الجزء الرابع: بين الظلال والحقيقة

1 0 0
                                    

   

   "في العتمة، تضلّ الحقيقة في انتظار من يجرؤ على رؤيتها." 

كان القصر العثماني يعج بالحركة، والجنود يمرون بسرعة عبر الممرات الطويلة، بينما السلطان عثمان يقف أمام نافذة قاعته الكبرى. كل شيء في القصر يشع بالهيبة والتاريخ: الجدران المزخرفة بالخطوط الإسلامية، والأنوار التي تزين الأركان، والأسطح الذهبية التي تعكس اللمعان. ومع ذلك، كانت عيناه، رغم كل هذا الجمال، مليئة بالقلق.

"سيدي، التقارير تفيد بأن الحدود ليست آمنة. يجب أن نكون مستعدين." قال أحد مستشاريه العسكريين، وهو يقف عند الباب وينحني احترامًا.

السلطان عثمان أمسك بحافة مكتبه، وعيناه ضاعتا في التفكر. "أعلم، ولكنني لا أثق بما يقال. هناك شيء أكثر من مجرد هجوم على الحدود. هنالك قوى داخلية قد تحاول قلب الأمور ضدنا. علينا أن نكون حذرين."

"لكن لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي." 

أجاب المستشار بحذر. "لقد تزايدت الأخبار عن التمرد."

"أعرف، لكنني أؤمن أن الخيانة تكون أحيانًا داخل القصر." رد السلطان بحدة، وهو يرفع يده ليطلب المزيد من التقارير.

في تلك اللحظة، دخل أحد القادة العسكريين. "جلالة السلطان، تم اكتشاف خيانة في صفوف الجيش. هناك قائد في مقدمة القوات قد يكون متورطًا." أضاف، وهو يشعر بثقل الكلمات التي قالها.

السلطان عثمان تنفس بعمق، ثم قال: "إذا كان الخائن بيننا، فإنه يجب أن يدفع ثمن خيانته. لا مكان للضعف في مملكتي."

في مدينة نيلوفر:

في تلك اللحظات، كانت نيلوفر تجلس في مكتبها داخل المحكمة، تفكر في القضايا التي أمامها. كانت المدينة التي تعيش فيها، بخلاف قصر السلطان، مليئة بالحركة الحديثة، والملابس العصرية، والمكاتب المرتبة على طراز مدني. لكن رغم ذلك، كانت تجد في عملها تحديات أكبر مما كانت تتوقع. كان يجب أن تكون دقيقة وحازمة في كل خطوة.

"هل أرسلتي الدعوات لغيرهم؟" سأل أحد المحاميين الجالسين في المقابل.

نيلوفر نظرت إليه، وأجابت بلطف: "نعم، لكننا يجب أن نكون حذرين. ليس كل شيء يمكن حله بالأدلة المادية فقط."

أضاف المحامي بصوت غير راضٍ: "ولكن إذا لم نملك ما يثبت، فلن نستطيع التأثير على القرار النهائي."

نيلوفر ابتسمت بلطف، وابتعدت عن أوراق القضية. "أعلم أن بعض القضايا تحتاج إلى الصبر، لكننا سنجد الإجابات. القضية أعمق مما تبدو عليه، وأحيانًا تحتاج الحقيقة إلى وقت لكي تظهر."

ثم رفعت رأسها وأخذت نفسًا عميقًا، وتحدثت عن إيمانها بالعدالة: "هذه المدينة مليئة بالأسرار، والأسرار لا تختبئ إلا لفترة معينة. الحقيقة ستظهر في النهاية، كما كانت دائمًا."

بين سيفين وعصرينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن