القابض على دينه تجدهُ عزيزي القارئ في عهد الأنبياء والرُسّل فقط.

757 10 7
                                    

في الصباح الباكر.. اصوات ابواق حافلات المدارس تعج في الأحياء تخالطها اصوات العصافير.
الطلاب يخرجون من منازلهم ذاهبين لمدارسهم, ترى بعضهم يدخل للبقالة وبعضهم يخرج منها منهم من يمشي على الأرصفة ومنهم من يقطع الشارع للجانب الآخر.
أخرج أنا من منزلي أصادف (إياد) خارجاً من منزله غاضِباً بانت على وجهه آثار البكاء مرتدياً ثوبه المدرسي يحاول إرتداء شِماغه يراني ويبدأ الحديث بصوت مُتقطع كمن يكتم بكائه:
-الناس هذولا ما ينعاش معاهم, وهذي مستحيل تكون أم.
أجيبه قائلاً:
-اذكر الله واصّبِح ايش جاك على الصباح ذا؟
-عمي أخذ مصروفي حقققي اللي انا مجمعه.. وأعطاه لولده إبن  الحرام.
-ليش طيب سوا كِذا؟ ليش ما يعطي أخوك مصروف من فلوسه؟
-يقول ما عنده عشان إبن الحرام الثاني!! كيف افطر انا الآن؟

نخرج من العِمارة وصوت والدة (إياد) من بعيد:
-الله يلعن البطن اللي حملك, ليتني رميتك لأبوك ولا أخذتك.

نصل إلى (سعيد) الذي كان ذاهبًا إلى المدرسة على طرف الشارع, ابدأ أنا بالحديث كون (إياد) أصّبحَ على نهب حقه من مصروف لمدرسته:
-يا صباح الخير..
-صباح النور.
-من صباح الله متلطم بشماغك؟! تنفس هواء ربنا الطبيعي وفك اللطمة.
يرد أخيراً (إياد) غاضباً مُتهكماً:
-خليها تتلطم الشارع مليان رجال وهي صارت تجيها وتتغطى.
يرد (سعيد):
-وهذا إشبوا على الصباح؟
أجيبه قائلاً:
-متمشكل مع أهله من الصباح.

يصل (سالم) كعادته رامياً شِماغه على كتفه مرتدياً طاقيته حاملاً بيده سجادة يلّف بها كُتبه. نكمل طريقنا للمدرسة يقاطعنا والد (زياد) خارجاً من البقالة يمر بجانبنا دونما كلمة, مكملاً طريقه للمنزل.
(إياد) ينظر إليه ويقول غاضباً:
-جاك النص ذا.. والله حتى كلمة نص رّجَال كثيرة عليه.

كان (إياد) مهضوماً  حقه، لا حق له بمنزله فيعامله (عمه) زوج والدته اسوأ انواع المعاملة, حتى ابنائه ايضاً كان لا يكترث لهم. أمه عنيدة الرأس مع كل البشرية إلا زوجها, فقصتهم من أغرب القصص.
أحّبت أمه زوجها (عم إياد) الذي تزوجت منه اولاً, وأنّجبت منه 3 ابناء ثم كثُرت مشاكلهم إلى أن انفصلوا, تزوجت والدته برّجُلاً آخر (والد إياد), لكن لم تتقبلُه كزوج ما زال قلبها مُعلقاً بزوجها الأول و والد ابنائها. وهو كذلك فلقد نشأ زواجهم من الأساس على علاقة حب.
ويُقال انها كانت على تواصُل مَعهُ خِفيةً اثناء زواجها بوالد (إياد), الى أن تم الإتفاق بينهم أن تنفصل عن زوجها الجديد وتعتبر زواجها منه (تحليلاً).
ما أن قررا وخططا وحين بدأ التنفيذ إكتشفت حملها من زوجها الجديد فأصبحت حاملاً بـ(إياد).
كرهت والدهُ كٌرهاً شديداً, فكانت تهجره في الفِراش وسيئة المعشر معه!!
جّنَ جنون زوجها الأول, أصبح يُريدها بجنون, لم يتحمل قلبه أن تَحمِل طفل رَجلٌ غيره.
فكان والد (إياد) يتردد بينها وبين زوجته الأولى ذهاباً ثم عودة لأم (إياد).
حين تُضّيق  عليه العّيش يذهب لزوجته الأولى, إمرأة فاضلة تتسم بالهدوء والرزانة. أصبح والده بإنتظار مولودان  (إياد) وأخٌ له من زوجته الأولى, فجميعهم صادفَ حملهم في نفس التوقيت.
كرهت والدته هذا الحمل أصبح كقّيدٌ يربِطُها بزوجها الجديد فإن وَضّعت سيصعب أمر الإنفصال عليها والعودة لزوجها الأول وستفشل جميع مُخططاتهم للعودة معاً.
إنعكس ذلك على تُعاملها مع ابنها فمُنذ مولده لم يّجد منها سوى سوء المُعامله, دونما ذنبٌ مِنه.
إنما الذنب ذنبها وحدها!!

أذكُرنّي لامعاً.. حين كُنّا معاًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن