- في إحدى مساجد العاصمه .. صلاة المغرب :
- بعد التشهد الأخير والتسليم أعتدل بجلسته هادئًا وهو يتمتم بقول " لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد وهو على كُل شيءٍ قدير " فهذا هو تاج الذكر الذي أعتاد جواد على ترتيله لدقائق طويله بعد كُل صلاه ينتهي من ادائِها .. وفي غمرة السكون والصمت الفاحش الذي يستحوذ على المكان يحدق في نُقطه مُعينه على الجدار بذهنٍ شارد وملامح يسكن التعب في تقاسيمها
ويعلم في قرارة نفسه بأنهُ شخص لا يعرف كيف يطلب المساعده ، يختفي ويعود عندما تتحسن حالته النفسيه !
وهذا هو مُبرر إختفاءه خلال الـتسعة الأيام الماضيه .
أغمض عيناه بعد أن أتكئ برأسه وهو يضربه بخفه على الجدار برُتم متواصل ودوامة التفكير تعصف برأسه في الثانيه الف مره
- حتى أستشعر جلوس أحدًا إلى جانبه ليفتح عيناه ببُطئ وسُرعان ما أرتسمت أبتسامه عريضه على محياه وهو يكتشف هوية الجالس ويقول : يا مرحبًا مليون .
- أستقبل الشيخ ترحيب جواد بلُطف يتناسب تمامًا مع هيبة الوقار التي تُبرز بوضوح عليه ، مُتذكرًا هذا الرجل التي ألتقى به لأول مره في أحدى ليالي رمضان وهو جالس برفقة ثلاثة صبيان ويحدثهم عن فضائل الصبر ويشحن جانبهم الروحاني بقصص يقشعر لها البدن ، فأبتسم الشيخ : أهلًا بك يا ولدي ، أبطيت عن هالمسجد ، ماشفتك تصلي فيه من رمضان .
- أعتدل جواد بجلسته يكتم السبب الحقيقي لتواجده هِنا ، فهو لا يتخذ من هذا المسجد مأوى له إلاّ في أشد أيامه بؤسًا خصوصًا أن هذا المكان وهذا المسجد بالتحديد قاموا بالصلاه فيه على والدته المرحومه ، فقد أخبره جده - شيخ قرية الشهامه - بهذه المعلومه منذُ أن بلغ سن الرُشد ، ولهذا السبب يأتي إلى هُنا كُلما نفذ مخزون صبره يأتي ليستمد قوة خفّيه يستشعرها من طيف والدته التي تواجدت يومًا من الأيام بين هذه الجدران حتى وأن كان جسدها ميت ! يكفي أنهم قاموا بالصلاة عليها هُنا ولا تزال أثار روحها قادره على أحتضان روح هذا الطفل التي حُرم مِنها منذُ أول لياليه على هذه الأرض !
- هز رأسه كمن ينفض الذكريات التي سيطرت عليه ليستعيد جسّارته قائلًا : أشغلتنا الحياه يا شيخ ، وهالمكان بعيد وصلاتي أصليها في مقر عملي ، ولا أجيه إلاّ بسبب حاجه في نفس يعقوب .- هز الشيخ رأسه مُتفهمًا المعنى الباطني خلف الجمله التي قالها جواد - حاجة في نفس يعقوب - بمعنى هو يتحفظ على الأفصاح التفصيلي عن سبب مجيئة النادر إلى هذا المسجد ، ليحترم كتمانه وخصوصيته وهو يُربت بلُطف على كتفه
وحينما أمعن النظر في ملامح جواد أستطاع تخمين اي مُعاناه يضمرها هذا الرجل في أعماقه السحيقه ، ولم يتردد لثانيه واحده أن يقدم لهُ العون ولو بنصيحه صغيره لرُبما تستطيع أنتشاله مما يُعانيه ، فأبتدأ الشيخ القول بـ : يا أبني ..كُل ماتحس أنك بديت تميل إلى الدنيا او تعبت من هالدنيا تذكر وصف الجنه لأجل يرتاح قلبك .
- امتزجت أبتسامة جواد بفحوى مراره يستطعمها ، ليشعر انه بحاجه ماسّه لنصائح هذا الشيخ والأسترسال معهُ في الحديث ، ليسأله بفضول : أن كنت يا شيخ قادر على تكريمي بوصف الجنه وشرحها لي من منظورك أنت لا تبخل على هذا العبد الضعيف .
- ربت الشيخ مُجددًا على كتف جواد وهو يشرح بمُنتهى الإيمان والروحانيه :
فجأه يتجمع الناس عند الله عز وجل
الكفار قد ذُهب بِهم للنار ويُعزل المنافقون ولا يبقى سوى الخُلص ( المؤمنون )
أنتهى الحساب وبقي أمر وهو أن تسوقهم الملائكه إلى جنةٍ عرضها السموات والأرض !
تخيل يا أبني عظمة الموقف أنتهى كُل شيء والأن ذاهبون إلى الجنه .. ربحوا الجنه !
جماعات تمشي للجنه يتقدمهم الأنبياء وعلى رأسهم أشرف الخلق نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام
الوجوه كالقمر في ليلة البدر
جماعات تُساق لـ جنه بثمانية أبواب !
بين كُل باب وباب مسيرة ٤٠ سنه !
يأتي يوم وهذا الباب مزدحم من الأمم التي ستدخل الجنه
وصلوا للأبواب .. الأبواب مغلقه !
يتسائل الناس ماهذا الباب ؟
هل هو الريان ام المجاهدين ؟
كل شخص يدخل مع باب العمل الذي تميّز به
منهم من ينادي من باب ومنهم من ينادي من بابين ومنهم من ينادي من أبواب الجنه الثمانيه
أنت تقرأ
" أُمطري على الهجر ليّن ينبُت وصّال "
Mystery / Thrillerمن علم إيديك تصبح للمُهاجر بلد ؟ الشمس والليّل وأكواب المساء تحتريك وعلى مدار السنه ما ينتظرني أحد !