ارتِطامٌ!

41 6 13
                                    

•ʚɞ•


_ حي علىٰ الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.

استيقظتُ من نومي علىٰ إثر منبه الهاتف.
حياة المُسلم في الغربة لشيء صعب.

أكاد أجزم أنّ أي مسلمٍ لا يعيش تحت سماء لأرض مسلمة، فهو يرتشف شراب الغربة كل يوم منذ نعومة أظافره.

كل ما حولك يجذبك للتخلي عن مبادئ دينك.
الكل ضدك، أنت وحيد رُغم كونك بين جمع من الناس.

ولا صفة شنعاء لوصف مرارة الوحدة.
الوحدة وحشٌ ينهش اللّحم مع كلّ فرصة،
سَيف حادّ يضرب جيدك من كلّ حدبٍ وصوب،
قدرٌ حتميّ لن تستطيع الفرار منه مهما فعلت.

الوحدة شعورٌ أبديّ لن يزول ما دام قد نبت داخلك.

إنه شعور يحتاج لشخصٍ مخلصٍ يحمل فأسًا قويًّا، يكون قادرًا علىٰ إزالة النبتة من جذورها، ويبقى أبد الدهر بالجوار حتى يعترض طريق النبتة الخبيثة كي لا تنمو من جديد.

وِحدتي كان فأسُها بيد جون،
الآن رحيل جون كان مصاحبًا لغرس فسيلة الوحدة داخلي مرة أخرىٰ.

نعم تركت القريةَ بعدما غادرتني أمي بصحبة جيلر، لكن معرفة مكان جون وأني أملك صلاحية الذهاب إليه في أي وقت، كان كافيًا ليدفعَ عني مشاعر الوحدة.

توضأتُ لأنعمَ بصلاة الفجر، الهدوء الذي يُسيطر علىٰ الجوّ، السكنية التي ينعم بها القلبُ، الهدوء الذي فازت بهِ الرّوح، صفاء المحيطِ مِن دخّان الوقود..

السّماء الملبّدة بالغيوم.

أرىٰ أنّ قلبي يشبهها بشكلٍ ما، فهو مَليء بغيومٍ سَوداء حالِكة، يمطر عند أول لمسَة اطمئنان.

لكن عينيّ قاحِلة متحجّرة، لقد جفّت مِن عَبرات ليلة أمس.

الانهيار الليليّ في غرفتك المظلمَة مع ذاتِك المبهَمة لشيء مفيد، أو ربّما يفيدُني أنا، كبتي يفضّل الظهور في الليل ليروّح عنّي.

ولجتُ إلىٰ صالة الرّياضة بعد صلاة الفَجر، تناسُق الشقة يُذهلني عُنوة.

راقت لي اختيارات جيلر لأثاث المنزل، بالفعل لم أرَ تنسيقَ الشّقة السُّفلية التابِعة لجيلر، لكن جَمال هذه الشقة إنّما يعكسُ جمال الطابق الخاص بجيلر.

طابقي يَحوي ثلاث حجرات مع صَالة ومطبخ ومرحاض وبالتأكيد شرفة فسيحة.

الغرفة الأولىٰ مشحونة علىٰ آخرها بالكتب المتنوعة، لكنني لا أدخُلها كثيرًا، وهذا إنّما يدل أن القراءة لا تستهويني، وإنما تعد من أولىٰ هوايات جيلر.

إنه يطلُب منّي أن أجلبَ له كتابًا جديدًا حالما ينتهي من الكتاب الذي يسبقه.

بينما الغرفة الثانية منقسمة إلىٰ نصفين..
الجزء الأول صالة رياضية بسيطة، والجزء الثاني ملآنة باللوحات والألوان المختلفة، إنها تخصني أنا.

أصداء الفقد. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن