4

24 3 0
                                    

" لا تقل شيئاً آليك، فما عدت راغبة بمعرفة المشكلة !"
" ولكن.."
" ولكن لاشيء ( وأمسكت بيده تسحبه ضاحكة ) هيا لنستمتع بعطلتنا ، فلنلعب في الحديقة !"
رفع نظراته المشدوهة إليها وقال:" هل أنت جادة؟"
" أجل ولم لا؟، شيء ما يدعوني لأتحرر اليوم من كل القيود، أريد أن أعود إلى أيام طفولتي "
" ولكني لست طفلاً لألعب!"
" ومن يهتم؟ هيا انهض ولا تكن كسولاً هكذا" ابتسم واستسلم لمطالبها...
" لقد استمتعت كثيراً، اللعب في جو رومانسي سابقة في حياتي "
كان الجو ربيعياً ، ومع الرذاذ المتطاير من النافورة الضخمة الرائعة ، أصبح الجو مثالياً ...
انعكاس القمر على سطح مياه النافورة الصافية يضفي على المكان شاعرية غريبة ....
الظلمة الحالكة مع الأنوار الخفيفة المنبعثة من الأضواء المتعددة الألوان المنتشرة في الحديقة...
اجتمعت هذه العناصر مع بعضها لتكون أروع مكان يمكن للعشاق أن يلتقوا فيه ...
لكن على ما يبدو لم يؤثر ذلك كله في جوليا ، فهاهي تركض من مكان إلى آخر تسابق خاطفها ، لكأنها طفلة بريئة تلعب مع صديقها ....
" لقد سبق لي أن لعبت هنا كثيراً مع آليسا "
" يبدو أنك تحبها كثيراً "
" أجل ، هذا صحيح"
" حدثني عنها"
" فلنجلس أولاً ( جلسا حول إحدى الطاولات المظللة بمظلة كبيرة، رفع يده ، فجائته خادمة بكأسين من عصير الأناناس) آليسا أو كما نحب أن ندعوها آلي، تكبرك بشهرين لا أكثر، مرحة ، لطيفة و طيبة جداً ، كنت ألعب معها كثيراً أثناء فترة طفولتها ، لقد كنت مولعاً بها ، فهي أختي الصغيرة كما تعلمين!"
" وأيضاً .. ماذا؟"
" كنا نذهب في رحلات كثيرة مع أصدقائي أو صديقاتها، وغالباً ما كنا نجلس هنا لوحدنا فتشكي لي أحزانها، لا أدري لماذا تحمل الهموم في هذه السن المبكرة !!"
" إنها في سن المراهقة كما تعلم ، لذلك تتصرف بهذا الشكل"
ابتسامة واسعة اجتاحته فلم يستطع تمالك نفسه فضحك قائلاً :" أنت الأخرى مراهقة!"
" هذا صحيح ، إنما همومي أنا تبقى حبيسة قلبي ، لم أخرجها لأحد ولن أخرجها أبداً "
إذن ما سمعت به صحيح ، ولم يكن كذباً بعد كل شيء !!
هل أخطأت في حكمي؟؟ هذا ما أعتقده ، إذن يجب أن أكمل ما بدأت به .... مع أنني لم أقتنع به حتى الآن ....
" لماذا تكتمينه في نفسك؟؟؟"
" لا أدري ، لقد اعتدت على ذلك منذ صغري، بحيث لم أعد أستطيع بث همومي الآن!"
" يجب أن تحاولي!"
" فلنعد للموضوع الأصلي ، تكلم عن أختك!"
" حسناً كما تشائين ، لم يبق شيء لأحدثك به سوى أنها كانت مهتمة جداً بدراستها ، و متفائلة جداً رغم همومها البسيطة، إلى أن ... "
" إلى أن ....ماذا؟"
" لا شيء ، آسف جوليا لكن يبدو أن الأضواء الخفيفة أثرت في عينيّ، فجعلتني أشعر بالنعاس، تصبحين على خير ، وأحلاماً سعيدة"
ودخل إلى المنزل دون أن يلتفت إلى الوراء، لم يلق عليها نظرة واحدة من تينك العينين الذهبيتين، مما أشعل نار غضبها .. إلى أنها سرعان ما تذكرت شيئاً مهماً .. كان يتكلم بسرور وكأنه يستمتع بالحديث ، ثم فجأة وعندما وصل إلى ... إلى ماذا؟ لم تكن تعرف ، لكنها أحست بالمرارة تغلف صوته وهو ينطق بالجملة الأخيرة ، حينها تغير وجهه ، وتظاهر بالنعاس ليهرب منها .. منها هي؟؟ لماذا؟ يبدو أن هناك شيئاً يخفيه عنها ... نهضت مبيتة النية على سؤاله عن أخته فور دخولها .. لكنها توقفت فجأة .. .. لم يكن يخفي عنها شيئاً واحداً ، بل أشياء كثيرة، أو بكلمة أخرى لم تكن تعرف عنه سوى القليل الذي أخبرها عنه هو بنفسه ....
