الفصل الثامن
واقفة كالتمثال، بأعين كالزجاج فاقدة للحياة، تتأمل نفسها امام المراَه بفستان الزفاف وقد حسم الأمر وانتهى الجدال بعقد قرانها بالأمس عليه، لقد نفذ وعده، وأصبح زوجها على ورق رسمي وحكومي، بعدما افقدها سلاحها الوحيد في المقاومة.استسلمت لقدرها بعدما نفذت منها كل طرق النجاة، لم يتبقى لها شيء، حتى افكار الهروب التي طرأت بعقلها عدت مرات لم تقوى على تنفيذها، ان تصرخ بعلو صوتها معبرة عن رفضها له، لم تتمكن منها هي أيضًا،
وكلمة السر بالتأكيد هو والدها، بعد أن طوق رقبتها بكلمته، كيف لها ان تنقص من مقداره امام الخلق، ليت زمام امرها كان بيدها، لكانت وقفت، وتحدت، وواجهت بشجاعة اشتهرت عنها..... ولكنها أيضا كانت السبب فيما اَل اليه حالها الاَن، بعد تهورها الغبي في الصغر وضياع شقيقتها بفضلها.اغمضت عينيها بألم ينخر في كل خلية داخلها، تلك الذكرى التي تعيش معها وتمنع عنها الحياة والفرح منذ تلك الحادثة.
- خلصتي يا عروسة ولا لسة؟ الناس بيستعجلوكي من برا
التفت بعيناها نحو مصدر الصوت وتلك المرأة التي تنادي عليها من الخارج، حيث صالون التجميل الذي تم تزينها به، من اجل الزفاف الليلة.جاءها صوت صديقتها نورا هي الأخرى:
- ياللا يا زينب العريس وصل برا وكل عيلتك وعيلته مستنينك عشان الزفة يا عروسة،تنهدت بقنوط لترد عليهما باستسلام:
- اديني طالعة يا نورا
سمعت منها الاخيرة لتردد بلهفة:
- طب استعجلي ياللا ، دا باينها هتبجى ليلة ولا الف ليلة وليلة، عريسك النهاردة ولا نجوم السيما يا بت.قالتها نورا بلهفة شديدة يتخللها الحماس، وكأن كل ما تسرده يوميًا عليها من كلمات شكوى وكره لهذا البغيض لا تدخل عقلها، يبدو أنها سوف تظل وحيدة على هذا الحال، ولن تجد احد يصله ما تشعر به، والان قد حان وقت التكيف مع الواقع.
سحبت شهيق طويل لتزفره بعدها، كي تدخل بعض الهدوء داخلها، ثم تتحرك بخطواتها لتدفع باب الحمام الى الداخل وتخرج اليهم، وكما توقعت؛ الصالة كانت ممتلئة على اخرها بعدد النساء من اهل العائلة التي صاحت تطلق الزغاريط فور رؤيتها، وكلمات التهليل والتكبير تُسمع بالصوت العالي منهن، لتقع عينيها على والدتها التي شلت المفاجأة حواسها لحظات وهي تستوعب ببطء المفاجأة، وصغيرتها التي بدت كالاميرات تغلب بجمالها كل نساء عائلة الدهشوري المعروفين بجمالهن من الأصل.
اغرروقت عينيها بالدموع لتقترب وتحشر نفسها وسط حشد النساء اللاَتي التفت حول ابنتها يهنئنها بالتناوب ويلتقطن معها الصور، لتخطفها من بينهن وتضمها بقوة مرددة:
- يألف نهار لبن يا حبيبتي، ولا بدر البدور في زمانها.
ردت بابتسامة لها، فقلبها رغم كل شيء مازل يرق لأبسط الأشياء التي تتلقاها منها ومن والدها .
أنت تقرأ
اكل الذئب زينب
Mystery / Thrillerإقترب، إقترب ولا تتردد، ف أنا على أستعداد تام لذلك، لن أتراجع ولن أَقاوم، أهجم بشراسة حتى تُنهي الأمر سريعًا، إغرز أنيابك الحادة في العظام حتى تكسرها كما يكسر أبي أعواد القصب في موعد حصاده، أخرج أحشائي وتناولها كي تشبع جوعك، إطحن بأضراسك حتى تتوه أش...