"لماذا جئتِ متأخرة أيتها الطفلة اللعينة "
...
"لا تنسي"
"لدينا طقوس علينا أن ننهيها "﴿ المقدمة﴾
ولِدتُ في غرفة قديمة مليئة بدخان البخور وكانت جدتي تتمتم ببعض الكلمات الغريبة في اذني ، لم تكن أمي في ذلك الوقت لديها الجرأة في مقاطعة طقوس جدتي الغريبة ، وضعت على جبيني دماء ماعز تم ذبحه للتو بمناسبة مجيئي لهذه الحياة التي لا اعرف عنها شيء ، ومسحت بالكحل الاثمد تحت عيني و ألبستني ملابس حمراء واخذتني في ذلك اليوم الماطر المكتض بالضباب إلى مكان موحش كان الناس في ذلك المكان يلبسون عبائات ويرقصون ويلتفون حولي وأنا بأحضان جدتي
....
توقفت أمي عن سرد قصة ولادتي ، لقد كان عمري سبعة أعوام لذلك اضن أنها لا تريدني أن أعرف المزيد عن الماضي
...
جلستُ في ذلك اليوم فوق سور البيت أراقب غروب الشمس وفجاة رماني أحد صبيان قريتي بحصاة على رأسي وبدأت اتشاجر معه كالعادة
كنت فتاة متوحشة حقاً
...
وبعد ذلك اليوم... الساعة السادسة صباحًا والمطر يهطل على القرية والضباب يغطي الجبال ويحجب الرؤية... توفت جدتي
لم أشعر بالحزن عليها لأنها كانت تكرهني لسبب ما
لا أعلم في ذلك الوقت ماذا كان يعنيه الموت حتى
كان يدور في رأسي مفهوم الموت
بأنه الذهاب لمكان بعيد فوق السماء لا عودة منه
لا أعلم ما إذا كان مفهوم الموت لدي صحيحاً
أمي أيضاً لم ألاحظ على ملامحها بأنها حزينة
عندما حملت جارتنا الثوب الأبيض لتغطية جسد جدتي الذي كان يبدو كخشبة يابسة فارغة من الحياة
اوقفت أمي الجارة وهي تقول: لا داعي أحضري عبائتها السوداء و قومي بتغطيتها في العبائة لأن الناس امثالها لا يستحقون هذا الثوب الأبيض
سالتُ أمي: لماذا ؟ الأبيض سيكون جميلاً عليها
وكان جواب امي هو
"من أراد جهنم منذ البداية وعمل لأجلها لا يجوز له أن يلبس الأبيض"
...
سكتّ
بخرتها أمي ببخور ريحهُ مزعجة ووضعت في يدها اساور الذهب التي كانت في خزانة جدتي القديمة والذي لم يكن لأحد أن يجرؤ ويفتحها
...
كنت انظر إليهم بصمت وهم يقومون بمراسم الدفن حتى أنني لم أشاهدهم يصلون على جنازتها
ذلك اليوم كان بمثابة إحتفالية عظيمة لأمي
لا أعلم ما سبب كرهها الشديد لجدتي
هل لأنها كانت فضة و أنانية معها ؟
لا أعلم حقاً...
منذ موت جدتي انقطعت رائحة البخور المزعج في المنزل وتفتحت الستائر وأصبح الهواء المنعش يزورنا في كل ثانية
...
يتبع