نرجس
خمسة أيام في غرفة لا تتسع إلا لشخصين جالسين
لم أسمع خبراً عن أحد لأني لم أرى شخصاً واحداً في هذه الأيام الخمسة
يصلني الطعام والماء من فتحة في الباب الحديدي ولا يمكن فتحها إلا من الخارج
أيعقل أن أُتّهم بقتل صديقتي
صديقتي التي تشاركني عشقي للقراءة والكتابة
فقدانها خسارة حقيقية
ماذا حلّ بالعالم الخارجي؟
لقد فُصلتُ عنه تماماً
ليس من اللحظة التي أدخلوني بها هذا السجن
بل من لحظة سقوط [لين] أمامي
دموعي ساخنة جداً
أعتقد بسبب النار المشتعلة داخلي والتي لن تنطفأ إلا بموتي أو موت قاتل أختك يا [غيث].
مللتُ من الحديث مع نفسي
أيعقل أن أُجن قبل أن تظهر الحقيقة
مهلاً!...
صوتٌ أسمعه في هذا السجن لأول مرة
فُتح الباب
فأغلقت عينيّ من شدة الضوء ففي هذه الغرفة لا نور يضيئها إلا مصباح خافت
دخل رجل ضخم البنية
لم يتحدث معي أبداً بل أمسكني وقيّد يديّ وقدميّ
لم أقاوم...
لا أعرف لماذا أصبحت بكل هذا البرود
كل ما قمت به هو أن سألته بهدوء_ نرجس: إلى أين؟
_ الرجل: زيارة.ابتسمت بداخلي لأني سأرى...
لكن من سأرى؟
أهما أختاي أم صديقاتي أم [غيث]؟
سأعرف عما قريب.
وصلنا إلى مكان الزيارة ولم يكن سوى غرفة أكبر من التي كنت فيها وإضاءة هذه اكثر
أشار إليّ الرجل لأجلس على أحد الكراسي الموجودة فجلست
قال لي أن أنتظر ثم خرج
وهل أمامي شيء آخر لأفعله
لم تمضِ أكثر من خمس دقائق إلى أن فُتح الباب مرة أخرى ودخلوا جميعاً
[ياسمين]... [جوري]... [جوى]... [لونا] و[لورا]...
دخلن يركضن إلى حيث أجلس وبدأن بمعانقتي وتقبيلي وسط الدموع
دخل بعدهن السيد[قصي] و[جميل] و[جواد] والعقيد [جلال] ورجلٌ أجهله_ جلال: معكم نصف ساعة لا أكثر ( ثم خرج)
_ نرجس وهي تدمع: لقد اشتقت إليكم..
_ جوى: ونحن أكثر
_ نرجس: من هذا الرجل؟
_ جميل: هذا المحامي [فريد]... الوحيد الذي قبل أن يستلم القضية، فأغلب المحامين رفضو لأن [رضوان] وعلى حسب كلامهم لا يخسر أبداً.. وإن وضع هدفاً أمام عينيه فلن يمنعه شيء من الوصول إليه... وهدفه الآن هو حصولك على حكم الإعدام
_ فريد: لا تقلقوا فإن كنتِ حقاً بريئة فلن يستطيع إعدامك بسهولةكلامه لم يكن مريحاً فقد قال (لن يستطيع بسهولة) أي أنه سيستطيع بصعوبة
غير ذلك فهو لم يمدح نفسه كما عادة المحامين فهو ليس متأكداً من كفائته للوقوف بوجه المحقق..._ نرجس بحزن: أين [غيث]؟... لما لم يأتِ معكم؟ أهو حقاً يصدق أني قتلتُ [لين]؟.. أيعقل؟!
لم أجد رداً، فصرخت فيهم وأنا أبكي
_ نرجس: أين هو؟!
_ جوى: لا نعلم لا نعلم - هي أيضاً كانت تبكي- مند أن وصله خبر اتهامك بقتل[لين] اختفى... لا نعلم عنه شيئاً.صمتُّ وواصلتُ البكاء فتقدم المحامي [فريد] وطلب مني أن أهدأ قبل أن تنتهي مهلة الزيارة من أجل أن يتفاهم معي ليستطيع إثبات برائتي.
بعد تلك الزيارة لم أرى أحداً لمدة شهر تقريباً ثم أتت [جوى] وحدها لتخبرني بموعد الجلسة الأولى في المحكمة وبأحوال الجميع
أحضرت لي المحاضرات التي كانت تكتبها لي يومياً لأنها تثق ببرائتي وتريد مني أن أستمر بدراستي حتى لو خلف القضبان لأن حلم المستشفى الذي نريد تأسيسه لا يجب أن ننساه بسبب عقبات الحياة
مهما كانت تلك العقبات صعبة ومؤلمة
كانت تلك الزيارة هي التي ضحكت فيها لأول مرة منذ أن دخلت السجن
وكانت الاخيرة
فبعد أول جلسة في المحكمة وقوة [رضوان] أمام [فريد] المحامي الأحمق الفاشل بدت البراءة صعبة المنال
لكن الذي له إله يحميه لا يفقد الأمل
كان كل رجائي من الله حتى لو أُعدمتُ فقط أن يعلموا جميهاً أني لست قاتلة.
أنت تقرأ
الوردة البريئة
Tajemnica / Thrillerتلك اليد لم تطعمني إلا حراماً ولم تأويني إلا خوفاً من أن أهدم منزلها... تلك اليد التي أمسكتني من رقبتي بعد أن قيدتني... تلك اليد التي سأكسرها اليوم. لين فتحتْ الباب والخوف يملئ عينيها، ابتسمتُ لها وكنت أريد أن أتكلم...