"في عالم مليء بالأسوار، يمكن أن تكون الظلال أكثر وضوحًا من الأضواء."
......
في عمق القصر العثماني، حيث تلتقي العظمة بالخيانة، كانت الأضواء تتراقص على الجدران الحجرية، تكشف خفايا الغرف التي تشهد أحداثًا لم تُروَ. كان السلطان عثمان، بشموخه وقوته، يقف أمام نافذته المطلة على المدينة، وعقله يتنقل بين شتى الأفكار. المدينة التي كانت ذات يوم محط أنظار العالم، الآن تتخبط في ظلام لا ينتهي.
كل همسة من الرياح كانت تحمل معها شعورًا بالقلق، كأن العالم الخارجي يراقبه من بعيد. مشاعر عدم اليقين كانت تسري في عروقه، ومع كل ضوء خافت، كان يشعر وكأن هناك عيونًا تراقب كل تحركاته، تترصد له من وراء الأبواب المغلقة.
أعاد التفكير في الأحداث الأخيرة: الأنباء عن تحركات غريبة على الحدود، همسات مشبوهة بين مستشاريه، وشكوك تدور حول ولاء من حوله. "هل يمكن أن يكون هناك من يسعى لتقويض سلطتي؟" تساءل في سره، مضطربًا. كلما حاول تهدئة أفكاره، كانت تتعاظم المخاوف في عقله.
وفي تلك اللحظة، سمع صوت خطوات قادمة، لكن لم يكن قد حان الوقت بعد ليواجه ما كان ينتظره. كان الحارس يدخل بخطوات سريعة، وجهه عابسًا. "يا مولاي، هناك شيء غير عادي يحدث في الساحة"، قال، وصوته يعكس التوتر الذي يسود المكان.
أسرع السلطان نحو الباب، شعور غريب يعتصر قلبه. كل شيء في القصر كان مشحونًا بالتوتر، وكأن الجدران نفسها تعرف أن شيئًا عظيمًا على وشك الحدوث. "ما الذي يجري؟" صرخ في وجه الحارس.
"يبدو أن هناك اضطرابًا في الأمن، والجنود في حالة تأهب"، رد الحارس، بينما تسارعت دقات قلب السلطان. "اجمع الحراس، لنواجه ما يحدث."
توجه السلطان نحو الساحة، ومرت أمامه ذكريات عديدة. كان القصر مكان القوة والفخر، لكنه الآن يبدو وكأنه ميدان للصراع والشكوك. كلما اقترب من الخارج، ارتفعت همسات الشك في قلبه. "في هذا المكان، كل شيء محتمل"، تمتم بصوت خافت.
عندما خرج، كانت الفوضى تعم الساحة. حراس القصر يتصدون لمجموعة من المهاجمين المدججين بالسلاح. أصوات الحديد تتصادم وصراخ الجنود يعكس الفوضى. لم يكن الوقت مناسبًا للتردد؛ اندفع نحو المهاجمين، قلبه ينبض بقوة. لم يكن لديه خيار سوى القتال.
وبينما كان يتصدى لخصومه، لمح ظلًا يتحرك بسرعة في الزاوية. "من هناك؟" صرخ، لكن لم يكن هناك جواب. في خضم المعركة، كان يشعر بأن هناك شيئًا أكبر يحيط به، شيئًا غير مرئي يتربص من خلف الأستار.
بينما كان يقاوم، أدرك أن المعركة ليست فقط على الأرض، بل هي صراع على الثقة والولاء، وكأن كل هجوم خارجي يخفي وراءه خطرًا داخليًا. بعد أن انتهت المعركة، وتجمع الحراس حوله، أدرك أن الظلام الذي يحيط به ليس مجرد ظلام الليل، بل هو ظلام الخيانة التي قد تطيح به في أي لحظة.
وبينما كان يقف وسط الفوضى، مدركًا أن الليل لم ينته بعد، كان السلطان عثمان يعرف أن هذه اللحظة ليست سوى البداية. همسات الظلام تتردد في أذنه، مؤذنةً بأن خيوط المؤامرة قد بدأت تُنسج، وأنه يجب أن يكون أكثر حذرًا مما كان عليه من قبل.
أنت تقرأ
بين سيفين وعصرين
Misterio / Suspensoفي قلب العصر العثماني، حيث تُسطر الأمجاد وتُخفى الأعداء في الظلال، يواجه سلطانٌ وحيدٌ عبء مملكته، تتلألأ عيونه بالهموم والأحلام. وفي ليلةٍ سحرية، تفتح بوابة الزمن، لتدخل فتاةٌ من المستقبل، تحمل في قلبها شجاعةً ، كأنها زهرة تتفتح في صحراء قاحلة. تترا...