إنَّ الَّذي جَمَعَ القُلوبَ لقادِرٌ
أَن يَجمعَ الأجسادَ بِالأَجسادِفي قبو خفي تحت أحد أحياء المدينة القديمة، حيث الأرض تئن تحت ثقل الزمن، كانت الحجرة الفسيحة التي ينعكس ضوؤها الخافت على الوجوه المكدرة بظلالٍ، متداخلة طاولاتٌ خشبية قديمة تراكمت حولها كؤوس الخمر وأوراقُ لعب مبعثرة، كانت هذه البقعة ملتقى دائم يجمع قادة الميليشيات وأصحاب النفوذ في المدينة...
"حجي جماعة ايران اتأخرو، المفروض الشحنة وصلت من اسبوع "جالس على رأس الطاولة،كعادته، مرتدياً قميصه الداكن المفتوح عند العنق، يكشف عن ندبته الطويلة التي غطت نصف وجهه، احاطت به دائرة اتباعه رجال أشداء، منهمكُون في تبادل النظرات المتوترة
"شگد بقى بعد حته نحدد الحصص؟"استفهم عباس بصوت عميق وهو ينظر إلى نصير مباشرة، متجاهلًا كلام الآخر، فهو رجل لا يقل خطورةٌ بل ربما أكثر خبثًا منه، ممتلئ الجسم، وجهه دائم التقطيب، وشاربه الكثيف يهتز مع كل نفس يأخذه نظراته كانت تشع بالغضب المكتوم، وهو يداعب مسبحة الكهرمان الفاخرة
"مو إحنا اللي نحدد، المعادلة تغيرت الوضع صار بيها أطراف جديدة لازم نتعامل وياها"رد نصير بابتسامة باردة، مليئة بالثقة المعتادة مشتده انظار الكل بغرابة طغت على جوابه، واقعياً الموضوع لايقتصر على الحصص بل على السيطرة والنفوذ
"أطراف جديدة؟! "أستفهم عباس بنبرة مليئة بالتهكم، وهو يضرب الطاولة بقوة، محدثاً صوتاً مدوياً في الغرفة"احنا أهل هالمدينة ماكو طرف جديد يجي ويشلحنه حگنه!"
" باشه اسمحلي هسه كلشي تغير والأمور مو بيدنا بعد"رفع أحد الرجال يده، يُعرف باسم "رياض" وهو اليد اليمنى لنصير، ونبس بهدوء و بصوت رزين، ونصير من ناحية اخرى ارتشف قليلاً من كأسه واكتفى بأيماء برأسه
ارتفعت الأصوات الجالسين فجاه و بدأوا يتحدثون بعصبية، كل واحد يحاول أن يفرض موقفه، الكلمات تتحول إلى تهديدات مستترة، والكل يحاول أن يظهر نفسه على أنه الأقوى
"احنا الي سوينا هاي المدينة والكل دگ صدره وشارك على اساس حصص تتوزع بالتساوي منو هاي الجهات؟والمن تابعة؟"قالها أحد القادة المعروف ابو زهرة ردا على كلام رياض بنبرة سخط متوزعة انظاره على الباقين الذين أيدوه بكلمات وهمهمات مسموعة