الفصل الاول

2.5K 144 8
                                    

هذه الرواية مسجلة باسم بنت الجنوب،  ممنوع النقل او السرقة منعا باتًا، ومن يفعل يعرض نفسه للمسؤلية القانونية

الفصل الاول .

اسفل مياه الأمطار التي كانت تهطل في هذا الوقت بغزارة، تتشربها التربة الصفراء ولا تؤثر فيها، نظرًا لشدة الجفاف بها، لطبيعتها الصحراوية القاحلة، لكنها تروي النباتات التي وهبها الله القدرة في التحمل، والانتظار حتى يأتيها الغيث، فتزهر وتنبت داخلها الحياة لتصبح ظلًا او طعامًا للبشر احيانا إن ضلوا الطريق، أو مرعى للحيوانات الأليفة، 

كانت هذه الصغيرة، رافعة وجهها المستدير لأعلى، كي يتلقف المياه التي تهطل فوق بشرتها، فيبلل ضفيرتيها، وتلتصق غرتها الامامية بجبهتها، مستمتعة بالبرودة اللذيذة، تاركة أمر الغنم التي ترعاها تأكل في حشائش الأرض كيفما تشاء، حتى لا تفوت هذه الفرصة في المرح كعادتها، ومن ناحية أخرى تخاطبها شقيقتها الأصغر:

- ياللا بينا يا زينب أبوي جال لما تنطر تعالوا على طول.
استفاقت الأخيرة من متعتها لتلتف نحو شقيقتها المتخصرة ترد بسأم:

- ويعني شوفتينا هنبيت يا مريم، ما النطرة مسيرها تبطل والشمس تظهر من تاني، العصر مبجالوش ساعة مأدن، ولسة بدري جوي ع المغرب .

جادلتها بعدم رضا:
- وافرضي مظهرتش تاني الشمس والدنيا ليلت علينا، نجعد بجى لحد ما تطلع ديابة الجبل وتهجم علينا!   أنا همشي بالبهايم وإنتي اجعدي مع نفسك.

قالتها مريم وتحركت على الفور،  تهش بعصاها الرفيع على الاغنام ، كي تجعلهم بصف واحد يسبقونها نحو المنزل،  لتضرب زينب بقدمها على الأرض بضجر مغمغمة:

- يا بوووي، طب حتى نصبر شوية، الدنيا مطرتش يا مريم .

سمعت منها لتلتف رأسها نحوها بتسلية ، تسرع بقيادة الغنم في الركض، لتضطر  زينب لملاحقتهم بخطواتها السريعة مجبرة، خوفا من أن يصيبها شيء، فهي الأكبر والأجدر بحمل المسؤلية، حتى لو كان عمرها لم يتخطى السابعة بعد، ولا تفرق عن شقيقتها ذات الخمس سنوات سوى عامين.

وفي خضم غضبها وحنقها من فعل شقيقتها، وقعت عيناها على تلك التلة البعيدة عن مرعاهم الدائم، كلما نظرت إليها ينتابها الفضول في معرفة ما خلفها، والتحذيرات الدائمة من والديها، بألا تصعدها، مما زاد بداخلها الشغف عدة مرات لاستكشافها، ولكن كلما اقتربت منها دفعها الخوف إلى التراجع قبل ان تصل إليها ، ترى سوف سيأتي هذا اليوم الذي تغلب فيه ضعفها وتنفذ رغبتها؟

❈-❈-❈

واصلت الصغيرتان بدفع الغنم حتى اخترقا الشارع، الذي يوجد به منزلهما، وكانت المفاجأة انه تقريبا كان مغلقًا بأعداد البشر الضخمة والتي جاءت اليوم لتحضر ذبح الذبائح وتوزيعها من قبل زيدان الدهشوري، كبير البلدة وأغناها على الإطلاق، فهو الوحيد الذي يملك منزلا ضخما كالقصر، بفرق شاسع عن بقية سكان البلدة الصغيرة، فمعظم المباني بها مبنية بالطين ، وعدد قليل بالطوب الاحمر ولكنها لا تضاهي نصف منزل زيدان،  الذي يملك معظم الأرض التي يعمل بها أفراد البلدة المتواضعة في الموارد.
لدى زيدان العديد من الأبناء، ولكن أفضلهم هم أبناء زوجته الأولي، حامد اليد اليمني لأبيه، وضاحي المدلل صاحب الحظ الأوفر عن جميع أقرانه، بما وهبه الله من وسامة، وبنية جسدية متناسقة في الطول والعرض، بشرة بيضاء تقارب أهل المدينة، نظرًا للرفاهية التي يتنعم بها، مهما حدثت منه أخطاء، ونال السخط على أفعاله،  ينال الحظ الأوفر بأقل مجهود كما يحدث الآن، فهذا الاحتفال اليوم هو من أجله، بعدما نجح أخيرا، بعد سنوات من الرسوب ليدخل الجامعة، والمؤكد هو مساعدة أبيه وشقيقه الأكبر له.

اكل الذئب زينب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن