" جون، لقد أخبرتها بكل شيء!"
اتسعت عيناه وقال:" ما الذي تعنيه بكل شيء ؟؟"
" قصتك مع أختي بالطبع!"
تنفس الصعداء وقال بمرح:" لقد أخفتني آليك! حمداً لله
" لابد أن جوليا تكرهك أيها الأحمق الآن، أنت حقاً قاسي القلب!"
" لا بأس!"
" أكرهك جون!، لقد ضيعت وقتي مع شخص لا يستحق ، أنت حقاً مثال لرفيق السوء!"
" اكرهني أنت الآخر آليك، لا أهتم طالما أنك لن تخبر جوليا عن ...!"
" لا تفرح كثيراً ، ستعرف به إن عاجلاً أو آجلاً ، وطبعاً سيكون ذلك عن طريقي أنا !!"
" لماذا؟؟؟؟ حتى تضيف إلى الحقائق لمساتك الخاصة، فأظهر بمظهر الشرير!!"
" صدقني إذا كرهتك ، لن ألومها مطلقاً ، وبالنسبة للشخص الذي سيزف لها الخبر ، فبالطبع سيكون أنا !! لأنك لن تستطيع أن تعترف لها!!"
" معك حق ، أخبرها أنت ، إنما حاول أن تخفف من حدة الحقائق ، حتى لا تصل إلى درجة من الغضب بحيث تخبر والداي بــ ، أنت تعلم "
" بل سأخبرها بطريقة تجعلها تكرهك حتى آخر عمرها!!"
" أنا أعرفك ، لن تفعل سوى ما طلبته منك"
" ما الذي تعنيه ؟؟ ، أتعتقدني ضعيف الشخصية بحيث لا أقوى على عصيان أوامر اللورد المستقبلي؟؟"
" لا تسئ فهمي ، كنت أعني أنت طيب القلب ، ولن تستطيع أن تؤذي صديقك ، مهما كانت الأسباب ، وبالرغم من كل شيء، أليس كذلك؟"
" وهذا ما أخشى منه ، أنني وبالرغم من كل ما فعلته حضرتك ، لن أستطيع إيذائك!!"
سكتا قليلاً ثم قال جون:" آليك ، لقد لاحظت شيئاً غريباً منذ فترة ، لا أدري هل لاحظته أنت الآخر أم لا؟؟"
سأل بحذر :" وما هو؟؟"
" أنت لم تسألني ولا مرة عن خطيبتي!!"
" فلتذهبا إلى الجحيم أنتما الاثنان" وقطع الاتصال والشرر يتطاير من عينيه ...
ضحك جون من سويداء قلبه ، استمر بالضحك حتى طفرت الدموع من عينيه ، عندها دخلت فتاة رائعة بشعرها البني المتوسط الطول الذي يتطاير مع كل نسمة هواء تمر من خلاله ....
" جون ، ما الذي يضحكك؟ أخبرني لأضحك معك!"
" لاشيء مهماً ، فـ آليك قد صارح جوليا بموضوع زواجي أخيراً !"
" وهل هذا خبر مفرح؟"
" أوه بالطبع ، فأنت لم تسمعي صوته وهو يخبرني بذلك! وقلبي يحدثني بأن جوليا هي الأخرى نادمة على فعلتي!"
" و أنت لم تندم عليها حتى الآن؟؟"
" ولم الندم ؟؟ ، فانا لا أرى أنني أخطأت بشيء!"
" لابد أنها تكرهك الآن!"
" فلتكرهني ، لا أهتم بذلك!"
" أتعلم جون؟، بدأت أعتقد بأنك حقاً شرير!"
" أتعلمين حبيبتي؟، بدأت أظن حقاً أنك تحبينني!"
" يا للغرور!، و ما الذي جعلك تظن ذلك؟"
" لأنك ما زلت حتى الآن خطيبتي ، لم تتركيني مع أنك تعرفين كل شيء عني ، وهذا بحد ذاته شيء لا يصدق بالنظر لكونك طيبة ومحبة للخير"
" فهمت ، قل لي جون ، لماذا فعلت ذلك؟ إنها مسكينة ، أنا أشفق عليها كثيراً"
" أنت تعلمين ، لقد أخبرتك مراراً وتكراراً"
" لقد قلتها بنفسك، أنا أعلم فقط ما أخبرتني به أنت بنفسك، و ما يدريني لعلك كنت تكذب عليّ!"
" لكنها الحقيقة!"
" لكني لم اقتنع بها! لذلك إما أن تخبرني بالحقيقة الخالصة أو أخبر جوليا بما اكتشفته بنفسي!"
ضحك وقال:" يبدو أن ذكائك لا يستهان به ، وعلى أية حال ، طالما أن ما سأقوله لن يصل إلى مسامع جوليا ، فسأخبرك بالحقيقة ، ولا شيء آخر غيرها"
مع انبلاج أولى خيوط الشمس ، أفاقت جوليا من نومها فزعة ، فوضعت يدها على قلبها ...
" إنه كابوس!!"
جمعت شعرها فوق رأسها ، في تسريحة بسيطة ورائعة في الوقت ذاته ، اتجهت نحو الحمام فاغتسلت واستبدلت ملابسها ، ثم نزلت إلى الطابق السفلي ....
" آليك ، أين أنت؟؟"
سمع آليك صوتها ، في الوقت الذي قال له فيه جون :" أنت لم تسألني ولا مرة عن خطيبتي!!"
خشي أن تأتي جوليا فتسمعه فأجاب بحدة واختصار :" فلتذهبا إلى الجحيم أنتما الاثنان!" وقطع الاتصال ، و وضع هاتفه الخليوي في جيبه ... مرر يده في شعره ... حاول أن يتظاهر بالحزن .. إلا أنه لم يكن يحتاج إلى الكثير من التصنع ، فقد كان الحزن مسيطراً عليه .... لكن إذا رأته جوليا بهذا الشكل ، ستحزن بالتأكيد ، وهو لا يريد أن يعكر صفو حياتها شيء ، لم يعلم لماذا؟؟ لكنه اتبع قلبه الذي أمره بذلك... فحاول أن يتصنع الفرح .... لكن الحزن كان الغالب ... سمع صوتها من جديد منادياً ..... لم يتمالك نفسه ... فخرج من المكتبة ، راسماً ابتسامة مشرقة على وجهه ، لكنه سرعان ما أزالها ، حاول أن يرسمها من جديد .. تشابكت المعلومات في رأسه فلم يعلم ما العمل ، أيضحك أم يبكي !!!!!!!
رأته جوليا فأتت مسرعة نحوه :" آليك ، و أخيراً وجدتك!" كانت تلهث من الركض.....
" أنا هنا!!!"
رفعت رأسها أخيراً ولكن ما أن التقت عيناها بعينيه حتى قالت:" آليك ، أنا اعتذر مرة أخرى عما فعله جون ، و صدقني سأعيد الأمور إلى نصابها قريباً " خرجت كلماتها مريرة ، مشبعة بالحزن والأسف....
لم يفهم ما الذي جعلها تقول له هذا الكلام فور رؤيتها لوجهه .... أهو مثير للأحزان إلى هذا الحد .... أيذكرها وجهه بالمصائب ؟؟؟؟؟ تأكد من أن السر يكمن في وجهه فحاول أن يكتشف السبب .....
" لا تذكريني بهذه القصة السخيفة!!!"
" ماذا؟ هل نسيتها ؟؟ ما الأمر؟؟"
" لا شيء ، إنما عادت إلي روحي المرحة هذا الصباح ، ولا أريد أن يفسدها علي أي شخص ، وخاصة أختي !!"
" لكنك تبدو بعيداً أشد البعد عما تسميه مرحاً!!!"
" أهذا صحيح ؟؟ ، أنظري إلى الابتسامة تعلو وجهي !!"
" لكني لا أرى أية ابتسامة !!!"
تنهد ثم قال :" يبدو أنني أحاول مستميتاً أن أبدو مرحا ًلأجلـ .......، لكن دون فائدة!"
" لأجلي؟؟ أنت تجعلني أشعر بالذنب !!"
" لا تشعري بالذنب لأجلي ، جوليا فأنا لا أستحق "
" بالعكس ، أنت تستحق كل الخير آليك، فبالرغم مما فعله جون ، ما زلت تحاول أن تصلح خطأه دون أن تخبر أهلي بما فعله!"
" صدقيني جوليا، أنت لا تعرفينني جيداً و إلا لما قلتي مثل هذا الكلام ، أنا مثل جون ، وربما أسوأمنه بكثير!!"
" لماذا؟"
" ربما لأنني اختطفتك؟؟"
" أما زلت تذكر هذه القصة القديمة؟، لقد نسيتها أنا تماماً ، ثم إن هذا الأمر لا يجعل منك شريراً، فما فعلته كان لأسباب منطقية"
" يا للأسباب !! أسبابي كلها غير منطقية ، ولا يقبلها العقل السليم !!"
" فلننس الموضوع ، ولنتناول فطورنا !"
" كما تريدين!"
" جوليا ، لا بد أنك غاضبة مني لأنني أفسدت عليك خطة قضاء أمسية الليلة الماضية !"
" لا ، أنت مخطأ ، أنا لست غاضبة منك ، إنما غاضبة من جون ، لم أكن أعلم بأنه يستطيع أن ... آسفة ، لقد تكلمت بتهور ، لم أحسب حساباً لمشاعرك تجاه الأمر"
" لا بأس ، لم أعد أهتم به"
" لا تكذب آليك ، أنا أراه في عينيك "
" من هو؟؟؟"
" الحزن بالطبع !"
" لكن هذا لا يعني أنني حزين على آلي ، ألم يخطر في بالك قط أنني تعيس لسبب آخر؟؟"
" لا ، أخبرني ما هو ؟؟؟"
" خمني !"
" لقد عرفت، أنت حزين لأنك لم تر خطيبتك منذ أن جئت أنا إلى هنا ، فبالتأكيد أنت مشتاق لها كثيراً "
" وكيف عرفت؟؟"
" إذن لقد كنت محقة ، يا للرومانسية !! ، أنا أحبك كثيراً آليك ، أتعلم ؟؟ خطيبتك أسعد فتاة في العالم ، لأنها وجدت من يحبها حقاً"
اتسعت عيناه دهشة .. تحبني؟؟!! لا، لم تكن تقصد ما فهمته أنا ........ بل إنني لم أفهم ذلك بهذه الطريقة إلا لأنني أريد أن يحدث هذا حقيقة........ ماذا؟؟ أيعقل أن أكون ...
" آليك ، يبدو أنك ذهبت مع أفكارك بعيداً عني !"
لقد ذهبت بأفكاري ؟؟، أوه هذا صحيح ، إنما لم أذهب بعيداً عنك ..... فأفكاري منذ رأيت شعرك لأول مرة ، لا بل منذ أن رأيك عينيك ، أو ربما وجهك ... لا أعتقد أن أفكاري منذ أن رأيتك عموماً ، أصبحت تدور حولك أنت ، وأنت فقط ، ليتني فقط أستطيع أن أخبرك بهذا...
" لقد كنت أفكر بخطيبتي!"
لابد أن في عقلي خلل ما ، وفكر بسخرية : لماذا ذكرت خطيبتي الآن؟؟
"يا للرومانسية ، حدثني عنها"
"أنا لا أتحدث عنها مطلقاً!"
" لماذا؟؟؟"
" لأن .. لا أدري ، لا أستطيع وصفها!"
" يا للروعة ، ألهذه الدرجة تحبها؟؟"
" أية درجة تعنين؟؟"
" إلى درجة أنها تخطت مرحلة الوصف!!"
" عقلك صغير جداً جولي "
" لماذا؟"
" يا لهذا التفكير!"
رن هاتفه ، فرد بصبر فارغ:" فورد يتحدث"
تغير صوته فجأة:" أوه ، مرحباً ، لم أرك منذ زمن طويل ، لقد اشتقت إليكِ كثيراً ....."
ولم تسمع البقية لأنه كان قد دخل إلى البيت ليتكلم بحرية أكبر .....
من هذه التي اشتاق إليها ؟؟؟ لابد أنها خطيبته الحبيبة.....
ولكن ما دخلي أنا؟؟؟؟ فلأتركه وخطيبته .... لكن كان عليه أن يحسب حساباً لمشاعري ...
وما دخل مشاعري و أحاسيسي في الموضوع ؟؟؟؟
" إلى أين ذهبت بأفكارك؟"
" لقد أخفتني ، منذ متى وأنت تقف هنا تراقبني؟؟"
" لقد خرجت للتو!"
" حسناً هذا لا يهم"
" ما رأيك بغداء على شاطئ البحر ؟؟"
" آسفة ولكني فقدت شهيتي للطعام ، ولا أعلم ما السبب ، سأرتاح في غرفتي حتى وقت العشاء"
و دخلت تاركة إياه في حيرة من أمره ...
ما الذي حل بها ؟؟؟؟ لابد أنني كدرتها بطريقة أو بأخرى ....
استلقت على سريرها تفكر..... ما الذي حل بي؟؟؟ لماذا تغير مزاجي بهذه السرعة ودون سبب.. لكن لا ، لكل فعل ردة فعل ، ولابد أن ما حدث كان ردة فعل لشيء ما ... ولا أدري ما هو؟؟
آليك مسكين يعاني كثيراً ، وسبب معاناته أخي جون ، إنه يستحق فتاة تحبه و تسعده ...
يبدو أن هذه الفتاة .. خطيبته تحبه ، وإلا لما أصبحت خطيبته! إذن من المفترض أن يكون سعيداً .. ولا يكدر صفو حياته شيء سوى مصيبة أخته ....
إلا إن كانت خطيبته لا تحبه بينما هو متعلق بها و لا يعرف طريقة يجعلها تحبه بها، ففي هذه الحالة سيكون حزيناً بالطبع ....
لقد اكتشفت الأمر .... هذا هو السبب بالتأكيد ، لا يمكن أن أكون مخطأة ، سأساعده ليمحو أحزانه جميعها ...... و أدوس على قلبي؟؟؟؟؟؟
قلبي؟؟؟؟؟؟!!!!!!! وما شأن قلبي بآليك؟ ......أنا لا أحبه حتى ، بلى أنا أحبه كأخ لا أكثر ... نعم بالطبع حبي له كحبي لجون لا غير ..... أجل هذا صحيح ... أنا لا أحبه .... بل إنني لا أحبه على الإطلاق ... أبداً .....
طرق الباب في هذه اللحظة ...
" أدخل !" قفزت من السرير واقفة على قدميها ....
" يجب أن تأكلي شيئاً جوليا!"
" أوه أجل ... يجب أن آكل ... هذا صحيح .... ماذا؟؟؟ آكل؟؟؟ لقد سبق أن قلت لك بأني لا أرغب بالطعام!"
" ما الذي يجري؟؟ ، لا تبدين طبيعية اليوم"
" أنا ؟؟ لابد أنه الطقس ، فأنا لا أتحمل الأجواء الشديدة الحرارة!"
" لكن درجة حرارة هذا اليوم بالذات منخفضة جداً!"
" أهذا صحيح؟؟ أجل ، الطقس اليوم بارد جداً"
وضع يده على جبينها :" حرارتك طبيعية، هذا غريب!"
احمر وجهها و توقف عقلها عن التفكير، لكن ما أن رفع يده عنها ، حتى عاد عقلها ليمارس عمله السابق .. ففهمت ما كان يعنيه ....
" أتقصد بأنني مجنونة؟؟"
" ربما ، هذا ممكن"
" ماذا؟؟ على أية حال ، ما الذي أحضرك إلى هنا؟؟"
" قدماي بالطبع ، أقصد لقد أتيت لأعتذر لك "
" وهل فعلت شيئاً خاطئاً يستحق الإعتذار؟"
" لا أدري، ولكن لأنك صعدت فجأة ، اكتشفت بأني لابد قد فعلت شيئاً جعلك تحزنين أو تغضبين على الأقل! "
هل اكتشف السبب يا ترى ؟؟؟ أي سبب ؟؟ أنا نفسي لا أعلم به ....
" لقد تذكرت فجأة جوليـ ...... ، لقد مرت ببالي ذكريات أخمدت شهيتي ، هذا كل ما في الأمر!"
لقد كاد اسم جوليان أن يفلت من بين شفتيك ، لماذا تحاولين مستميتة محوه من حياتك ؟؟؟
لقد فهمت الآن ، أنت تحبينه ولذلك لم تؤثر بك خطتي الغبية ، في جعلك تلعبين في الأجواء الرومانسية تلك الليلة .....
يجب عليّ أن أسعى جاهداً لطرده من عقلك و الأهم من ... قلبك !!
يؤثر بي هذا الأمر كثيراً ، ولا أدري لماذا .... لكن .. هل هناك من مثل يقول ... علاج الداء بالداء شفاء ؟؟؟؟
لا أدري ، إنما حتى لو كان موجوداً ، لن أعتقد به وبالتالي لن أعمل به !!!
لكني لم أجد علاجاً غيره ، لذلك سأعمل به ......
لحظة واحدة، ما هي النتيجة من ذلك الأمر كله؟؟؟ سأسبب لها التعاسة ... يا للغرور!! أنا أتكلم وكأنني واثق تماماً من أنها ستحبني .... ما الذي يدعو فتاة مثلها للوقوع في حب شاب مثلي؟؟؟
" إذا كان الأمر كذلك ، فلا بأس ، لن أضغط عليك كثيراً ، إنما هذا لا يعني أنني سأسمح لك بالبقاء حبيسة هذه الغرفة حتى المساء!، سنذهب لمدينة الألعاب! تجهزي بسرعة و إلا سألغي الرحلة!"
" احسب بنفسك كم أحتاج من الثواني لأكون جاهزة!"
كما توقعت ، هذه الطريقة تأتي بالمفعول المطلوب .....
وقف مبتسماً يراقبها وهي ترتب شعرها المرتب ، آه كم أتمنى أن أرى هذا الشعر منسدلاً على كتفيك ....
أخذت تلوح بيدها أمام عينيه... فقال:" ماذا تفعلين؟؟"
" أردت أن أعرف فقط بما كنت تفكر فيه ، إلا أنك كالعادة بقيت لغزاً بالنسبة لي"
" هذا جيد "
" ما الذي تقوله آليك ؟؟، لم أعد أفهمك هذه الأيام"
" إن كنت تحاولين معرفة طريقة تفكيري ، فانسي الأمر ، لأنك سترين ما لا يعجبك !! "
" كما تشاء آليك ، كما تشاء "
أتعتقد حقاً أنني سأستسلم بهذه السهولة؟ إنما أنا أنتظر فقط حتى تحين اللحظة المناسبة....
" هيا بنا ، فلنذهب!"
" قطار الموت هو لعبتي المفضلة ، فلنذهب إليه"
" ألا تخافين؟؟؟ لقد ركبنا عدة ألعاب لا يركبها إلا المجانين من الشباب المتهورين"
"أنا أعشق المغامرة ، لا تخبرني بذلك!"
" أخبرك بماذا؟"
" بأنك خائف !"
" أنا أخاف ؟؟؟، لم تعرفيني بتاتاً جوليا وإلا لما تفوهتي بهذا الكلام "
" إذن ، ما الذي ترجوه بوقوفك هنا في هذا المكان؟؟، سأذهب إلى قطار الموت ، ولك حرية الاختيار ، إما أن تأتي معي أو تذهب إلى حيث تشاء"
" سآتي بالطبع "
ركبا بجانب بعضهما ، وربط حزامه و التفتت نحوها ليساعدها فوجدها قد انتهت من ربطه ، واسترخت على مسند الكرسي ، مغمضة عينيها .....
" جوليا ، هل ركبت في مثل هذه اللعبة من قبل ؟"
" بالطبع!"
" هنا؟"
" لا "
" لوحدك؟"
" لا ، مع جـ.... لماذا كل هذه الأسئلة ؟؟؟ أتحقق معي أم ماذا؟؟"
" مجرد فضول لا أكثر"
كما توقعت تماماً ، لقد سبق أن ركبت القطار مع جوليان ، ولذلك أراها مغمضة العينين ، شاردة الذهن ، لابد أنها تفكر فيه الآن ، وتتخيله جالساً بيننا هنا .....
بدأ القطار بالتحرك البطيء الذي سرعان ما أخذ يزيد من سرعته ، حتى تتابعت الصرخات من الناس الموجودين ...
" جوليا، ألا تزعجك صرخات الجالسين أمامنا؟؟"
" لا ، أين المتعة إن لم يصرخ البعض؟؟؟"
" يا للمنطق العجيب! ءأنت جادة؟"
" اكتشف بنفسك!"
أخذت تصرخ ، حتى بح صوتها ..... مما جعل آليك يضحك ...
" أتضحك عليّ أيها الأحمق ، كيف تجرؤ؟، أنا جوليا ......"
أكمل عنها شاب جالس في العربة السابقة للعربة التي تسبق عربتهما :" المجنونة! أنظروا إليها جوليا المجنونة معنا في قطار الموت!"
قال آليك ضاحكا!:" هل سمعت ؟؟؟ أنت جوليا المجنونة "
حاولت أن تنظر إلى المجموعة التي في الأمام ، لكنهم سهلوا لها الأمر بأن التفتوا جميعهم إلى الوراء...
" إنه مايك ، ومعه روبرت و زاك و شخص آخر لا أراه بوضوح ، يبدو أنه رون !"
لوحت بيدها باتجاههم ، ثم هتفت بأعلى صوتها :" أهلاً مارك! والبقية "
لوحوا بأيديهم ، وفجأة بدأت الزلازل الصوتية التي تكاد تفجر القطار ، تنطلق من مايك و أصدقائه .....
" من هم هؤلاء العصبة؟؟؟ أتعرفينهم؟؟"
" أجل إنهم أصدقائي " و أخذت تلوح لهم من جديد ....
"كيف تسمحين لهم بنعتك بالمجنونة؟"
" إنه مايك ، يحب المزاح كثيراً"
صرخة قوية افلتت من فتاة تجلس في الخلف ، قطعت على آليك ما كان ينوي قوله ، لم تكن تلك الصرخة مصطنعة كما هي الحال مع بقية الصرخات المتوالية التي كانت تصدر عن المجانين الموجدين معهم في القطار ، لقد كانت أشبه بصرخة رعب ... مما دعاهما للالتفات إلى الخلف فرأيا العجب ... فتاة شاحبة الوجه ، تكاد تسقط إلى الأرض لولا تلك اليد الممسكة بها ....
عيناها جاحظتان ، شعرها يتطاير حولها بفعل الريح القوية الناتجة عن تحرك القطار بهذه السرعة الهائلة... لم تكتشف جوليا السبب الذي جعلها تنظر إلى الشاب الذي كان ممسكاً بالفتاة ...
نظرت إليه ، ورأت في عينيه رعباً يفوق ما رأته في عيني الفتاة نفسها ....
شدت لا شعورياً على ذراع آليك ، الذي لم يحرك ساكناً لأنه لم ينتبه أصلاً لحركتها هذه :" آليك ، مالعمل الآن؟"
" لا أدري ، لا أستطيع أن أفعل شيئاً جوليا ، نحن بعيدون جداً عنها"
في هذه اللحظة سحب الشاب فتاته و أجلسها بجانبه ، وضمها بقوة بين ذراعيه ، في الوقت الذي نزل فيه القطار بقوة كبيرة كادت أن تسقط الفتاة مرة أخرى ، إلا أن الشاب كان ماسكاً إياها بقوة أكبر فلم تسقط ...
و أخيراً توقف القطار ، فنزلت منه جوليا مسرعة لترى الفتاة المسكينة ، أمسكها آليك :" لا تذهبي إليها ، فمن المؤكد أنها لا ترغب برؤية أحد الآن"
" لكني أريد أن أطمئن عليها!"
أفلتها وقال:" كما تريدين، إنما لا تقولي أنني لم أحذرك من قبل "
ذهبت راكضة نحو التجمع الكثيف حول الفتاة ، يتبعها آليك بخطواته الواسعة ....
سمعت صوتاً يقول وبقوة ووضوح :" إنها بخير الآن ، شكراً للمساعدة أرجو أن تذهبوا الآن جميعكم!"
تفرق الجمع الغفير ، إلا أن جوليا لم تذهب ، شدها منظر هاذين الشابين ، الفتاة المرتجفة ، والشاب الذي يحاول إخفاء خوفه .... سحبها آليك من ذراعها ، جاراً إياها معه ....
" دعني ، أريد أن أراه!"
قال لها والشرر يتطاير من عينيه :" ألا تعتقدين أنهما يرغبان بالجلوس بمفردهما بعد هذه الحادثة؟"
قالت هامسة:" لم أفكر في ذلك من قبل !"
رق صوته :" أنا آسف جولي ، إنما علينا أن نعطيهما المجال للتفاهم "
التفتت إلى الخلف فوجدتهما في نقاش حاد كما يبدو ....
" أنت محق ، ما كان عليّ أن أتدخل في الأمر"
"انسي الموضوع ، تبدين شاحبة جداً ، لربما أثر فيك هذا الحادث أكثر مما أثر فيهما، انتظريني هنا قليلاً سأحضر لك ماءاً ثم أعود ، لا تتحركي"
ما أن ابتعد عن ناظريها ، حتى رأت مجموعة من الشباب متجهة نحوها .........
أنت تقرأ
الخاطف الجذاب
Romanceوقفت جوليا أمام فيلا ضخمة أشبه بالقصر تملكها عائلة فورد ، الآن ستدخل وسترمم ما هدمه أخوها ، فمر شريط الذكريات بكل التفاصيل عبر ذهنها...