أحست بالغباء الشديد ، كيف أمكنها أن تثق به طوال هذه الفترة دون أن تعرف عنه شيئاً ، سوى أنه صديق جون وخاطفها !!!
كان عليها ألا تثق به لمجرد كونه خاطفاً، أي مجرماً ... لكن مهلاً ألم يكن صديق جون لفترة؟ هذا السبب كفيل بجعلها تثق به أشد الثقة ، و إذا أخذنا بعين الاعتبار كون جون هو المذنب وهو سبب حدوث هذه الفوضى الغامضة ، فهذا يدعوها لأن تثق بآليك ثقة عمياء...
بدافع من الفضول والعطف على آليك ، الذي يخبرها قلبها بأنه يتعذب أشد العذاب ، قررت أن تكتشف جميع الأمور الغامضة ، و المتعلقة بجون ، والأخرى المتعلقة بآلي....
دخلت المنزل ثم صعدت غرفتها ، بدلت ملابسها ، و استلقت على سريرها تفكر في الطريقة المثلى للتعامل مع الوضع ولتحميل آليك على الكلام ، حتى استولى عليها وحش النوم .....
" هل تأذنين لي بالدخول جوليا؟"
" لحظة واحدة ، أنا أبحث عن شيء "
" بسرعة ، لقد تأخرنا!"
" أدخل إذن وساعدني!"
دخل واتجه نحوها :" ما الذي تبحثين عنه؟"
" لا أدري ، أقصد أنا أبحث عن مشبك وردي للشعر "
" اتركيه منسدلاً جوليا، فعندما يكون طبيعي، يصبح أجمل بكثير من التسريحات "
" أتقصد أن تسريحاتي عادة لا تعجبك؟"
" لم أقصد، لكن شعرك رائع وناعم جداً بطبيعته ، فلماذا تتعبين نفسك في تصفيفه؟"
" ألا ترى ؟، إنه طويل ، لذلك أرفعه دائماً"
" وهذا ما يضيف إليه جاذبية خاصة"
كانت أثناء نقاشهما ، تبحث في الأدراج عن المشبك الذي تريده ، و بالصدفة وجدت صورة صغيرة مؤطرة لفتاة صغيرة ضاحكة تبلغ السادسة عشر من العمر تقريباً ، تقف بجانب فرس أبيض ، وفي الجانب الآخر يقف آليك و الابتسامة الكبيرة مرسومة على وجهه ....
" آليك أهذه..؟"
" أجل إنها آلي "
" يبدو أنها صورة حديثة!"
" ليس كثيراً ، لقد أخذت هذه الصورة مباشرة قبل أن ..." وتغير مزاجه المرح ، في لمح البصر ..
جازفت بسؤاله:" آليك ، لقد علمت أن واليك مسافران ، لكن أين أختك الآن؟"
قال و قد ظهر الألم على محياه :" آلي الآن في مكان بعيد، ولا أحد يعلم متى ستعود! والسبب وراء ذلك بالطبع هو طليقها جون !"
عقدت الدهشة لسانها ، ما دخل جون بآلي ، بعد أقل من ثانية ، ربطت الأحداث وعرفت بأن السبب وراء اختطافها كان الانتقام بالمثل... فـ مثلما طلق جون آلي وهذا شيء لا يصدق ، لأنها لم تعلم بأنه كان متزوجاً يوماً، حاول آليك أن ينتقم من صديقه عن طريق أخته .... المعاملة بالمثل .. هذا أفضل وصف ، يمكن للقضية أن توصف به...
" لماذا طلقها جون؟"
"من الأفضل أن تسمعي القصة منذ البداية، لقد كنا صديقين لفترة لا تقل عن الأربع سنوات ، لا أدري ما الذي دعاه ذات يوم لملاقاتي في منزلي ، و لسوء الحظ كانت أختي موجودة بالمنزل فعرفتهما على بعضهما ، أحسست حينها بأنهما قد ارتاحا لبعضهما ، و كالأحمق فرحت حينها فهي كانت أختي الحبيبة أما هو فكان صديقي العزيز، مرت الأيام ولم يلتقيا بعدها مرة أخرى ....." ضحك بسخرية مريرة ..
" جاءا إلي ذات مساء ، ليزفا لي خبر خطبتهما ، كنت كالغبي تماماً حينها ، فلم أكن أعلم بأنهما كانا يتقابلان دون علمي ، ومع ذلك فرحت لهما وتمنيت لهما السعادة من كل قلبي"
" ثم ماذا حدث؟"
" تزوجا بمباركة من أهلي ، وسافرا لقضاء شهر العسل ، مر الشهر بطيئاً من دونها ، حتى جاء اليوم الذي سيعودان فيه ، فذهبت لاستقبالهما ولكني لم أرى سوى أختي ، والحزن يقطر من وجهها الذي لن أنساه ما حييت ، سألتها عن جون ، فقالت لي بأنه سيطلقها بعد أن خدعها واستولى على أسهمها في مجموعة شركات فورد، لقد تزوجها الحقير طمعاً في مالها لا أكثر!"
كانت تستمع إليه وعقلها يكاد أن يقدم استقالته من رأسها ، لكثرة المعلومات التي عرف بها اليوم ، والأسوأ من ذلك لخطورتها ....
أخيراً تكلمت بصوت لا يكاد يسمع :" لماذا يستولي جون على أسهمها بينما هو غني لا يحتاج لشيء ؟"
" هذا هو الشيء الوحيد الذي رفض عقلي التصديق به"
" و أين كنا نحن من ذلك ؟ هل يعقل أن يتزوج أخي ، لا بل ويطلق زوجته أيضاً دون أن نعلم بشيء من هذا كله؟"
" كنت أنتي مشغولة بامتحاناتك ، بينما والديكما أعطياكما مطلق الحرية للسفر!"
" و أين هي آلي الآن إذن؟"
" إنها مسافرة مع والديّ ، بعد أن أقنعتهما بضرورة الابتعاد بها عن هذا المكان لفترة، لقد أحبته بصدق وما زالت تحبه بالرغم من كل شيء ، بينما ذلك الحقير طمع في 9% فقط من أسهم الشركة ، حيث أنه نصيبها من شركة العائلة "
" أجبني بصراحة آليك ، هل أبعدت أهلك عن المنزل خصيصاً لاختطافي؟"
" أجل"
" وما الذي كنت ترجوه من فعلتك هذه؟ أن تتزوجني وتأخذ أملاكي وثروتي ثم تطلقني كما فعل أخي بأختك؟"
" لا ، لم أكن لأنحط إلى المستوى الذي وقع فيه جون أبداً ، كنت أريد منه أن يعيد لآلي أسهمها علّ ذلك يخفف من حزنها قليلاً"
اغرورقت عينا جوليا بالدموع :" آسفة آليك ، أنا حقاً آسفة ، لم أكن أعلم بأن جون فعل شيئاً كهذا، ومع ذلك وبكل بساطة لا أصدق ، كيف تجرأ على مثل هذا التصرف الحقير، وهل أعاد إليها أسهمها ؟"
" لا بالطبع ، وهذا فقط لكي تري بنفسك كم هو أناني وطماع وجشع ، يؤثر المال على أخته ، وليته كان بحاجة له لأعطيناه العذر!"
" سأشتري منه الأسهم وأعيدها لأختك ، وتقبل اعتذاري الشديد نيابة عن أخي"
" لا أريد مالك جوليا، لقد أخبرتك بهذا عدة مرات ، أنا أستطيع أن اشتري لها الأسهم من جديد دون أن يؤثر ذلك على ميزانيتي كثيراً ، لكني لم أفعل لأن آلي تريد أن تستعيد الأسهم منه دون أي تدخل منا "
" لا أصدق ، افهمني آليك ، فلم أعتد بعد كون جون من هذه الفئة من الناس !"
" أنا الآخر لم أصدق في البداية ، إلى أن رأيت الحالة النفسية والصحية المتدهورة التي وصلت إليها آليسا!
القصيرة

الخاطف الجذاب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن