لَوحةٌ

190 25 84
                                    

♡⁩

أغلَقْتُ صَفَحاتِ الكِتَابِ أَفكُرُ بِالقِصَّةِ، أَفكُرُ في مَوقفِ أَنجِلَ، أَفكُرُ في الذِّئبِ، كَيفَ جَعَلَتِ حَيَوانًا مُفْتَرِسًا كَالذِّئبِ صَدِيقًا لَهَا.

"أَنجِلُ فَتاةٌ طَيِّبَةٌ وَشُجَاعَةٌ حَقًّا، لَا أَعْلَمُ مَا كُنتُ سَأَفْعَلُ لو أَنَّني في مَكانِهَا، أَخافُ الذِّئَابَ، لَكِنَّني لَنْ أَدَعَ ذِئبًا يَئنُّ أَلَمًا وَأَنا أَحْدُقُ بِهِ."

قُلتُ بِهَمْسٍ لِنَفْسِي وَأَنَا أَحُولُ نَظَري إِلَى خَارِجَ نافِذَةِ السَّيَّارَةِ، عَيْنَايَ لَمَحَتَا مَتْجَرًا لِبَيْعِ أَدَوَاتِ الرَّسْمِ.

"يَبْدو أَنَّ اللَّونَ الأَبْيَضَ نَفَدَ مُجَدَّدًا...يَجِبُ أَنْ أَشْتَرِي وَاحِدًا قَبْلَ أَنْ أَنْسَى...عَفْوًا سَيِّدِي سَأَنْزِلُ هُنَا."

قُلتُ وَأَنَا أَحْمِلُ مَحْفَظَتِي وَأَنْزِلُ مِنَ السَّيَّارَةِ مُتَوَجِّهَةً إِلَى دَاخِلِ المَتْجَرِ.

دَخَلْتُ إِلَى المَتْجَرِ وَأَنَا أَتَفَحَّصُ الْمُحِيطَ بِمَقْلَتَيَّ البَنَفْسَجِيَّتَيْنِ، أَمْشِي دَاخِلَ المَتْجَرِ وَأَنَا أَعْبُرُ بَيْنَ الأَرْفُفِ وَالْجُدْرَانِ، المَكْتَبَةُ فَارِغَةٌ.

لَا يُوجَدُ أَحَدٌ كَالْعَادَةِ.

"أَيْنَ اللَّونَ الأَبْيَضَ....؟"

أَسْأَلُ نَفْسِي وَعَيْونِي تَبْحَثُ فِي الأَرْفُفِ الَّتِي عَجَّتْ بِالأَلْوَانِ المُخْتَلِفَةِ الزَّاهِيَةِ عَمَّا أُرِيدُ حَتَّى سَقَطَتْ عَلَى مُبْتَغَايَ أَخِيرًا...لَوْنِي الأَبْيَضُ.

"وَجَدْتُهُ...!"

هَتَفْتُ بِلهَفَةٍ حِينَ التَقَطَتْ عَيْنَايَ مَا أُرِيدُ وَسَرَعَتُ بِخُطُواتِي نَحْوَ مَوْقِعِهِ أَمُدُّ يَدِي حَتَّى أَصِلَهُ وَالتَّقَطَهُ بِأَصَابِعِي وَالْحَمَاسُ يَشْتَعِلُ فِي فُؤَادِي.

رُبَّمَا...قَد يَبْدُو الْمَوْضُوعُ بَسِيطًا بَعْضَ الشَّيْءِ وَسَخِيفًا لِلْبَعْضِ لَكِن لَنْ تَسْتَطِيعَ تَخَيُّلَ بَقَاءِ آخِرِ أَمَلٍ لَكَ وَأَنْتَ تَبحَثُ عَنْهُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ وَكَأَنَّهُ بَقِيَ لِتَكُونَ الْفَائِزَ بِهَا.

تَنَاوَلْتُ أَنْبُوبَ لَوْنِي الْجَمِيلِ كَأَنَّنِي حَصَلْتُ عَلَى جَائِزَةِ نُوبِلَ، وَأَخَذْتُ أَمْشِي نَحْوَ مَكْتَبِ الْمُحَاسَبَةِ حَيْثُ يَنْتَصِبُ جَسَدُ الْمُوَظَّفِ مُسْتَعِدًّا لِمُحاسَبَةِ أَغْرَاضِ الزُّبَائِنِ.

لَكِنَّنِي تَوَقَّفْتُ حِينَ طَرَفَتْ عَيْنَيَّ نَحْوَ جَسَدِ إِمْرَأَةٍ تَقِفُ مُحْتَارَةً تَنُوِّهُ مَقْلَتَيْهَا نَحْوَ اللَّوْحَاتِ الْبَيْضَاءِ بِمَلَامِحٍ...بَدَا فِيهَا الضِّيَاعُ.

إمباتيا | Empatia حيث تعيش القصص. اكتشف الآن