8- سومريةَ العينين

12 1 171
                                    

صلي علي الحبيب قلبك يطيب

............................

يا من في عينيكِ أسرار السومر،

تتراقص بين خيوط الفجر النضر،

كأنّ عطر الأمل ينسابُ مع النسيم،

يسقي قلوبنا في ليالي القمر.

هنا حيث يلتقي الزمن بالماضي،

وأحلامنا كأوراق الشجر،

نرسم بألوان عشقنا لوحةً تتحدث عن حب لا يمحي من الذاكرة « آدم »

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما إن توقفت السيارة السوداء أمام المبنى الضخم حتى ترجل منها آدم بخطى واثقة ونظرة هادئة يغلفها الفخر. كان المبنى شاهقًا بواجهات زجاجية تعكس أشعة الشمس، ليبدو كصرحٍ معماري يعبر عن براعته كمهندس وعن طموحه الذي لم ينكسر. تأمل شركته لحظات، وكأنما يتأكد أنها تجسيد لحلمه الذي قاتل من أجله، فبرغم خسارته لوالده في شبابه ودخوله السجن وهو ابن الثامنة عشرة، لم يختر أن يسير على خطى والده كمحامٍ، بل اتبع شغفه بالهندسة، متذكرًا كلمات والده: "ادرس اللي تحبه مش مهم تبقي زيي بس المهم تكون سند وحامي ديار بلدك وناسك من غير ما تسيب حلمك

حين خطت قدماه إلى الداخل، شعر بهدوء المكان الذي تملأه أجواء عملٍ جادة، كل ركن فيه مفعم بالنشاط والترتيب. موظفون يتحركون بهدوء يحملون ألواحًا ورسوماتٍ هندسية وملفاتٍ ضخمة، كأنهم قطعٌ من خلية نحل تسير بتناغم. كانت ديكورات الشركة عصرية، ألوانها هادئة وأناقتها متوازنة، تضفي إحساسًا بالرقي. في زواياها، عُرضت لوحات ومجسمات لمشاريع سابقة، تُجسد مشواره وإنجازاته كمهندس.

ومع دخوله، بدأ الموظفون بالتجمع من حوله بهدوءٍ واحترام، يلقي كلٌ منهم عليه تحية سريعة أو يرحب به، بينما كانت مدام خيرية، السكرتيرة، تتبعه تشرح له باقتضاب المستجدات في جدول أعمال اليوم.

تابع طريقه حتى وصل إلى مكتبه الفخم. كان مكتبه فريدًا في تصميمه؛ أرففٌ تحوي كتبًا متخصصة ورسومات معمارية، ومجسماتٍ لمشاريع هندسية تبدو كلوحات فنية دقيقة. على المكتب كانت تنتشر مخططات لمشاريع قيد الإنجاز. أما الجدار الخلفي، فقد كان من زجاجٍ كبير يطل على نهر النيل؛ منظر بديع يضفي سكينة على المكان، وكأنه امتدادٌ لهدوء آدم واتزانه.

جلس على كرسيه الوثير، وأسند ظهره للخلف براحة وثقة، ثم التفت إلى مدام خيرية، قائلاً بهدوء: "تمام، يا مدام خيرية، جهزي الاجتماع."

أومأت خيرية له باحترام، ثم غادرت المكتب في هدوء، تاركةً آدم يتأمل مكتبه الذي يعكس مسيرة نجاحه، وحلمه الذي بُني بعرق وكفاح.

توقف شرود آدم عند دخول مدام خيرية للمكتب، وهي تقول بهدوء: "معتز بره، مستني."

أومأ آدم برأسه، قائلاً بلهجة رسمية: "دخليه."

عبر حدود المجهولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن