♡
كَانَ الجَوُّ خَانِقًا...
حَيْثُ الغَضَبَ يَمْلَأُ المَنْزِلَ كَمَا لَوْ كَانَ جِدَارًا لَا يُمْكِنُ تَجَاوُزُه.
أَبِي، بِمَلَامِحِهِ المُتَصَلِّبَةِ الَّتِي بَاتَتْ وَكَأَنَّهَا مَنْحُوتَةٌ مِنَ الصَّخْرِ، كَانَ يَصْرُخُ نَحْوِي كَالْعَاصِفَةِ، يَمْلَؤُهُ الغَضَبُ وَالشَّكُّ.
كُنْتُ أَشْعُرُ بِثِقَلِ كَلِمَاتِهِ وَهِيَ تَرْتَطِمُ بِصَدْرِي، فِي حِينَ كُنْتُ أَقِفُ عَاجِزَةً، أَنْظُرُ نَحْوَ زَوْجَةِ أَبِي الَّتِي كَانَتْ تُرَاقِبُ المَشْهَدَ بِعَيْنَيْنِ تَضُجَّانِ بِالمَكْرِ، وَابْتِسَامَةٍ صَغِيرَةٍ تَرْتَسِمُ عَلَى شَفَتَيْهَا.
"أَيِنَ كُنْتِ؟!"
صَرَخَ أَبِي مُجَدَّدًا، وَكَأَنَّ صَوْتَهُ كَانَ يَكْسِرُ الجُدْرَانَ مِنْ حَوْلِي.
حَاوَلْتُ التَّحَدُّثَ، وَلَكِنَّ الكَلِمَاتِ اخْتَنَقَتْ فِي حَلْقِي. مَاذَا قَالَتْ لَهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ يَثُورُ بِهَذَا الشَّكْلِ؟
كَيْفَ اسْتَدْرَجَتْهُ إِلَى هَذِهِ الحَالَةِ مِنَ الغَضَبِ الأَعْمَى؟
"أَبِي... أَنَا..."
تَمْتَمْتُ بِصَوْتٍ مُهْتَزٍّ، وَلَكِن قَبْلَ أَنْ أُكْمِلَ جُمْلَتِي، انْدَفَعَ نَحْوِي كَالْعَاصِفَةِ. قَبْضَتُهُ القَوِيَّةُ أَمْسَكَتْ بِشَعْرِي، وَكَانَتْ أَشْبَهَ بِسَكَاكينَ فُولَاذِيَّةٍ تَخْتَرِقُ فَرْوَةَ رَأْسِي.
صَرَخْتُ، وَلَكِنَّ صَرْخَتِي لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ، وَكَأَنَّهَا تَلَاشَتْ وَسَطَ أَصْوَاتِ غَضَبِهِ.
سَقَطْتُ عَلَى الأَرْضِ حِينَ دَفَعَنِي إِلَى الغُرْفَةِ، وَاصْطَدَمَ جِسْمِي الهَزِيلُ بِالأَرْضِ البَارِدَةِ.
الأَلَمُ كَانَ يَتَصَاعَدُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ فِي جِسْمِي، شَعَرْتُ وَكَأَنَّ عِظَامِي تَحَطَّمَتْ تَحْتَ وَقْعِ السُّقُوطِ.
تَجَمَّعَتِ الدُّمُوعُ فِي عَيْنِي، وَأَصْبَحَتِ الرُّؤْيَةُ ضَبَابِيَّةً، لَمْ أَكُنْ أَرَى سِوَى خَيَالِ أَبِي وَهُوَ يُمْسِكُ بِحِزَامِهِ.
خَطَوَاتُهُ كَانَتْ تَتَقَدَّمُ نَحْوِي، وَالغَضَبُ يَشِعُّ مِنْ جِسْمِهِ.
"أَيْنَ كُنْتِ اللَّيْلَةَ المَاضِيَةَ؟!"
أنت تقرأ
إمباتيا | Empatia
Mystery / Thrillerيكون الفنُ جميلٌ عندما تعملُ اليدُ والرأسُ والقلبُ معاً...لكن..كيفَ نجمعهم؟... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ♡ "مَهْلاً... أَنْتِ لَمْ تُخْبِرِينِي عَنْ نَفْسِكِ كَثِيرًا..." قُلْتُ، وَأَنَا أَرْفَعُ حَافَّةَ وَشَاحِي بِبُطْءٍ...