10_أَنْتَ جُونْ.

24 4 4
                                    

ما أن خرجت من السور الضخم العملاق المحيط ببنايات السجن ، حتى وجدت سيارة تقف على الطريق المقابل ، و إلى جانبها يقف رجل عرفت فورا أنه صديقي الحميم جيهوب ... كنت أسير ببطء شديد ، خشية أن أفيق مما ظننته مجرد حلم ... حلم الحرية أنظر إلى السماء فأرى الشمس المشرقة تبعث إلى بتحياتها وأشواقها الحارة و أرى الطيور تسبح بحرية في ساحة الكون ... بلا قيود و لا حواجز ... و أتلفت يمنة ويسرة فتلفحني أنسام الهواء النقية ... عوضا عن أنفاس المساجين المختلطة بدخان السجائر . لن أطيل في وصفي لشعوري ساعتها فأنا عاجز عن التصوير ... تعانقنا أنا و صديقي جيهوب عناقا حارا جدا و لا أعرف لماذا لم تنصهر دموعي ذلك الوقت ! أ لأنني قد استنفذتها في السنوات الماضية ؟؟ أم لأنني كنت في حالة عدم تصديق ؟؟ أم لأنني فقدت مشاعري و تحجر قلبي و تبلد إحساسي ...؟؟

" حمد لله على خروجك سالما أيها العزيز "

قال جيهوب و هو يعانقني وسط بحر من الدموع .

و يدقق النظر إلى تعابير وجهي الغريبة و عيني

الجامدة و أنفي كذلك !

قلت :

" عدا عن كسر بسيط في الأنف ! "

و ضحكنا ! قلت :

" فعلها والدك ؟ "

ابتسم و قال مداعبا :

" والدي و أنا ! بكم تدين لي ؟؟ "

" بثمان سنين من عمري أهديها لك !"

ركبنا السيارة و ابتدأ مشوار العودة ... الطويل كان المقعد جلدي قد أحرقته الشمس ، و ما إن جلست عليه حتى سرت حرارته في جسدي فحركت فيه حياة كانت ميتة ... طوال الوقت ، كنت فقط أراقب الأشياء تتحرك من حولي ... الطريق ... الشارع ... الأشجار كل شيء يتحرك ... بعد أن قضيت 8 سنوات من الجمود و السكون و الموت

8 سنوات من عمري . ، ، ضاعت سدی .... فمن يضمن لي العيش ثمان سنوات أخرى ... أو أكثر أو أقل ؟؟ دهشت لدى رؤية آثار الحرب والدمار .... تخرب البلد ... الطريق كان شاقا والشوارع مدمرة ، و كان علينا عبور مناطق لا شوارع بها وقد حضر جيهوب بسيارة مناسبة للسير فوق الرمال . بين الفينة والأخرى ألقي نظرة على ساعة السيارة ، ودونا عن بقية الأشياء من حولي لا
أشعر بها هي بالذات تتحرك ... إنني في أشد الشوق لرؤية أهلي ... منزلي ... مدينتي ... و شديد اللهفة إلى صغيرتي اميليا ! آه يا اميليا ! ها أنا أعود ... فهل أنا في حلم ؟؟ كانت الشمس قد استأذنت للرحيل على وعد بالحضور صباحا ، لحظة أن فتحت عيني على صوت يناديني

" وصلنا ! انهض عزيزي

لم أشعر بنفسي حين نمت مقدارا لا أعلمه من الوقت ، إلا أنني الآن أفقت بسرعة وبقوة ... كان جسدي معرقا و ملتصقا بملابسي وبالمقعد ... و مع ذلك لم أشعر بأي انزعاج أثناء النوم

" وصلنا ! إلى أين ؟ "

قلت ذلك و أنا أتلفت يمنة ويسرى و أرى الدنيا مظلمة ... إلا عن أنوار بسيطة تتبعثر من مصابيح موزعة فيما حولي قال سيف :

أَنت جونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن