أريدُ الوِصالَ.

28 5 0
                                    

༺༻

نظراتهُ لا زالت معلّقة علىٰ صُورة عينيّ.
صدمتهُ وحيرتهُ، ترددهُ وخوفُه.

كلّ المشاعرِ التي تُثير الشّفقة اجتمعت فيهِ لحظة إفصَاحي عمّا في جَعبتي.

لم يكن عليّ مُصراحتِه بتلكَ الطّريقة الحادّة.
جيلر لا يستحقُ الحدّة والقوّة، بل اللّين والدفء والودّ.
كان يجب عليّ معاملتهِ كما يُعاملني علىٰ الأقلِ.

_ مرحبًا.

أفقتُ من شُرودي علىٰ وَخزٍ في كتفي، لأجد فتاةً تقرُبني عمرًا، يَظهر عليها الضَجَر وهي تُطالعني.

ليرتاح وجهُها المُمتعض وهي تُخبرني أنّها تُحاول انتشَالي مِن جبّ التّفكير مُنذ وقتٍ طَويل، وقد جَال بِخَاطري أنّها تُبالغ وحَسب.

حرّكت رأسي ولم أبادِلها الحديثَ، بل كنتُ أحثّها علىٰ طلب مَا جَاءت مِن أجله.

_ هل تَسمَحين لِي أن أتطلعَ إليكِ؟

كان سؤالٌ غريبًا وغيرَ متوقّع بالمرّة، خاصّة أن هذه أوّل مُقابلة تجمعنا سويًّا.

لكنّي أيضًا لم أفهمْ ما تقصُد، إنها تَتطلّع إليّ فعليًّا!

أخبرتُها أني لم أفهمْ ما تقصدُه، فنطَقت موَضّحة:

_ توقّعتُ ذلك، الإطّلاعُ علىٰ المرءِ ليسَ بالشّيء السّهل علىٰ الإطلاقِ، يجِب علىٰ المُطّلِع أن يبنيَ أسوارَ الثّقة حولَ المرَاد التّطلع إليهِ، بِحيثُ ألا يَكون هُناك مَجال للشكِّ، وعلىٰ المُتطلعِ إليهِ أن يزيلَ جَميع السّتائر التي تدثّره وتُغطي علىٰ ذِكرياتِه وآلامِه وعبراتِه.

ما هذا الهُراء؟ يبدو أنها لا تفقه ما تقول.

_ ما العلاقة بين ما تقوليه وبيني؟

_ أنتِ الشّخص المُراد التّطلع إليهِ.

لا أعلمُ سببَ عدم ارتياحِي لها، رُغم أنّ البَسمة لم تُفارق وجهَها مُنذ بِداية الحَديث.

_ أخبريني مَا الذي جَاء بكِ إلىٰ هنا، ومَا الذي تُحاولين فعلَه؟ بل مَن أنتِ أصلًا؟

اختفَت بَشاشة وجهِها، لتأخذَ نفسًا عَميقًا وهي تُعدّل مِن هِندامِها الرَسميّ.

_ جون مَن طَلَب مِنّي التّقربَ إليكِ، لقد وَضعَك أمانةً عِندي لحينَ عَودته.

مـ ماذا قالت؟
لقد قالت أنّ جون هو مَن طلبَ مِنها التّقربَ مِني.
لكن مِن أينَ يعرفُها؟
لم يسبقْ لهُ أن حكىٰ عنها مِن قبل.

أصداء الفقد. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن