الفصل السابع: وابِل من الحقائق

6 3 0
                                    

صوت الدراجة النارية كان كالموسيقى الصاخبة وهو يعلن عن وصول محمد إلى موقف السيارات الخاص بالثانوية، حيث توقفت الدراجة بهدوء وسط الضجيج اليومي للحياة المدرسية. كانت يسرى تجلس خلفه، ممسكة بخصره، بوجه تغطيه الرياح المتطايرة. ما إن توقفت الدراجة، حتى قفزت يسرى برشاقة من على المقعد الخلفي، بجينزها الأزرق وتيشيرتها الأبيض البسيط، لتقف أمام محمد الذي بدأ بنزع الخوذة.

قالت له بابتسامة هادئة: "شكراً لك مجدداً، محمد."

ابتسم محمد وأغمض عينه بسرعة، وكأنه يغمز. "هذا واجبي، عليّ أن أحافظ على حبيبة صديقي سالمة."

توردت وجنتا يسرى، وعبست قليلاً. "أنا لست حبيبته!" قالت بغضب، ثم استدارت لتغادر بخطوات سريعة نحو مبنى الثانوية، وسط نظرات الطلاب الذين كانوا يراقبونها بفضول. كانت تعلم أن الجميع يتساءل عن طبيعة العلاقة بينها وبين أدهم، لكنها لم تكن تريد أن تلتفت لذلك الآن.

دخلت يسرى إلى صفها وجلست في مقعدها، محاولة تهدئة أنفاسها المتسارعة. أمسكت قلمها وراحت تنقر به بخفة على الطاولة، بينما كان تفكيرها مشوشًا حول أدهم. كانت تتساءل في صمت عن سبب غيابه المتكرر في الآونة الأخيرة ووجدته أمرًا غريبًا، وكانت تشعر بالقلق من عدم فهمها سبب ذلك فهو يبدو وكأنه يُخفي سرا عميقا.

"لماذا لم يفصح لي عن مالك السيارة؟" سألت نفسها بصوت خافت وهي تتذكر حديثهما بالأمس. لقد بدا أدهم غامضًا، رافضًا الإفصاح عن مالك السيارة التي رأته يقودها هي مُتأكدة بنسبة مئة في المئة أنها لوالدها.

قاطع شرودها دخول الأستاذ إلى الفصل، يرافقه شاب طويل القامة، أسمر البشرة، وعريض الأكتاف. نظرت إليه يسرى بدهشة وهمست لنفسها: "يا إلهي، إنه يشبه لاعب ريال مدريد جود بلينغهام!"

ساد الفصل حالة من الثرثرة والهمسات فور دخول الشاب الجديد. كان البعض ينظر إليه بإعجاب والبعض الآخر بغيرة أو شماتة. الأستاذ لم يترك لهم الوقت للتعليقات، إذ ضرب الطاولة بقوة ليعم الصمت في الفصل.

"رحبوا بزميلكم الجديد عبد الله جانكيل." قال الأستاذ بصوت جاد، ثم أضاف: "اجلس في المقعد الأخير من الصف الثاني. يبدو أن أدهم عاد لعادته القديمة في الغيابات غير المبررة."

موازين القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن