ما بعد العاصفة

152 7 5
                                    

، كان صالح يجلس في منزله بمفرده، لكن المشهد كان مختلفًا تمامًا عن السابق. الغرفة التي كانت تعكس حالته النفسية المتأزمة أصبحت الآن شاهدة على فوضى غير عادية. كانت الفوضى تمتد من كل زاوية، وكأنها صورة عن اضطراب روحه الداخلية.

الستائر كانت مفتوحة على مصراعيها، ولكن الضوء الخافت الذي تسرب إلى الغرفة لم يضف أي حياة على المكان، بل أظهر تفاصيل الفوضى بشكل أكبر. الأثاث كان مبعثرًا، حيث كان الكرسي متساقطًا على جانبه وكأن أحدهم قد استسلم للتعب. الأرائك كانت مغطاة ببعض البطانيات غير المرتبة، مما أضاف إلى الشعور بالفوضى وعدم الاهتمام.

على الطاولة، كانت هناك أكوام من الأوراق والملاحظات التي لم تُقرأ، وبعض الكتب مفتوحة على صفحاتها، وكأنها تحكي قصة التشتت الذي يعيش فيه صالح. القلم الذي كان بجوار الأوراق كان ملقى بطريقة عشوائية، مما يدل على الإحباط الذي يعاني منه، وكأنه يفتقر إلى الرغبة في الكتابة أو التعبير عن نفسه.

أما في الزاوية، فكان هناك طبق قديم يحتوي على بقايا طعام، مما يظهر أن صالح لم يهتم بإعداد وجبة جديدة لنفسه. رائحة الطعام المتعفن كانت تملأ الغرفة، مما جعله يشعر بعدم الراحة. تلك الرائحة كانت تذكره بالانهيار الذي مر به، وبمدى تراجع مستوى اهتمامه بنفسه.

الجدران، التي كانت يومًا ما تعكس حيوية المكان، أصبحت الآن مظلمة ومغلفة بالخيبة. كانت الصور المعلقة على الجدران، التي تحمل ذكريات سعيدة، تبدو وكأنها مشوشة، وكأنها تحكي قصصًا من الماضي البعيد.

صالح، بملابسه التي لم يكن قد غيّرها منذ أيام، كان جالسًا على الأريكة، ممسكًا برأسه بين كفيه. شعره كان غير مرتب وعينيه كانت مظلمة، مملوءة بالهموم والتعب. كانت علامات السهر والتفكير العميق بادية على وجهه، وكأنها تشير إلى معركته المستمرة مع أفكاره السلبية.

بينما كان يجلس هناك، كان الصمت يسيطر على المكان، يقطع أحيانًا صوت تنفسه الثقيل. شعوره بالوحدة كان يؤلمه أكثر من أي وقت مضى، وكأن الفوضى التي تحيط به تعكس حالة قلبه المحطم. في تلك اللحظة، كان صالح يشعر بأنه غارق في بحر من الهموم، يبحث عن مخرج، ولكنه غير قادر على العثور عليه.

الأثاث المبعثر، الأطباق المتسخة، والأوراق المشتتة لم تكن مجرد فوضى، بل كانت تجسد حالته النفسية. كان بحاجة إلى التغيير، إلى استعادة السيطرة على حياته، ولكنه لم يعرف من أين يبدأ. فقط كان هناك، في وسط الفوضى، يشعر بالضياع.

..

، كان عبدالإله يتشارك الغرفة مع أصدقائه، لكن الغرفة لم تكن تعكس شعور الألفة التي تتوقعها في مثل هذه اللحظات. بل كانت محاطة بأجواء مشحونة بالتوتر والقلق، حيث كان الأصدقاء يحاولون جاهدين تهدئة عبدالإله، الذي كان يبدو في حالة من الانهيار العاطفي.

hug me !  |   !عانـقنيِ Where stories live. Discover now