شتاء حاسم

0 0 0
                                    

في مملكة الشمال، حيث بدأت نسمات الشتاء الباردة تزحف عبر الجبال، قررت الأميرة هيلين ترك قاعات القلعة الثقيلة والانطلاق في جولة بين رعيتها. أرادت أن ترى بنفسها أثر الحروب الأخيرة على شعبها، على أمل أن تجد في الواقع حافزًا يدعم إيمانها بضرورة التحالف.

رافقتها مجموعة صغيرة من الحراس، لكن هيلين اختارت أن تكون بسيطة في مظهرها، مرتدية عباءة صوفية داكنة تخفي جزءًا من هيبتها الملكية. تجولت بين القرى القريبة من القلعة، حيث بدأت المزارع تذبل تحت وطأة الصقيع المبكر، وأصوات الجوع والعوز تتردد بين الأكواخ الخشبية المتواضعة.

في إحدى الساحات الصغيرة، توقفت أمام رجل عجوز يجلس قرب عربة خشبية مكسورة، يحيط به أطفال نحيفون يعانون من البرد. كانت نظراتهم فارغة، مليئة بالتعب والخوف. تحدثت هيلين بصوت دافئ، محاولة إخفاء ألمها:

هيلين: "كيف هي الأحوال هنا، أيها العم؟"

رفع الرجل عينيه ببطء، وبدا وكأنه يعرف هويتها، لكنه تردد في الكلام. أخيرًا، قال بصوت متهدج:

الرجل: "الأميرة هيلين... نحن نبذل جهدنا للبقاء أحياء، لكن المحاصيل قليلة، والجوع أصبح ضيفًا لا يغادر. الشتاء قادم، ولا أحد منا يملك ما يكفي من الطعام أو الحطب."

نظرت هيلين إلى الأطفال، ثم عادت بنظرها إلى الرجل، تشعر بثقل المسؤولية يضغط على صدرها. همست بخفوت كأنها تخاطب نفسها:
هيلين: "لقد أثرت الحروب على الجميع، ولم يعد لدينا ما يكفي حتى لنحمي أبسط حقوقنا."

ثم أكملت بصوت مرتفع، محاولة بث الأمل في كلمتها:
هيلين: "سأفعل كل ما بوسعي لتغيير هذا الوضع. لا أعدك بحلول سهلة، لكنني لن أتوقف عن المحاولة."

غادرت المكان وهي تحمل هذا المشهد في ذاكرتها، عاقدة العزم أكثر من أي وقت مضى على النجاح في خطتها. عندما عادت إلى القلعة، كانت تجلس في غرفتها الخاصة، تحدق عبر النافذة حيث الغيوم الرمادية تغطي السماء، وتقول لنفسها:

هيلين: "لقد رأيت المعاناة بأم عيني، ولا يمكنني أن أسمح لريوجو أن ينهي ما تبقى من أحلام شعبي. على الغرب أن يفهموا أننا بحاجة إليهم، ليس فقط لحماية أنفسنا، بل لإنقاذ كل ما هو إنساني في هذه الأرض."

عندما عادت هيلين إلى القلعة بعد جولتها، كانت عيناها تحملان ثقل المشاهد التي رأتها. وقفت أمام نافذتها المطلة على الساحة الداخلية، حيث تدرب الجنود استعدادًا لأي تهديد جديد. تحدثت لنفسها بصوت خافت، وكأنها تحاول استجماع قوتها:
هيلين: "لا يمكننا أن نتحمل شتاء آخر بهذا الحال. شعبي يعاني، ولن أسمح أن يكون صمتنا خيانة لهم. يجب أن يصل رد الغرب سريعًا... وإلا ستضيع كل فرصة للنجاة."

أمسكت بإطار النافذة بيديها الباردتين، تفكر في ريوجو وعرضه الذي يلوح في الأفق كتهديد لا يمكن تجاهله. كل لحظة تمر دون رد تجعل الكفة تميل أكثر لصالحه.
°°
في تلك الليلة، جلس ريوجو وحيدًا في مكتبه الفخم، غرفة تجسد هيمنة الشرق وأبّهة إمبراطوريته. المصباح الذهبي المزين بنقوش التنين اللامعة يلقي بريقًا خافتًا على سطح المكتب المصنوع من خشب الأبنوس الداكن. أمامه، كانت الخرائط والرسائل مبعثرة، لكن عيناه كانتا مركّزتين في الفراغ.

كانت يداه معقودتين أسفل ذقنه، فيما استقرت نظراته الحادة، التي طالما أربكت أعداءه، في حالة من التوتر والقلق. لأول مرة منذ فترة طويلة، بدا وكأن درع ثقته قد تصدع ولو للحظة. همس لنفسه بصوت منخفض، لكن مشحون بالضغط:

ريوجو: "لماذا لم تأتِ بالرد بعد؟ هيلين... ما الذي يدور في رأسك؟"

توقف للحظة، وكأن الأفكار تتصارع داخله، ثم تابع بحذر وكأنه يخشى الإجابة:
ريوجو: "أتراها... تجرؤ على رفض عرضي؟ أم أن لديها خطة أخرى؟"

نهض من مقعده، خطواته الثقيلة على الأرضية الرخامية تعكس ضيقه الداخلي. اقترب من النافذة، حيث امتدت المدينة الشرقية أسفل قصره، تعج بالأضواء والحياة الليلية. من هذا المكان، كان يشعر وكأنه يتحكم في العالم، لكن فكرة عدم سيطرته على موقف هيلين كانت تقلقه. حدّق في الأفق المظلم،
وأردف بنبرة أكثر صرامة:

ريوجو: "إن رفضتني، سأجعلها تدفع الثمن غاليًا. لكن... هل يمكن أن يكون لديها ما تعتمد عليه؟ تحالف، ربما؟"

عاد إلى مكتبه، نظر إلى خريطة الشمال والغرب بتفحص، ثم أدار خاتمه الذهبي حول إصبعه بإيقاع بطيء، وكأنه يحاول تهدئة نفسه. الفكرة الوحيدة التي لم يستطع تحملها هي أن يخسر هيلين كحليف، أو أسوأ... كخصم.



لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 7 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

The Palace Of Westaria قصر ويستاريا  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن