*_الفصل السادس_*

22 6 7
                                    

(حالتها خطيرة جداً!... يجب أن تأخذوها إلى المستشفى حالاً) قالتها الطبيبة [مروة] -هي طبيبة [عاصف] وزوجته الخاصة- التي أحضرها [فهد] بعد أن فقدت [عبير] وعيها... كانت تهذي وتصرخ وتبكي وحرارتها لا تنتظم أبداً... كان الفهد جالساً بزاوية الغرفة ويحدق بالسقف... أما [ماركو] فكان يساعد [مروة] في كل شيء...

_ماركو: لكن... لا أعتقد أننا سنستطيع ذلك...
_مروة: لكن إن بقيت هكذا لن تعيش كثيراً... الحمى التي أصابتها قوية جداً وهي مناعتها ضعيفة...
_فهد: سنحضر لها كل شيء يلزم إلى هنا
_مروة: إذا كان الأمر كذلك إذاً سأكتب قائمة بالأشياء التي لا يمكنني الاستغناء عنها للحفاظ على صحة الفتاة...
_ماركو: سأخضر ورقة وقلم...

خرج وعاد سريعاً مع دفتر وقلم وفتح على صفحة خالية وأعطاها إياهم... بدأت تكتب لكنها أغلقت الدفتر ووضعته بجانب [عبير] وقالت بحزم...

_مروة: لن أستطيع تذكر كل شيء هكذا... ستأخذني أيها الضبع إلى المستشفى لأحضر كل شيء... وهذا من مصلحة الفتاة

تردد [ماركو] كثيراً فلم يكن يريد ترك [عبير] وفي الوقت ذاته هو يريد فعل أي شيء لتتحسن صحتها... في النهاية حسم أمره وذهب مع الطبيبة [مروة] وتركوا [فهد] و[البيهس] ليعتنيا بها.
جلس [فهد] قبالتها وتمعّن في ملامحها... راقت له تلك العينين وذلك الأنف الصغير... بدأ يشعر بأن قلبه بدأ يشده إليها... أيعقل أن يكون واقعاً في حبها؟!... هو لم يعرف حباً إلا حب عائلته وحب أسده...

_فهد: أتعلم يا [بيهس]... كنت محقاً... إنها رقيقة.. ولطيفة أيضاً... جميلة... النقاش معها مسلٍّ... وحركاتها مليئة بالطفولة والبراءة... نبضاتها!... أجمل لحن سمعته في حياتي هو نبضاتها!... ريثما يعود الضبع والطبيبة سأعمل كجهاز لسماع النبض...

اقترب وجلس على الأرض بجانب السرير... أمسك يدها التي كانت آثار الدماء والتراب لازالت عالقة فيها ووضع إصبعيه الوسطى والسبابة على أوردتها الظاهرة في رسغ يدها وتحسس النبض... بقي على تلك الحالة ما يقارب النصف ساعة... وكأنه يحاول حفظ هذا اللحن أو يصيغ كلمات تناسبه... لفته غلاف الدفتر الذي أحضره [ماركو] للطبيبة... فقد كان غريباً جداً... ترك يد [عبير] وأمسكه ليتفحص محتواه... وجد في الصفحات الأولى رسومات وخربشات لجماجم... وقلوب بشر مصابة بسهام... وهناك عقول مع قلوب أيضاً للبشر... كان هناك بعض الكلمات مبعثرة بين تلك الرسومات... لم يستطع الوصل بينهم وتكوين جمل واضحة... آخر رسمة وجدها كانت عبارة عن قلب بشري اُستبدل فيه البطينين بيدين متشابكتين... قلب الصفحة ليجد شعراً مكتوباً بخط [ماركو]...
{عن قلبي يا حبيبة... بعيدةٌ قريبة... هذا هو حال دنيانا الغريبة
لست حنون... لكنني مجنون... مجنونٌ بحبكِ وحب هؤلاء العيون
بعيدٌ عن الرب... ولا أملك قلب... لكن حالي تغير بسبب الحب
عقلي ضرير... ولست أميرْ... لكني أملك الدنيا بحبكِ يا عبير}
كان ذلك الكلام بمثابة الصفعة له... ترك يد [عبير] وابتعد عن السرير قليلا وقلب الصفحة وراء الصفحة...
{لطالما سخرتُ من الحب والعشق والعاشقين... لكن جاء اليوم الذي سخر مني الحب عندما وقعت فيه}
{صعود السلّم يكون درجةً درجة... إلا معي فقد تخطيتها جميعها ووصلت للهيام فور أن رأيت عينيكِ}
قرأ كل شيء وكل أثر تركه القلم على أوراق دفتر [ماركو]... قرأ الحب والعشق المكبوت منذ سنين... كان يريد تفتيت الدفتر وجعل أكبر قطعة فيه بحجم حبة السكر... لام نفسه على جميع المشاعر التي أحس بها تجاه [عبير] وقرر الخروج من الغرفة... لكن قبل أن يصل إلى الباب سمع سعالها فوقف مكانه يصارع رغبته في الرجوع إليها والاطمئنان عليها... سمع صوتها الضعيف المرتجف يناديه... فلم يقاوم الالتفات...

العهد المقدسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن