كُل ممنوع مرغوب، وكل مُتاح مُباح

620 11 9
                                    

في اليوم التالي أسابق الشوق ذاهبًا للمدرسة مُتطلعًا لحدث جديد ومغامرة جديدة في قصتي بفصل اول سابع وقصتي مع هذا المعلم.
اليوم الدراسي الثاني ولا جدولاً رسمّي لجميع الفصول، لا نعلم عن الحصص شيئا ولا أي المُعّلمين سيدخل الفصل.
ومع كل صريرُ باباً يفتح يترقب جميع الطلاب، من المعلم وما هي الماده.
عداي من بينهم.. لا أترقب حضور أي معلم سوى معلم اللغة الانجليزية (ياسر).

يدخل معلماً مع صوت الجرس فارع الطول حنطّي البشرة يغطي شاربه نصف شفاته العلويه، شارباً كثيف السواد كسواد ليلاً لا قمر فيه.. كذلك حاجبيه فهما متوسطة النحافه لكنها طويلة وممتده فوق عيناه، يملك عين الصياد. كثيف الرموش كما لو كانت عيناهُ كحلاء.
يرتدي شماغه ذا اللون الأحمر الغامق (كان يُطلق عليه حينها دم الغزال) يعتليه عِقَاله المائل.
بساعة فضيه في آخر كمه المغلق بكبك لامع. وثوباً يميل للضّيق من اعلاه والوّسع أسفله.
يداه واصابعه كثيفة الشعر شفتاه تميل للسواد. (قيل في وقت آخر أنه كان يتعاطى نوعاً محدد من السيجار لا أستطيع ذكره)
حاملاً حقيبه جلديه سوداء يضعها على الطاولة.
-السلام عليكم، معاك (فايز) معلم مادة الفيزياء.

صوت افكاري لحظتها:
-ايش المدرسه ذي!! المنيو كله حلويات.

كان غريبًا (فايز) في تصرفاته وثقل تعامله، ذلك يوضح ما قّيل عنه. فمعظم من يتعاطى هذا النوع من السيجار يكون غالبًا مُغّيب عن المكان عقليًا، متواجد جسدياً.
يثور غَضباً فجأةً ويهدأ فجأةً.
بدأ حّصته وفي منتصفها يُطرق باب الفصل فيدخل (إياد) صديق الطفولة وجار المنزل.
-خالد السويلك؟
يرد احد الطلبه:
-نعم؟
-خذ كتبك وروح للوكيل يبغاك.

يقاطعه المعلم:
-انت جاي على هذا الفصل؟
يجيبه (إياد):
-الوكيل قال لي انقل على هذا الفصل.

(إياد) شاب سمين جداً خّلاق للنكته يبلغ من العمر سبعَة عشر "هماً". ترعرع مع زوج والدته و والدته واخوته من والدته، لا اب له. فارق والده الحياه بعد إنجابه وتربى على يد (عمه) زوج والدته وعانى من الهّم طيلة حياته.
مع ذلك لم يّكن ظاهراً عليه سوى (النكته)، فلقد كان قادراً على أن يحول كل كلمه او قصه يسمعها لنكته!!

يجلس (إياد) بمكان خالد ويكمل المعلم شرحه. يلتفت (إياد) ناظِراً لي مُبتسمًا إبتسامة نصر.

لم يكتشف وقتها احدنا ميوله بعد، ولم نكن نعلم ما هو الميول.. فلقد كانت موضه في وقتها تُسمى بـ (الواد والعم).
أي ان يكون لكل شخص صديق مقرب، ليس مقرب بل صديقٌ حميم، تكون صداقتهم (بمنافع).
منذ نشأتنا كُّنا مُنفصلينَ مُتفرقّين فلا يجتمع الذكور والإناث في حديقة الحي أو ملعبه أو في مطعم أو مدرسه أو أي مكان. طاقة الحب عالية ومرتفعه لكن دون تفريغ، طاقة الجسد والجنس كذلك.
حتى في التجمعات العائليه كانت تُقّسم الجلسة لقسمين، الذكور في مجلس والنساء بمجلسٍ آخر، حتى الطعام مُنفصلّين فيه وغالبًا يبدأ الذكور بالأكل ثم يتبعهم النساء والمبررات بنظرهم كثيره.
فمنهم من يقول؛ لكي لا ينشغل النساء عن خدمة الرجال أثناء أكلهم في حال نَقّص شيئاً عليهم، او ليتم إكرام الرجال أولاً تفادي لنقص الطعام في حال تقسيمه. فهم اولى لكي لا يظهر صاحب المنزل بمظهر الناقص او البخيل او المحتاج، وقيل ايضاً لأن النساء يتأخرن بالعشاء لكثرة حديثهم وحبهم للسهر وكثرة الأصناف التي تُقَدم قبل العشاء، من موالح وحلا ومعجنات.
في كل الأحول تلّي النساء الرجال في الطعام ويأكلون بعد إنتهاء الرجال وفي بعض الأحيان يأكلون من بقايا أكّلهم بنفس صحنهم!!

أذكُرنّي لامعاً.. حين كُنّا معاًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن