بداية مشرقة

208 10 27
                                    

في اليوم التالي، وبينما كانت الشمس ما زالت مشرقة على الشاطئ، جلس الأصدقاء مرة أخرى تحت مظلة كبيرة، مستمتعين بهدوء الصباح. لكن عبدالإله كان بالكاد يستطيع الاسترخاء. ذهنه كان مشغولاً بالشاب الأشقر الذي ظهر بالأمس فجأة في حياة صالح.

بدا وكأن كل لحظة قضوها معًا تحترق في ذهنه. "مين هذا الولد؟ وليه جالس احس وكأنه يسرق مكاني؟" تساءل عبدالإله بصمت، محاولاً إخفاء توتره، لكنه لم يستطع الصبر لفترة أطول.

أخذ نفسًا عميقًا ثم سأل علي بهدوء، محاولًا أن يبدو غير مكترث: "علي، تعرف شيء عن الولد اللي كان مع صالح أمس؟"

علي نظر إليه بنصف ابتسامة، عارفًا بمصدر السؤال. " الأشقر؟ أظنك تعرف وش قصده. كان مجرد منقذ بحري، مب حاجة كبيرة."

لكن كلمات علي لم تهدئ عبدالإله. "مجرد منقذ؟" فكر في نفسه، لكن لم يكن مقتنعًا. كان يعلم أن صالح لاحظ غيرة أمس، وربما كان يستمتع بتعذيبه قليلاً.

في تلك اللحظة، خرج صالح من البحر مجددًا، شعره المبلل يتلألأ تحت الشمس. اقترب من الأصدقاء وجلس بجانبهم، مبتسمًا بمرح. "يوم جميل، صح؟"

أجاب عبدالإله بنبرة حاول أن يجعلها طبيعية قدر الإمكان: "يب، يوم جميل... بس الولد اللي أنقذك أمس كان أجمل، شكله محترف؟"

صالح رفع حاجبيه، مستمتعًا بالسؤال. "آه، تقصد لورينزو؟ إيه، هو محترف، وقوي كمان. لو ما كان هو موجود، كان ممكن غرق أحد."

عبدالإله شعر أن قلبه يغلي، لكن لم يستطع إظهار غيرته بصراحة. ضحك ضحكة قصيرة وقال: "أكيد، محظوظ أنك لقيته."

ابتسم صالح بمكر، وهو يدرك جيدًا ما يجول في خاطر عبدالإله. "إيه، محظوظ فعلاً. يعني، حتى هو قالي إذا بغيت أتعلم السباحة باحتراف، ممكن أطلب منه دروس خاصة."

كانت تلك الجملة كافية لتفجر مشاعر عبدالإله المكبوتة. قلبه بدأ ينبض بسرعة، وحاول جاهدًا أن يبقى هادئًا، لكن غيرته لم تكن تخفى على أحد.

نظر علي نحو عبدالإله، وهو يحاول كبت ضحكته، ثم قال: "يا عبدالإله، لا تبالغ، هو مجرد منقذ بحر. صالح ما يحتاج دروس سباحة، صح صالح؟"

ابتسم صالح  وقال: "يمكن أحتاج، مين يدري؟"

عبدالإله كان  متوترًا، محاولًا جاهدًا أن يحافظ على هدوئه الخارجي بينما شعرت مشاعره بالغليان من الداخل. عيناه كانتا تتابعان حركات صالح بحذر، ووجهه يحمل مزيجًا من الحيرة والغيرة المكبوتة. قلبه كان ينبض بسرعة، وكأن كل كلمة من صالح تضيف طبقة جديدة من الضغط على صدره.

حاول عبدالإله أن يبتسم، لكن ابتسامته كانت متوترة، غير طبيعية. عينيه الضيقتين تكشفان عن الغضب الذي يحاول كتمه. كلماته خرجت بشكل عفوي، ولكن بنبرة تحمل وراءها طوفانًا من المشاعر المكبوتة. كان كلما تحدث عن لورينزو أو سمع صالح يمتدحه، يشعر وكأن هناك شعلة صغيرة تنمو في داخله.
.

hug me !  |   !عانـقنيِ Where stories live. Discover now