عَرضٌ سَخِيٌّ.

47 5 6
                                    

~🤍~


«بعد مرور ثلاثة أشهر»

_ عليكِ ارتداء قناع اللامبالاة، ووضع سدادة الأذن حال دخولك هُنا.

حالة من الصمت اجتاحته فجأة، ليبلل حلقه برشفة ماء، ثم نطق يشق أوصال الصمتِ من جيدها:

_ العمىٰ هنا يصبح مفيدًا جدًا، أن تصبّ جُلّ تركيزك علىٰ عملك دون أن تعري اهتمامًا لتذمرات المرضى في تأخرك لتحليل العينة، ودون أن تتسامري بالحديث مع كل ممرضة عناية تأتي لجلب نتائج مرضاها، إنه لشيء مريح إذا بتنا عميانًا وقد سُلبت منّا حاسة السمع والقدرة علىٰ التحدث أيضًا.

إنه أكثر شخص في العالم لا يفقه ما يلفظ به.

نهضت من مقعدي وأنا أسحب من سطح المكتب أمامي بعض الأوراق التي طبعتها للتو لنتيجة ما..

لكن ما يجعلني صامتة وشاردة هو ذلك الشيء الذي عكّر صفو يومي منذ الصباح الباكر، منذ أن جئت بصحبة ذلك الرجل الذي ورث عن الببغاء لسانه، وأنا لم أقابل نتيجة تحليل مريبة بهذا الشكل، كيف في الأصل صاحب العينة المرسلة لا زال على قيد الحياة؟

نسبة الهيموجلوبين الموجود في دمهِ ثلاثة! إنه لشيء لا يصدق.

_ أليس لديك عملًا سوى النقّ على رأسي؟

نعم، لقد تحملت ثرثرته عديمة الفائدة لوقت طويل، كان يجب أن أرتدي ثوب الصراحة الزائدة، بدلًا من قناع اللامبالاة الذي ينصحني به منذ اليوم الأول لي هنا.

أستطيع رؤية تخشب ملامحه وهو يطالعني بجمود، يجب عليه أن يتوقع ردي الجامد، وإن كنت لا أراه هكذا.

_ إنها المرة الأولىٰ لكِ في تجربة كُحل العين، أليسَ كذلك؟

ماذا يقول هذا؟
لم يكن تحديق جمود إذًا، كان تحديق ذهول!

لم أعد قادرة علىٰ التواجد معه أكثر من ذلك، اقتربت منه في سرعة أدفعه ناحية باب الغرفة، يجب أن يغرب عن وجهي هذا الوقِح قبل أن أنفجر من انحناءات حديثه المفاجئة.

_ مهلًا يا إليا، حسبت أنك من الفتيات اللائي..

أوه، استطعت رمي هذا الذي يمتلك عينا الصقر في مقلتيه البنيتين قبل أن يكمل حديثه الباسق ذاك.

فقدي لأبي أفقدني الكثير من وقتي، فكنت أستغرق وقت راحتي النادر في التنقيب عن عملٍ يناسب فتاة وُلدت ومِلعقة من ذهبٍ في فمها.

أمي لم تكن امرأة عاملة، بل كانت ربّة منزل ممتازة، وقد كنت أقترح عليها البدء في مشروع طعام بيت، وإذا أرادت المساعدة في توصيل الطلبات، فجون أفضل خَيار لهذا العمل، علّه يصنع شيئًا مفيدًا في حياته هذا العاطل.

أصداء الفقد. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن