كانت أمي تجهز الطعام وقالت: مهلاً لحظة...والدك في سطح المنزل اذهبي لمناداته العشاء سيبرد
قلت: ماذا يفعل هناك ؟!
قالت: ذهب لكي يدخن لا يريد ازعاجي برائحة السجائر
صعدت السلالم بسرعة وفي رأسي تدور تخيلات فضيعة لا أعلم لماذا ، وصلت السطح وناديته "ابي... أبي أين أنت" لكنه لا يجيب بحثت عنه في السطح كله ولم اجده مررت بجانب خزان المياة الكبير وإذا بي أرى دم في ملطخ بحائط الخزان...إصفر وجهي وانكمش قلبي...بحثت بسرعة عن شيء اتسلق به لكي أصل إلى فتحة الخزان...
وجدت سلم صغير صعدت الى الفتحة وفتحت الغطاء...
ورأيت شيء تمنيت لو أنني مت قبل أن أراه..
رأيت أبي في قاع الخزان رأسه مقطوع ومطعون في بطنه...صرخت بصوت عالي كالمجنونة حتى سمعت طنين قوي باذني فقدت توازني وسقطت من على الخزان واصطدم رأسي بالارض فقدت وعيي....
بعدما استيقظت وجدت راسي في حجر أمي ويخيم عليها الحزن وتربت على رأسي
قائلة بصوت مختنق من شدة البكاء " كيف حالك الآن؟"
قلت: كم الساعة الآن ؟وماذا حدث لماذا تبكين ؟!(كنت قد نسيت تماماً ما حدث )
قالت: إنها الثامنة صباحًا انزلي إلى الاسفل لتناول الفطور إنه جاهز
ذهبت لأغسل وجهي وأنا أتساءل لماذا أمي كانت تبكي فتحت صنبور المياة وتأملت الماء...وتذكرت الدماء و ابي وكل شيء صرخت في الحمام واختبأت تحت المغسلة وأنا ابكي جاءت أمي مسرعة وتطرق الباب وتصرخ" ريتاج أنتي بخير!! ماذا حدث افتحي الباب اجيبيني " خرجت من الحمام ودخلت في حضنها وبدأت ابكي بصوت عالٍ جداً والدموع تنهمر على خدي وهي تبكي وتشهق من شدة البكاء
قالت وهي تنظر إلي وعينيها تفيض من الدمع: رأيتي ذلك صحيح؟ اخبريني ماذا حدث...صرخت في وجهي وكانها مخلوق آخر" اخبريني ماذا حدث لأبوكي!!"
امسكتْ بكتفي بقوة وهي تنظر إلي باعين واسعة جداً وبؤبؤ عينيها يصغر شيئاً فشيئاً وتجاعيد وجهها تشتد وكانها ليست أمي التي اعرفها دائماً
أنا اتراجع للخلف وهي تصرخ وتكرر نفس الكلمة "ماذا حدث لأبوكي انتي كنتي هناك أنتي رأيتي كل شيء اخبريني "
أنا أصرخ وابكي" صدقيني أنا وجدته هكذا... لقد وجدته هكذا ...وجدته هكذا لو كنت اعلم الفاعل لما اخفيت الأمر عنك
هي تنهار على الأرض وتبكي ...كان ذلك اليوم صعب جداً علينا لم أكن اتوقع أن أبي سيرحل عنا بهذه الطريقة... أقمنا مراسم العزاء وجاء أقاربنا الذين لا أعلم من أين جاءوا ولم أسمع عنهم قطّ يعزوننا
انتهى ذلك اليوم وذهبت إلى سريري والارهاق يخيم على جسدي واجفاني
نمت.... جائني ذلك الوغد المزعج في الحلم وابتسم في وجهي بخبث قائلاً وهو يمشط خصلات شعري بأصابعه القذرة " تبدين جميلة جداً بالملابس السوداء"
ابعدت يده عن شعري وقلت: ماذا تريد مني
اقترب من اذني وهمس بصوت شاحب: أنا اريدك
سحبت يدي إلى الخلف وصفعته بقوة وقلت: التزم بحدودك أيها القذر الوضيع
بدت على وجهه ملامح الغضب وجسده يتمدد ليصبح اضخم " كيف تجرؤين على صفعي أيتها النكرة
لم أتأثر بكلامه ورددت ببرود: وماذا بعد هل ستقتلني! كما فعلت بأبي!
تفاجئ من قولي وأحمرت عيناه وابتسم بخبث" وما اللذي جعلك تفكرين بأنني قتلت والدك وانتي من أخبرني بانني وهم ولا وجود لي في أرض الواقع هل تسحبين كلامك الآن ؟! "
قلت: لا أحد يقوم بإيذائي غيرك ليس لدي أحد يكرهني في الواقع انت هو أعلم أنه انت
قال وهو يقترب مني وأنا اتراجع للخلف" لنفترض أنه أنا ماذا ستفعلين هاه ؟! هل ستقتليني ؟كيف ستفعلين ذلك أنا وهم انا لأ شيء أنا شخص قمتي بصنعه في مخيلتك كيف ستقتليني هيا تكلمي!"
قلت: لا أعلم كيف ولكنني سأقضي عليك اعدك بذلك
هو يضحك بصوت عالٍ ومزعج ويقول " غبائك فاق كل الحدود لاتتحدثي بغباء ان كنتي لا تملكين القدرة على الرد
قلت: ماذا تقصد بغبية ايها اللعين اتضن أنك ستستمر بمضايقتي وانت لست حقيقياً حتى
قال: الكلام الغبي ذاته يتكرر مرة أخرى
قلت بغضب: كفى...من انت عليك اللعنة؟؟
قال وهو يرسم باصبعة على خط فكي " سوف تعرفين قريباً يا عزيزتي...
واختفى
صرخت" لن اسامحك أيها القذر أعلم أنك تسمعني الآن لن اسامحك أتفهم "
وبعد استيقاظي من ذلك الحلم في تلك الليلة قررت أن اسهر في الليله التي بعدها لكي ألاحظ اي أشياء غريبة وليست منطقية في الواقع سهرت في عدة ليالٍ متواصلة لا يوجد شيء غريب أو مثير للشك حتى الآن ولكنني بدأت اتعود على السهر كنت أشعر بتحسن من ناحية الافكار و الوساوس التي تاتيني اصبحت تأتي بشكل ضئيل جداً ، أما من الناحية الصحية والجسدية فأنا حقاً لست على ما يرام لاحظت مؤخراً ظهور الهالات السوداء تحت عينيّ وعظامي تؤلمني ، صداع مستمر ، ارهاق ، خمول ،
ولكن ماذا أفعل... لا أريد رؤية ذلك البشع مجدداً_
في ذلك اليوم وقد كان اليوم الـ١٢ منذ وفاة أبي
وبعد تعودي على السهر.
خرجت في العاشرة صباحًا وكانت أمي قد ذهبت إلى بيت جدي بمفردها وتركتني لوحدي في المنزل وسوف تقضي هناك بضعة ايام لا أعلم إلى الآن لماذا لم تصطحبني معها...الليلة الماضية سهرت أيضاً ومزاجي معكر اليوم وجسدي يحيط به تعب شديد
ذهبت إلى المحل لإحضار بعض الوجبات السريعة...لم أكن احبها مطلقاً ، ولكنها تساعدني على السهر طوال الليل... ادمنت تلك الوجبات واصبحت أحبها كثيراً
فجأة وأنا في طريق العودة قام بمناداتي احد من خلفي قائلاً " أنتي جميلة ومتناسقة جداً لتفسدي جسدك بتلك الوجبات إنها ليست جيدة لك يا ريتاج
التفتت اليه كان شاب بعمر ٢٠ سنه تقريباً طويل القامة وعيناه ناعسة ذات لون بني فاتح وملامحة حادة
قلت: من أنت ؟ وكيف تعرف اسمي ؟
قال وهو يمشي نحوي: أضن أن أمي لم تخبرك عني اليس كذلك
شعرت بأن هناك شيء يحيط به ربما هالة قوية او شيء ما وقلت: من امك لم أفهم!؟
هو يمد يده لكي اصافحه وقال: أنا وليد إبن عمتك
لم اصافحه وتراجعت إلى الخلف وقلت: لماذا انت هنا ماذا تريد
ابتسمت عيناه وقال: مابك لماذا أنتي خائفة هكذا
قلت: أنا لست خائفة ولكن ماللذي جاء بك إلى هنا
قال وهو ينظر إلى السماء بغرابة" فراشتي اخبرتني أنكِ لستِ بخير"
قلت: هل تمزح معي عن اي فراشة تتحدث
يبتسم إلي بلطف ولكن تعابير وجهه غير مطمئنة
قال: هل أنتي بخير ؟
قلت: ماسبب هذا السؤال المفاجئ! ... بالتأكيد أنا بخير
قال: ارمي هذا الكيس من يدك لا اريدك ان تمرضي
انظر إليه بأستغراب وقلت: وما شأنك أنت
ابتسمت عيناه: وقال مهلاً مهلاً على رسلك لم اقصد شيء... أنا فثط القيت اليك نصيحة
قلت: لا تتدخل في شيء لا يخصك اتفهم
هو يبتسم بلطف دائماً إنه مستفز...
قال: حسناً لابأس أنا أعتذر عن المقاطعة
إبتسامته تلك لم تكن مريحة أبداً ، هو أعتذر مني وذهب في طريقه وذهبت في طريقي
... يتبع