المقتطف الثاني. "ضيفٌ غير متوقَّع." ♡

157 3 26
                                    

المقتطف الثاني. "ضيفٌ غير متوقَّع".

قبل القراءة أسألكم الدعاء لأهلنا في لُبنان فقد استشهد اليوم والأمس ثمانية عشر مواطنًا وأُصِيَب ثلاثة آلاف؛ نتيجة انفجار أجهزة لاسلكية.

ولا تنسوا غزة العزة وفلسطين الحبيبة من دعائكم.

♡♡♡♡♡

_حينما تظهرُ أمامي تعكرُ صفو يومي.
_ لستُ أرغبُ في لقياكِ، إنه حظي العثر!

ظلَّت "هَنَا" مُستغرقةً في نومها غير المريح، رأسُها تستقرُّ على كتف "ندى"، وبالرغم من ذلك كانت تشعرُ وتحِسُ بحركة "المايكروباص" والأحاديث الدائرة بين الركاب وبين صديقتيها.

بقيت ساكنةً تنعمُ بشيءٍ من الهدوء حتَّى اخترق أسماعها صوتٌ جهوريٌ خشنٌ يكادُ يكون صراخًا مزعجًا، انتفضت على إثره شاهقةً وفتحت عينيها بتيقُّظٍ مذعور.

طالعت "هِبَة" عن شمالها بعيونٍ متسائلةً فوجدت تعبيراتها ممتعضة ووجهها يُحدِّقُ بالهاتف مع عينيها.

نظرت "هَنَا" إلى ما تقرأه فبدت الكلماتُ مشوشةً؛ لكونها أُجْبِرت على الاستيقاظٍ بغتة.

تأوَّهت بألمٍ مضاعف بسبب ضيق المساحة الجالسة بها، نظرت لقدميها المعوجَّتين، إحداهما تحت المقعد الأمامي والأولى بين حذاءي "ندى" و "هبة"، فتغضَّن وجهها بإنفعالٍ محمومٍ اصطبغت نبرتها المتحسرة به:

_أنا خلاص اتكسحت!

استشعرت ثقلًا على كتفها الأيمن، وبإلقائها لنظرةٍ بطرفِ عينها أمكنها رؤية "ندى" غافيةً عليه، فعدَّلت لها رأسها عليه كما فعلت معها منذ دقائق.

تكرر الهديرُ من ورائها يفوقُ الاهتزازات وصوت الهواء _المصطدمِ بجسم الحافلة_ إزعاجًا.

أدارت رأسها نحو آخر أريكةٍ في الحافلة خلفها مباشرةً، تنهرُ الرجل بصوتها المتشنج ووجهها المكفهر:

_ ما توطي صوتك يا عم إنتَ، عفرتني!

رمقها بنظرةٍ غير راضية وبقسماتٍ مشدودةٍ، فحسبته سيثورٌ كبركانٍ متأجج، خالف كل توقعاتها لما استخفَّ بها وأعرض عنها متابعًا مكالته الهاتفية.

قضمت شفاهها مغتاظةً، وتفلتت في شفاهها تمتماتُ حنقٍ، فارت دماؤها في عروقها حتى حطَّت فجأة، وانبثقت على شفتيها ابتسامةٌ حلت محل العبوس مع همسها باستنفار:

_ بقى أنا تبصلي كده؟!

لم تسطع أن تغيِّر وضعية جلوسها لالتصاق صديقتيها بها ولانحصراها بينهما، فدمدمت بإزدراءٍ لوضعهن الحالي:

_ بقينا عاملين زي التوأم الملتصق.

بسطت يديها للسماء داعية بحرقة:

فلنَعِش الجنونَ معًا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن