♡
كَانَتِ الثُّلُوجُ تَتَسَاقَطُ بِلُطْفٍ، تَغْطِي الْأَرْضَ بِسَجَادَةٍ بَيْضَاءَ هَادِئَةً، تَتَرَاقَصُ رَقَائِقُ الثَّلْجِ فِي الْهَوَاءِ كَأَنَّهَا تَهْمِسُ بِحِكَايَاتٍ قَدِيمَةٍ عَنْ الْغَابَةِ.
أَنْجَلُ، الْفَتَاةُ ذَاتُ الرِّدَاءِ الْأَبْيَضِ، كَانَتِ تَمْشِي بِخِفَّةٍ بَيْنَ الْأَشْجَارِ الْمُغَطَّاةِ بِالثُّلُوجِ، كُلُّ خُطْوَةٍ لَهَا كَانَتْ تُحَدِّثُ صَوْتًا خَافِتًا عَلَى الْأَرْضِ الْمُثَلَّجَةِ.
كَانَ الرِّدَاءُ الْأَبْيَضُ الَّذِي تَرْتَدِيْهِ يَنْدَمِجُ مَعَ مُحِيطِهَا، وَكَأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ الْهَادِئِ وَالْغَامِضِ.
فِي هَذَا الْهُدُوءِ، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَى صَوْتِ الرِّيَاحِ الْبَارِدَةِ وَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ الْمُتَسَاقِطَةِ.
كَانَتْ أَنْجَلُ تُحِبُّ هَذَا الْوَقْتَ مِنَ الْعَامِ؛ الشِّتَاءُ كَانَ يَجْلِبُ مَعَهُ السَّكِينَةَ، وَكَأَنَّ الْعَالَمَ يَأْخُذُ لَحْظَةً لِلْتَوَقُّفِ وَالتَّأَمُّلِ. وَبَيْنَمَا كَانَتْ تَسِيرُ، شَعَرَتْ فَجْأَةً بِشَيْءٍ غَرِيبٍ. كَانَ هُناكَ صَوْتٌ ضَعِيفٌ، أَنِينٌ خَافِتٌ يَأْتِي مِنْ بَيْنِ الْأَشْجَارِ.
تَوَقَّفَتِ، وَانْتَبَهَتِ لِلصَّوْتِ. حَدَّقَتْ نَحْوَ مَصْدَرِهِ وَرَأَتْ بَيْنَ الْأَغْصَانِ شَجَرَةً قَدِيمَةً، وَجَانِبَهَا، كَانَ هُنَاكَ ذِئْبٌ.
كَانَ مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْأَرْضِ، يَنْزِفُ مِنْ سَاقِهِ، وَالثُّلْجُ يُغَطِّي جُزْءًا مِنْ جَسَدِهِ الْمُتَعَبِ. لَمْ يَكُنْ عَدَوَانِيًّا أَوْ مُخِيفًا كَمَا كَانَتْ تَتَصَوَّرُ الذِّئَابَ دَائِمًا؛ بَدَا ضَعِيفًا وَمَكْسُورًا.
تَرَدَّدَتْ لِلَّحْظَةِ. كَانَ ذِئْبًا جَرِيحًا، وَقَدْ يَكُونُ خَطِيرًا. لَكِنَّ قَلْبَهَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُدِيرَ ظَهْرَهُ. شَعَرَتْ بِشَيْءٍ أَعْمَقَ يَدْفَعُهَا نَحْوَهُ - رُبَّمَا كَانَ الْحُزْنَ الَّذِي رَأَتْهُ فِي عَيْنَيْهِ، أَوِ الْوَحْدَةَ الَّتِي شَعَرَتْ بِهَا تَجَاهَهُ.
أنت تقرأ
إمباتيا | Empatia
Mistero / Thrillerيكون الفنُ جميلٌ عندما تعملُ اليدُ والرأسُ والقلبُ معاً...لكن..كيفَ نجمعهم؟... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡ "مَهْلاً... أَنْتِ لَمْ تُخْبِرِينِي عَنْ نَفْسِكِ كَثِيرًا..." قُلْتُ، وَأَنَا أَرْفَعُ حَافَّةَ وَشَاحِي بِبُطْءٍ...