الفصل الثاني | أبواق الحرب |

28.2K 3.2K 3.8K
                                    


#الفصل_الثاني ( أبواق حرب  )

قبل القراءة لا تنسوا التصويت والتعليق برأيكم بعد القراءة ..

صلوا على نبي الرحمة .

ـــــــــــــــــــــــ

" أعلم أنني لم أكن الأب الذي تتمنينه في الكثير من الأوقات، وكذلك لم أكن الأخ أو الابن الذي قد يتمناه إنسان في حياته، لم أفلح في أي دور عدا دور العاشق والزوج، الدور الوحيد الذي أجدت لعبه في حياتي هو دور العاشق لوالدتك، المرأة التي كنت على استعداد للتخلي عن حياتي مقابل سعادتها، المرأة التي تخليت عن عالمي وحياتي وقيمي فداءً لعينيها، انغمست في عالمٍ ليس بعالمي وحياة ليست بحياتي، انغمست ونسيت ما عشت عليه وتربيت عليه، نسيت قيمي وحياتي ونسيت أن أعلمك ذلك، اهتممت فقط بتسجيل كلمة مسلمة في اوراقك الشخصية ونسيت أن أعلمك معنى أن تكوني "

خرجت تنهيدة عميقة من صدر ذلك الرجل صاحب الملامح المليحة، يرفع عيونه الممتلئة بالدموع للشاشة يردد بحسرة وندم :

" نسيت نفسي وظننت أن صلاتي وقربي من ربي يكفيان، ولا يهم ما يحيط بي، رأيت المنكر ولم استنكره، ألفت الحرام رغم إني لم اقربه، أبيت أن أُحزن والدتك إن اجبرتك على ثياب تخفيكِ عن الأعين، تركت لها حرية نشأتك طالما أنني سجلتك تحت لقب مسلمة، أصمتُ ضميري برؤيتك تصلين فروضك واقنعت نفسي أنني اديت رسالتي وعدت للاستمتاع بحياتي مع والدتك تاركًا لها حرية تعليمك، وانظري أين أنا الآن؟؟ رحلت والدتك وتركتني وحدي، رحلت وبقيت أنا، بقيت لادرك أنني أضعت حياتي سدى وركضت خلف الفناء ونسيت الحي الذي لا يموت "

صمت يمحو بعض الدموع، ثم تنهد بصوت مرتجف يكمل حديثه :

" لا تسيئي فهمي وتظنين أنني ألقي بكامل الذنب على والدتك، فوالله ما رأيت منها شرًا يومًا، بل والله يشهد أنها كانت ونعم المرأة، أنا فقط المخطئ هنا أنني خفت التحدث واغضابها، لم أجرب حتى لأعلم إن كانت قد تقبل نصيحتي، والدتك امرأة لو عاد بي العمر مرات لاخترتها دون تفكير، لكن كنت سأصلح ما أفسدته، رحلت والدتك وتركت لي حياة فارغة باهتة دونها، وإن كنتِ تسمعين حديثي الآن فهذا يعني أن الله كان بي رحيمًا والحقني بها، وكل أمل أن أفعل بعدما أكفر عن ذنوبي واعيدك للطريق الذي حدت أنا عنه "

ثواني عم بها صمت طويل جعل أعين سول تدمع أكثر وهي تراقب والدها بحسرة تتذكر بعد موت والدتها وكيف تحول والدها، أصبح لا يفارق سجادة الصلاة، بل وكان يصر على أن يؤدي فروضه في المسجد، وقد عكف في آخر شهرين على تحفيظها ما تيسر له من القرآن، كانت تشعر كما لو أن والدها استيقظ من سبات عميق، اشرق وجهه ورأت به نورًا لم تبصره طوال الست والعشرين عامًا التي عاشتهم، ابتسمت من بين دموعها وهي تراقبه يهمس لها ويكمل باللغة العربية التي علمها إياها خصيصًا لتكون قريبة منه ويشعر بالألفة :

" إن كنتِ تسمعين حديثي هذا، فهذا يعني أنني رحلت، وأنكِ الآن وحيدة، لكن يا ابنتي لن يدوم الأمر طويلًا، اعلم أنني قديمًا ظلمتك حين ألقيت بكِ بين امواج الحيرة والتشتت، بين حياتك كفتاة مسلمة، وعيشتك كفتاة غربية، لكن نحن لسنا كذلك، لا أنا كذلك ولا حتى أنتِ، نحن لا ننتمى لهنا يا ابنتي، نحن ننتمى لعالم آخر، هناك حيث ستجدين روحك المفقودة، عودي لعالمك وعيشي بين من يشبهك، لا تسمحي للقذارة بالتغلغل داخلك، ولا تقاوميه سيري مع الموجة، اوصيكِ بنفسك خيرًا يا ابنتي، اوصيكِ بروحك، سلميها لمن يعتني بها، عودي لمشكى يا ابنتي ...."

ومن بعد تلك الكلمات انقطعت الصورة ولم يصدر شيء سوى صوت تشويش يعلن نهاية المقطع المصور وهي فقط تراقب الشاشة بدون فهم، ما الذي يقصده والدها ؟! تعود لمن ؟؟ ولأين ؟؟ و...مشكى ؟؟ ما الذي يقصده بهذه الكلمة يا ترى، وأين سمعتها من قبل ؟؟؟

أسد مشكى ( ما بعد الجلاء ) Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang