3

44 2 0
                                    

" جوليا ، ساعديني!"
قالها آليك بلهفة فور دخوله ....
" ما المشكلة ؟"
" لقد طفح الكيل!"
"لماذا؟"
" أنا مجرد وغد شرير!"
" أنت لست شريراً آليك!"
" بلى ، أنا نذل أيضاً ، ما كان لي أن أدخلك في هذه القضية! التي لا دخل لك بها "
" ما حصل قد حصل وأنا لم أندم يوماً عليه"
" لكن هذا لا ينفي كوني حقيراً، لو كانت في رأسي ذرة عقل لما اختطفتك، أنا نادم أشد الندم"
" انسى هذا الأمر ، وصدقني أنت لست شريراً ، لا بل وتستطيع أن تصلح خطأك أيضاً وبطريقة سهلة "
" وكيف ذاك؟ بإعادتك إلى أهلك؟"
" لا ، الأمر أبسط من ذاك بكثير ، يكفي أن تخبرني بفعلة أخي!"
" هذا لن ينفع ، أنا وغد ، و جون أكثر حقارة مني"
" لو أنك فقط تخبرني!"
" أتريدين حقاً أن تعرفي ؟"
" أجل"
" إذن اسمعي الأمر يتعلق بـ....... ، انسي الأمر، فلا فائدة من كشف الأمور"
" حسناً، وما الحل برأيك؟"
" ربما كتكفير عن ذنبي ، سأسمح لك بالخروج من هنا "
" أهذا صحيح؟"
" لا تسيئي فهمي ، لست أسمح لك بالعودة إلى بلادك ، فقط يمكنك التجوال في الأنحاء وبرفقتي بالطبع !"
" بأمرك سيدي"
" إذن تجهزي لنخرج الآن ، لقد مر وقت طويل منذ أن ذهبت إلى ....
" نحن في آليريا ، أليس كذلك؟ فهذه المناظر ليست بغريبة عليّ ، ومع ذلك في كل مرة أراها فيها، أشعر وكأنني أشاهدها للمرة الأولى"
" لم أكن أعلم بأنك قد سبقت لك زيارة أليريا "
" يسرني أن أعلم بأن مخبرك قد فاته شيء"
" هذا غريب ، فمن المفترض أن يكون عالماً بكل شيء يخصك وهو أيضاً يعلم بأني اختطفتك، وأني سافرت معك إلى هنا، فكيف غفل عن ذكر ذلك إلا إن كان لا يعلم بذلك الأمر وهذا لا يصدق"
" يا للروعة، أنا أعشق المرتفعات والجبال "
ونظرا حولهما ، فرأيا العجب العجاب ، لكأنهما كانا يحلقان فوق السحاب ، الضباب الخفيف المنتشر بين الجبال ، يعطي انطباعاً غريباً ، نظرت إلى الأسفل ، إلى الإنخفاض الساحق ، فقد كانا يقفان على قمة جبل شاهق الارتفاع ، و لشدة حبها للمرتفعات ، فقدت توازنها من روعة المنظر... أمسك بها حتى لا تسقط ، فاحمر وجهها ...
" شكراً لك آليك"
" في أي وقت ،ليدي"
يا لسخرية القدر ، أيعقل أن أحمر خجلاً في كل مرة أحتك فيها به ؟، لماذا؟ و أنا أعلم مسبقاً بأنه خاطب .... فلأترك كل شيء للوقت ، فهو الذي سيكشف كل شيء حين يحين وقت سقوط الأقنعة ....
" هل استمتعت بوقتك ؟"
" أجل ، لطالما أحببت المرتفعات ، شكراً لك لأنك أخذتني إلى ذلك المكان ، أكان عن طريق الصدفة أم أنك خططت لأخذي إلى هناك من قبل؟"
" بصراحة وبدون كذب وخداع ، لقد علمت مسبقاً بأنك تحبين المرتفعات ، ولكن هذا لا يعني أنني أخذتك إلى هناك فقط لهذا السبب ، بل لأنني أنا الآخر أحبها فأخذتك إلى هناك لأعرف رأيك بها "
" إلى أين سنذهب غداً ؟"
" لا أدري حتى الآن لكن أعدك بأنك سترين روائع وخفايا بلادنا خلال مدة اختطافك "
" جون ، إن لم تجد حلاً وبسرعة ، سأقتلك ثم سأنتحر"
" ولم الغضب؟، اهدأ و أخبرني ، لماذا لم تقتل جوليا حتى الآن بما أنك ستتقطع من الغضب ؟"
" لأن أختك مسكينة، ليس لها ذنب في ما يجري، اللوم كله يقع عليك أيها اللورد المستقبلي"
" لا تبرئ نفسك آليك ، فإن كنت أنا قد أخطأت مرة ، فأنت أخطأت مرتين ، لم يجبرك أحد على اختطاف مراهقة بريئة"
" أجل ، هذا صحيح ، إنما هذا لا يعني بأن الوقت قد فات ، فباستطاعتي الآن أن أذهب و أخبرها بكل شيء ، صحيح أنني سأتحمل أكثر اللوم و سأكون في وجه المدفع ، لكنني لن أفاجأ حين أسمع بأنها قد قتلتك ، فما فعلته ليس بالهين"
" لا أرجوك آليك ، لا تخبرها ، ستغضب مني بالتأكيد ، أرجوك أنت صديقي..."
" لا لم أعد صديقك منذ أن فعلت فعلتك " و قطع الاتصال، وكالعادة لم يسفر الاتصال عن نتيجة ... ... سقطت خصلة متمردة من شعره البني على وجهه ، فرفعها بعصبية ......
أخذ يفكر ويفكر ........ أتراه سيخبرها يوماً بالسر ... لم يكن يعرف ... لو أنني لم استعجل واختطفها لما حصل ما حصل ..... وصدق جون حين قال بأنني أنا الآخر مذنب ... أنهكه التفكير فخلد إلى النوم ...... لكنه قال قبل أن يستسلم نهائياً له :" يبدو أنني أنا من سيتعذب ، لا بل و سيجن في نهاية المطاف!"
" يا للروعة ! يا للجمال ! إنه الخيال بعينه"
" هل أعجبك المكان؟"
" بالطبع وكيف لا يعجبني؟، كل شيء في أليريا رائع حتى حديقة منزلك "
" يسرني سماع ذلك"
" كيف اكتشفتها؟"
" كانت هذه الغابة هي ملاذي في صغري ، إذا ما أحسست بالضيق ، لقد كنت أعشقها ومازلت، كنا نأتي أنا و آلي إلى هنا دون علم والدينا "
" ومن هي آلي ؟ أهي خطيبتك ؟"
" لا، إنها ليست بخطيبتي ، فـ آليسا هي أختي الصغيرة
" وماذا كنتما تفعلان هنا ؟"
" لاشيء ، فقط نتمشى كما نفعل نحن الآن ، أو نسبح "
" تسبحان ؟ أين؟"
" في بحيرة قريبة من هنا ، سرعان ما سنصل إليها "
لاحت لهما من خلف صف من الأشجار العملاقة بقعة زرقاء من المياه الصافية....
" ما أروعها ، آليك أريد أن أسبح فيها!"
" لقد توقعت ذلك ، فجهزت لك ملابس إضافية "
" أوه شكراً " وأسدلت شعرها ذو التسريحة الغريبة والرائعة في ذات الوقت ....ونزلت للماء البارد...
" إنها أول مرة أراك تسدلين شعرك فيها!"
" أهذا صحيح؟ أنا أرفعه دائماً تجنباً للحر"
" إنه رائع!"
" يا للفرحة، لقد أزداد عدد المعجبين"
" لا تسيئي فهمي، أنا لست معجباً، فما فعلته ليس سوى تقرير أمر واقع فقط لا غير"
" حسناً حسناً ، أعدك أن ألا أسدل شعري مرة أخرى"
" لم أقصد هذا! " لا يا غبية فشعرك هكذا أروع بكثير! إنما لا أستطيع أن أتكلم معك بصراحة..
" إذن؟"
" إذن ماذا؟ انسي الموضوع ، ولنتمشى قليلاً "
" فلنذهب إذن"
تمشيا قليلاً ثم عرجا على مطعم فخم لتناول العشاء في طريق عودتهما إلى المنزل ....
"انتظر قليلاً ، دعني أمتع ناظري بهذه الحديقة الرائعة!"
" أحقاً ؟، أوه بالطبع إنها رائعة ، لكن حديقتكم هي الأخرى رائعة!"
" هل رأيتها؟ أنا أعشقها "
" بالمناسبة، يبدو أن أخاك قد تخلى عنك الآن فهو يرفض المساومة"
التفتت إليه فالتقت العينان الخضراوان الرماديتان بالعينين العسليتين:" لماذا لا تخبرني بمطالبك فادفعها لك أنا ؟"
أشاح بعينيه عنها:" لأن المشكلة بيني وبين أخيك ، ولا أريد لأحد أن يتدخل فيما بيننا "
" لكن ألا تظن أنك أدخلتني في المشكلة ، بل أصبحت المشكلة تتعلق بي أنا وحدي ، لذلك من حقي أن أعلم بكل شيء "
" أعرف جوليا، وهذا ما يؤرقني ، لذلك من الأفضل أن تبقي جاهلة بالأمور، لا فائدة من اكتشاف المستور، صدقيني ، في النهاية لا أحد سيتعذب سواك " ودخل لوحده ، حتى أنه لم يعبأ بردة فعلها ، لكأنه يعطيها الفرصة للهرب ، لكن عنادها اشتعل في هذه اللحظة ، ولسوف تبقى هنا حتى تعرف بالأمر لكن .... " سأتعذب في نهاية المطاف؟، لماذا؟ أنا لم أفعل شيئاً ، لكن قلبي بدأ ينذر بالشر ، يبدو أن المشكلة أكبر مما كنت أظن بكثير "....
لا بأس ، لا بل لا مشكلة أبداً ، ستكتشف بنفسها القضية ، فذكاؤها عادةً لا يستهان به!...
" آليك، آليك .. أرجوك أجبني!"
لم تسمع له صوتاً فأخذت تجول في أنحاء القصر بحثاً عنه .. حتى وجدته بعد نصف ساعة في غرفة المكتبة .... جالساً على إحدى الأرائك الوثيرة، واضعاً رأسه بين يديه ، ومستغرقاً في تفكير عميق بائس ، لكأنه يصارع دافع الخير ودافع الشر في نفسه ...

رأته جوليا بذلك المنظر الذي يقطع القلب ، فدنت منه :" آليك، أنا آسفة ما عدت أرغب في معرفة الأمر ، لقد فكرت في كلامكما أنت و جون ، و فهمت أخيراً أنكما أكبر مني ، فلابد أنكما تعرفان ما هو الأفضل لي "
رفع رأسه وقال بصوت يائس:" ربما كنتي أكبر منا بالرغم من كل شيء! فنحن الإثنان لم نحسن التصرف بعكسك، فحتى و أنا خاطفك ، تحاولين مواساتي والتخفيف عني ! صدقيني لم أعد أتحمل المزيد من الندم وتأنيب الضمير وسأخبرك بكل شيء ".

الخاطف الجذاب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن