهو اللي يتجهون لهم بمشاكلهم بالرغم من قسوّته بعض الأحيان وتجلّده إلا إنهم يرتاحون له أكثر ، أبتسم مهيب يربت على كتفه وهو يهمس له : الأمور زانت حب راسه وخشمه وتزين أكثر
هز راسه يبتسم لمهيب وهو يتوجّه لأدهم يقبل راسه ومن ما كان من أدهم أدنى فعل تراجع للخلف يعض شفته بإبتسامة وإلتفت لمهيب اللي خلص سلامه وجلس : تبي قهوه عمي؟
أشار له بالنفي وهو يقول له : عط أبوك أنا يكفيني المر اللي شربته طول هالسنين
ضحك من جاه صوت عقاب اللي يقول بتهكم : يا أبوي مو لازم الكل يدري بأسرارنا
إتجه للدلال وهو يصب القهوة لأبوه ويمدها له ومن أخذ أدهم القهوة إتجه عز يجلس بجانب صقر وهو يهمس : أبوك وينه يجي يروق أبوي؟
ضحك بخفّة يأشر بجواله من دق قيس : باخذ تهزيئه وارجعلك
وقف صقر مبتعد تارك عز يناظر للمكان بسكون يراقبه أدهم ولكن يحس بصعوبة في فكرة إنه يوقف ويتوجه له الآن ويتفاهم معاه بهدوء وأخفى هالشيء وهو يهمس لمهيب : المكان مو مناسب يابو عقاب
-
-
نزل عيّاد عند بيتهم وإتجه لطريق بيتهم اللي ما يبعد الكثير عن بيت عمّه وإلتفت لرنين جواله اللي كان يخصها هي فقط قرر بإنه يتجاهلها المرة الأولى ولما صار قريب البيت رجعت تدق عليه للمرة الثانية وتنهد يرد على الجوال بلا كلام وكأنها مكالمة مكروهه وفعل ممقوت بالنسبة له ، تكلمت هي بإبتسامة : وضّاح ! إنت كويس حبيبي؟
نزل من السيارة وهو يقفل وراه ودخل لبيت الشعر وهو يفرّغ جيوبه بهدوء ، وبعد ثواني طويلة نطق ببرود : كويس
إبتسمت وهي تاخذ كوب قهوتها : دقيت عليك قبل وينك فيه ؟
مسح على ملامحه يغطي وجهه بذراعه : في شيء مهم؟
هزت راسها بالنفي تعض على شفّتها وهي تضحك بسخرية ، وسرعان ما شهقت تتكلم بخوف : صار لكِ شيء حبيبتي ؟
عقد حاجبه بعدم فهم من اللي يصير ولكن سمع صوت يعرفه وصار وسمعه بهاليومين وأبتسم بهدوء من قالت بأريحية : لا ما عليك دكتورة ، بسيطة وما تبيّن حتى !
ثواني وودعتها رزان وهي تكلمه بإستغراب وشعور فرِح : باقي موجود !
حك مقدمة شعره وهو يقول : جاك شيء؟
ضحكت لما ساورها شعور بإنه يهتم لها ويبي وجودها ولكن سرعان ما تلاشى من تنحنح يقول لها : انا ببيت الشعر نايم إذا رجعتي روحي فوق لا تجيني
ربما هذي أطول جملة حواريّة كونها معها ورغم ما فيها من شعور ذميم إلا إنها تقبلتها بصدر رحب ووجه بشوش تهمس له : يا حياتي تعبان كثير ؟ طيب حبيبي ما راح أجي
قفل منها بعد ما أنهت كلامها وهو يمسح على وجهه بتعب ودّه بتغيير علاقتهم ما يخفى عليه حبها له ولا يخفى عليه شوقها الدائم لوجوده بجنبها بس هذا هو ، وهذي حياته وما يدري كم ممكن إنه يقدر يقضي بدون ينمسك ولأنه موقن بإنه بيجي يوم وينمسك هو مو قادر يخطي خطوات إصلاح حياته أو بمعنى آخر ما ودّه يخطي لأنه إعتاد يكون بهالإنسان والإجرام ، إعتاد على إنه يسلب وينهب من الحيوات كثير ، هو حتى المهنة اللي يعمل فيها حوّلها لطريق إجرامي صار جرّاح ماهر ودقيق في عمله ولكنّه في الطريق الخاطئ مثل سفينة لا مُرسي لها إلا جنوحها ، كان كل من يشوفه بالمجتمع ويتعامل معاه لحاجة ما ينصدم بإن خلف هذا الطبيب إنسان مجرم ووحشيّ ما يهاب ولا يخاف ، نام بعد كثر تفكيره واللي آخره هو إذا عرفوا أهله بالوحش اللي بداخله ، بالمجرم اللي هو عليه وش ممكن يكون ردهم وش هي حياة البُغض بعد الفخر ؟
-
-
طلعت من المصلى بعد ما صلت القيام وأبتسمت تدخل الممر اللي يطلّع للحديقة وقفت ثواني خلف الزجاج تشوف رزان جالسة على الكرسي ، نزلت عيونها لإيدها المحمرّة إحمرار طفيف ولفّت بخوف من تنحنح خلفها بهدوء وهو يقول : يحرقك ؟
عقدت حاجبها تناظر فيه : عفوًا !
كان يشتت نظره خوفًا من إنها تلمح الهيّام اللي بعينه لها ونطق يبعد شكوكها : كنت مار خلفكم وشفت اللي صار
هزت راسها بالإيجاب تبعد عنه خطوات : جات بسيطة
إحتدت ناظريه بعدم سيطرّة وهو يوجّه نظره لرزان : تابعيه لا يكون أسوأ
رفعت إرم حاجبها بتهكم : أخبر إنك عسكري وأنا الطبيبة ولا ؟
نزل نظره لها بهدوء وهو يشتت نظره بعيد : والعسكرية مافيها اطباء؟
كانت بترد عليه لكن رنين جواله وإبتعاده عنها خلاها تروح لرزان اللي بمجرد ما حسّت بخطوات جنبها مسحت على عيونها بمهارة تمحي فيها دموعها وبمجرد ما لفّت تشوف القادم ، وقفت بسرعة تمسك إيد إرم : صار لها شيء ، يا الله كيف إحمرّت ! يوه وربي ما كان قصدي ما حطيـ
ضحكت إرم تسحب إيدها من إيد رزان بهدوء وهي تحطها على أكتافها : بسم الله عليك إهدي ما صار شيء !
عضت رزان شفايفها لثواني وهي تقول : مستحية منك والله إبتسمت إرم تلوح بإيدها اللي عليها الإحمرار : شوفيها تقدر تلوح لك من غير شر
ضحكت تاخذ الكوب عشان تجلس إرم اللي همست تحس بتكهربها : إنتي بخير ؟
صدمها سؤال إرم ولفّت تبتسم لها بإستغراب : ليه ؟
ضحكت بخفّة تهز راسها بالنفي : السؤال كان مني ليه ترجعينه
إبتسمت بخفوت تناظر الزرع حوالها وإضاءة شارع المستشفى الخفيفة : تعرفين اللي يقول تاقف على طرف الهدب ما تلمحك عيني ؟
هزت راسها بالإيجاب تصغي لرزان اللي أردفت بضحكة تقول : انا اللي واقف بطرف الهدب بس محبوبي كفيف! وبتسأليني ليه؟ بنفسي ما أدري
بلعت ريقها بصمت من اللي تقولّه وتعنيه بإن حتى ما يشوف ظل وقوفها فكيف بلمحة ! ، وهمسّت بهدوء تقول : خطيبك ؟
نفت تضحك بهدوء وهي تشتت نظرها لما نطقت : كان الطريق أسهل
ولفت نظرها لإرم تبتسم : زوجي
رفعت حاجبها بنفس نبرة رزان السابقة وهي تقول : وليه الطريق أسهل ؟
هزت أكتافها بعدم معرفة تلعب بالكوب بأصابعها : خمس سنين قضيتها معه ، ما شفت باهت اللون الوردي بحياتي حتى كانت كل الأيام معاه رماديه ، ما يميز لي الأيام إلا اساميها !
مسحت دمعتها تناظر لإرم الساكته وأبتسمت بخيّبه توضح على ارتجاف شفتها السفلية : بتقولين ليه ساكته للحين وما شكيت وضعي لأحد ؟ لان ما بقى لي إلا هو لما توفوا أهلي كنت بعمر صغير وعشت باقي عمري مع خالي اللي هو أبوه ، وقبل يطيح خالي على الفراش زوجّني له عشانه بيحافظ علي أكثر من الغريب
لأنها أنهت آخر كلامها بضحكة سخرية على حالها ، إلتفتت إرم تسألها : ما كلمتيه؟
رزان : وش تحسين؟
رفعت أكتافها بعدم معرفه ، وأردفت رزان بخفوت : مو قلت لك كفيف ؟ حتى الكلام من خمس سنين أقدر أحسبه لك على أصابعي
تنهدت بأسى تناظر في رزان وهي تقول : كيف قدرتي تسكتين طول هالمدّه وما تبينين لأحد ؟
ضحكت تناظر فيها وهي تطلع منظّم الحبوب من جيب اللابكوت : كذا !
بلعت ريقها بحزن وهي تقول لرزان : عادي أضمك؟
ضحكت رزان تمد ذراعها لإرم اللي إحتضنتها بقوّة وهي تهمس لها : على فكرة إنتي أقوى وحدة لدرجة إني مو عارفة أرد عليك إلا بهالحضن !
إبتسمت بضحكه خفيفه وهي تبتعد من رنين الجهاز : حبيبتي الله يحميك
رفعت إصبعها تمسح دموعها بهدوء بعد رحيل رزان ، ولإنها من النوع العاطفي جدًا هي تقيس كل المسائل على نفسها وعلى تحملها وقوّة صمودها بالموقف ، وقبل لا تعرّفها وتدلها وش تسوي تفضّل السكوت بدل الحكم والنصح من اول مره ، وقفت ترد على إتصال ابوها : بابا
عقد حاجبه من نبرتها وهمس بقلق : سمي بابا فيك شيء؟ صوتك مو عاجبني
إبتسمت بخفوت وهي تعدل صوتها : لا يا حبيبي مافي شيء بس لأني كنت برا والحين دخلت
هز راسه بالنفي وهو يقول : قايل لك يابوي لا تطلعين بالرطوبه وتدخلين بالمكيف
ابتسمت تسمع أذان الفجر وترديد أبوها وراه ونطقت بعدها : كبرنا على التوصيات حضرة الفريق
وتذكرت تقول : بابا عمي نايف هنا ، خاله هند تعبت شوي بس اتوقع تخرج اليوم بأول دوام خاله ودق
مهيب بهدوء : زين بابا بدق عليه بعد الصلاة إن شاء الله وافطري يا إرم لا تنسين
بمجرد ما سمعت حس التهديد بآخر جملته همست بضحكة : بفطر بالبيت بابا وعد لأن البنات بيكونون معاي اليوم
قفلت منه بعد ما ودعها ودخلت تمشي راجعه لنفس الممر اللي يوصلها للمصلى وقفت لثواني تستذكر الصدف اللي جمعتها فيه ولأنها من النوع اللي ما يتكلم لرجال عائلتهم بإستثناء عز ، فكيف له هو تُتاح هذه الفرصة !
-
-
فتح باب الجناح وهو يشوف هند نايمة ولؤي اللي جالس جنبها وحاط جبينه على ظهر إيدها ، قفّل الباب يتقدم لهم من رفع لؤي راسه : أفطرت أبوي ؟
نفى وهو يتنهد ويجلس بالقرب منّه : لا يابوك لا صحت أمك أفطرنا سوا
هز راسه بالإيجاب وهو يقول : تأخرت أجل
نطق نايف وهو يركي ظهره بتعب على ظهر الكنب : دق علي عمك مهيب وتراه يسلم عليك واجد السلام
إكتفى بإنه يهز راسه وينتهي الحوار ، ووقف بعد ثواني مليانة صمت وهو يلتفت لأبوه : تبي قهوة؟
طلع بعد ما جاوبه نايف بالنفي وهو ياخذ جواله ويدق على حاتم اللي رد بسرعة : يا شيخ !!
إبتسم بخفّة وهو يخلل إيده بشعره : العذر والسموحة ادري إني مخطي يابو مسفر بس الوالده تعبت شوي وجيت لعندها بالمستشفى
عقد حواجبه بإستغراب : خالتي تعبانه ؟ أمي ما تدري اجل
لؤي : تعب خفيف الحمدلله عدّت على خير نحتري الدكتور المشرف على حالتها بس
هز راسه حاتم بالإيجاب : الحمدلله على سلامتها أجل ، من عندك نايف؟
ميّل شفته وهو يتنهد : أبوي يا حاتم أبوي
ضحك بخفّه ينطق : عشان أسمه ورا أسمك صار ابوك؟ وعمي وشـ
قاطعه بحدّه ينهي كلام حاتم : عمّك مات ، ونايف أبوي
تنهّد حاتم وأردف لؤي بجمود يعرفه حاتم تمام المعرفة : آخر مره أسمع هالطاري منك .. إنت بالذات
قفّل قبل يسمع رده وهو يشوف وجودها بالحديقة تحت وإلتفت يناظر الساعة المعلقة بالجدار كانت تشيّر للـ ٦:٠٠ وأبتسمت ملامحة وهو يفتح جواله يطلب القهوة والرسالة المرفقة معها ورجع يدخل لأمه
-
"تحت بالحديقة"
فتحت الجوال تشوف كلام البنات بالقروب وتحلطم رفيف اللي مالي المكان وثواني ورن جوالها برقم رفيف اللي أول ما فتحت إرم الخط تكلمت بعصبية : يعني قلت لها ما أبي وما أروح هالأماكن والله ياخذني يوم تعلمت الرسم والله ياخذ الرسم معاي
عقدت حاجبها بعدم فهم وهي تتكلم بصوت خفيف : رفيف ما فهمت ولا شيء !
تأففت وهي تقول بصوت حاد : في وحدة معاي في السناب وفي الانستا وفي تويتر مو موفرة مساحة أبدًا ، زواجها الجمعة ذي وتبي رسم مباشر بالزواج وإلا تجين واعطيك المبلغ اللي تبغينه وقلت لها إن مشكلتي مو بالمبالغ بس ما اروح هالاماكن والله إن يقص رجلي خالد مو بابا
هزت راسها تضحك وهي تقول : طيب مين ذي ؟
نطقت بكُره تتذكر الأسم : فيّ آل حارث يقال لها عندها بوتيك باسمها تغثنا فيه
هزت راسها بإدراك ومعرفة : عرفتها عرفتها ، طيب وش بتسوين الحين دامها ناشبة هالقد ؟
غمضت عيونها ترفع كتفها بعدم معرفة : مصحيتني للنوم قبل الجامعة تسألني تقدرين تجين !!!! بجاحة وربي
أبتسمت تحت نقابها تشوف وحده من الممرضات تتجه لعندها : دقيقة رفيف
تقدّمت تاخذ الكيس من مدته لها وهي تسأل : من مين ؟
هزت كتفها بعدم معرفه تبتعد عنها وسط إستغراب إرم واللي همست : صار ينجاب لي قهوه !
ميلت شفتها رفيف تسأل : من جابها
رفعت أكتافها وهي تشوف الورقة : مدري في ورقة داخل الكيس
تربّعت رفيف بجلستها تحس بالنشاط : إي افتحي يلا !!
عقدت حاجبها تشوف الرقم الموجود بالورقة : مو قادرة أفهم طيب ، ارقام بس !
ضحكت رفيف بذهول وهي تنطق بحماس : وش مكتوب علميني
نزلت الجوال تصور الورقة عشان ترسلها لرفيف : أرسلت لك
زاد إستغرابها من ضحك رفيف اللي طال تنطق بعدها : إرم ساعة ذي وش اللي أرقام !!! مكتوب اعتبريها الساعة ٦:٠٠
جمدت ملامحها لثواني وهي تحس إنها تحاول تتذكر شيء أو يطري عليها شيء ، قاطعها كلام رفيف اللي تكلمت بإستنتاج مسبق : تلاقينه عمي مهيب أو عقاب ولا من يدري بإنك لازم تشربين قهوه ذا الوقت !
هزت راسها بالإيجاب بشرود في سبب بداية شربها للقهوة بهالوقت ونفت تجاوب سؤال رفيف : لا مو الحين بطلع لما تداوم خاله ودق
ميّلت شفتها بإستغراب : ليه ما عندك سيارة ؟
إرم : إلا عندي بس قلت لكم خالة هند عندنا هنا وعمي أزهر المشرف عن حالتها تخيلي !
ضحكت رفيف بذهول : لقاء الجبابرة خالو وعمو !
سمعت ضحكت إرم وأردفت تقول : بقوم أجهز ولا تنسين بعد الجامعة ببيتكم
هزت راسها بالإيجاب تقفل بعد ما ودعتها ولفّت نظرها للقهوة تحاول تستذكر وقاطعها صوت ودق هالمرة : إرم ماما فيك شيء !
هزت راسها بالنفي بإبتسامه وهي توقف وتخبي الورقه بجيبها : يا صباح الورد
ضحكت تقبّل خد ودق اللي كشّرت وهي تقول : والله مافي شيء أكيد بابا علم عمي أزهر مو
هزت راسها بالإيجاب وهم يمشون لداخل المبنى وسط مراقبته ورؤيته لكل اللي صار حتى إنه لاحظ محاولة تذكرها وإستقطاعهم لها بكلا المرتين ، تنهّد يغمض عيونه بتعب وهو يقول : إلى متى لؤي ، لمتى !
-
-

علموا الظالم ترا المظلوم راضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن