في مملكة الشرق
كان الأمير ريوجو في غرفته يضع اللمسات الأخيرة، وبجانبه مخطوبته ابنة وزيره الأول و صدر الإمبراطورية الآنسة سومي، وهي تضع اللمسات الأخيرة له وتصلح ردائه الأحمر الذي يعكس تقاطيع وجهه الحادة والمثالية.
قال ريوجو: "حسنا، هذا يكفي." قالها بصوته يشوبه بعض الانزعاج.
لترد هي: "آه عزيزي ريوجو، لا تفهم أنني أمرح بهذا الزواج. أعلم أنك إمبراطورنا، ويمكنك الزواج بأكثر من زوجة، ولكن عليك أن تعدني فور ما تنتهي مهمة هذه الأميرة الصغيرة أن تتركها، وأصبح أمبراطورتك وحدي."
لم يرد عليها ريوجو بل خرج وهو يرتدي زيه الخارجي ويدخل الكُم في ذراعه بسلاسة. وما زاد عليه ضغطه أنه استذكر لقاءه بها، هيلين.. تلك الفتاة حقًا لا تمزح. لقد امتطت حصانها وشقت الغابة وحدها فقط لتلقاه وتخبره برفضها هذا الزواج. يبدو أنها تمقته بشدة.. كيف لا.. وهو من قضى على أشجع فرسان بلادها.. ناهيك عن الخسائر التي طال شعبها الذي ما زال صامدا.
في مملكة الشمال
اجتمعت الأنظار في قصر مملكة الشمال مترقبة وصول موكب الإمبراطور ريوجو، أمير الشرق. أتى حاملاً معه هدايا من كل نوع ومُحاطًا بحرسه الشخصي بملابسهم الفاخرة وأسلحتهم البراقة، كرمز للوحدة التي ينوي فرضها من خلال زواجه بالأميرة هيلين، الأميرة الرافضة لهذه الخطوة.
كان الكل يقفون بانتظاره في صف واحد، وحين وقف بدوره أمامهم، جالت عيناه بحثًا عنها. لم يرها بينهم.. ما هي تقاليدهم يا ترى؟ سرعان ما رآها تنزل الدرج وهي مرتدية ثوبًا ملكياً متلألئا يضاهي نجوم هذه الأمسية الباردة و يضاهي حسنها. لقد بدت جميلة عندما رآها بزي الفارسة في المرة الأولى، والآن فهي لا تقل جمالًا بلا شك. لِم فقط لَا توافق... و تسهل عليه هذا العناء
تقدّم الإمبراطور ريوجو بخطواتٍ ثابتة نحو العرش، وبعد تبادل التحيات الرسمية، اتجه نحو الأميرة هيلين بنظراتٍ حادة، مُصرحًا برغبته في التوحد بين مملكتي الشمال والشرق.
الإمبراطور ريوجو: "أميرة هيلين، لقد جئتكم بطلب الزواج لأجلب السلام والتعاون بين ممالكنا."
هيلين بتحدٍ ظاهر في عينيها : "لقد أبديتُ رأيي مسبقًا، يا إمبراطور. لستُ أؤمن بهذا الزواج، لأنه يطمس هوية مملكتي."
بدا الامتعاض على وجه الملك جيرارد، الذي لم يكن ليتسامح مع رفض حفيدته الكبرى لهذا الاتحاد الذي كان يعتبره المفتاح لاستقرار المملكة. قاطع الملك الحوار، محاولاً فرض قراره بقوة صوته.
الملك جيرارد: "هيلين، هذا ليس وقتاً للعناد. نحن لا نتحدث عنكِ فقط، بل عن مصلحة المملكة بأكملها."
هيلين وهي تنظر إلى جدها الملك بعيون يملؤها الحزن، : "ولكن، جلالتك، أريد أن أكون حرة في اختياراتي... أريد أن أعيش كما أنا، لا أن أكون جزءًا من تحالف سياسي."
صمت الملك بضع لحظات، ثم حسم الحوار بنبرة صارمة، وكأن لا مجال للمزيد من المناقشة.
الملك جيرارد: "ستفعلين ما هو في مصلحة المملكة، يا هيلين. ولن أسمح لأي عواطف أن تعيق هذا الأمر."
صُدمت هيلين من موقف جدها، بينما أبدى الإمبراطور ريوجو ابتسامة باهتة، ثم ودّعهم وغادر القاعة. واضعا يده على مقبض سيفه وهو يسير، معبرًا عن هيبته وثقته، وكأنما يؤكد أنه لن يقبل الرفض طويلاً.
°°
بعد أن غادر الجميع، اختلت هيلين بنفسها في غرفتها، تشعر بقلق متزايد من المصير الذي يُرسم لها. كانت تستعيد في ذهنها نظرات الإمبراطور ريوجو الباردة، وهدية الزواج التي وضعت أمامها كرمزٍ للوحدة، لكنها تراها قيدًا من ذهب.في تلك اللحظة، سمعت طرقًا خفيفًا على الباب، ثم دخل بيتر وهو يحمل صينية طعام بسيطة، مظهره لا يخفي توتره.
أجاب بيتر و في محياه نظرة مترددة : "جلالتكِ، أتيتُ لأتأكد أنكِ تتناولين طعامك... أعتقد أن هذا اليوم كان مرهقًا للغاية."
أجابت هيلين وهي تنظر إليه بعينين متعبتين: "شكرًا لك، بيتر. يبدو أنك الوحيد هنا الذي يشعر بما أمرّ به."
اقترب، متحدثا بصوت هادئ يملأه القلق :
"جلالتكِ... إنني أعرفكِ جيدًا، وأعلم أنك لا تريدين هذا الزواج. أرى في عينيكِ القلق، وأشعر بأن قلبكِ يرفض هذه الوحدة المفروضة."
هيلين: "أنت محق، بيتر. هذا ليس ما أريده... أشعر أنني أساق نحو شيء سيطمس كل ما أحبه في مملكتنا."
تنهد بيتر بعمق يظهر توتره : "أنا... أنا أيضًا قلق، ليس فقط لأجلكِ، بل أيضًا لأجل... آنا."
نظرت هيلين إليه، تدرك مشاعره نحو آنا، وتعلم أن المخاطر قد تطالها هي الأخرى.
هيلين: "بيتر، أعلم أنك تخاف عليها... وأخاف أن يقرر جدي أن يحول هذا العبء إليها، إذا ما فشلتُ في إقناعهم بموقفي."
طالعها بعينين مليئتين بالتصميم : "لا أستطيع أن أرى ذلك يحدث. سأفعل كل ما بوسعي لأحميكِ أنتِ وآنا من هذا المصير. حتى لو كان ذلك يعني التضحية بنفسي."
غطت وجهها بابتسامة حزينة ثم اردفت : "أعلم أنكَ مخلص لي، بيتر، وهذا يعني لي الكثير. لكننا نقف أمام قوة هائلة... فهل سيكفي الولاء أمام طموحات الإمبراطور وقرارات الملك؟"
بيتر: "مهما كان الأمر، لن أتركك تواجهين ذلك وحدك. إذا كنتِ عازمة على الصمود، فأنا إلى جانبكِ. لن نتراجع أمام هذا المصير... سنجد طريقًا لحمايتكِ وحماية كل من نحب."
أنت تقرأ
The Palace Of Westaria قصر ويستاريا
Historical Fictionالشخصيات و الأحداث في هذه القصه من وحي الخيال ولا تمت للواقع بأي صلة و اي تشابه بينها و بين الواقع هو محض صدفة لا أكثر في عالم مليء بالتوترات السياسية والصراعات، تتقاطع مصائر ثلاث ممالك: مملكة الشمال، الشرق، والغرب. و حيث يتصارع الفخر والولاء، تُجبر...