في الصباح، استيقظت آسي على صوت العصافير المغردة خارج نافذتها، تفتح عينيها ببطء وكأن النوم كان ملاذًا هربت إليه من ثقل أفكارها. نظرت بجانبها، حيث سرير ليا الصغيرة، ووجدتها نائمة بسلام، وجهها يحمل براءة لا تمسها هموم الحياة.
نهضت آسي بهدوء لتستعد ليوم جديد، ولكن قلبها لم يكن خاليًا من القلق؛ كانت تعلم أن ليا قد تسألها مجددًا عن ألاز، عن سبب غيابه. فكرت في كلمات بسيطة تستطيع أن تطمئن بها طفلتها دون أن تزيد من مشاعر الخوف أو الفقد بداخلها.
أثناء إعداد الفطور، تجمعت ذكريات قديمة مع ألاز، لحظات اعتقدت أنها طوتها للأبد، لكن عبق الماضي كان يعاود الظهور كل صباح. همست بصوت خافت، وكأنها تخاطب نفسها، "ربما كان يجب عليّ أن أسأله المزيد... ربما كان يجب أن أفهم أكثر".
وبينما هي تحضر الفطور حتى انهمرت عليها ذكريات عذبة كطيف عابر، ذكريات كانت قد نسيتها لكنها عادت الآن بكل تفاصيلها. تذكرت ذلك اليوم الدافئ حين كانت تطبخ مع ألاز، وهو يحاول بطريقة عفوية ومشاكسة التقرب منها وجعلها تضحك.فلاش باك
كانت آسي منهمكة في تقليب الصلصة، حين اقترب منها ألاز فجأة، مقلدًا أسلوب الطهاة المحترفين وكأنه في عرض طهي، مازحًا بصوت مرح، "هل تسمح لي السيدة آسي بمساعدتها؟ لأنني طاهٍ محترف، ولكني أحتاج لمكافأة صغيرة أولاً."نظرت إليه آسي مستغربة، وقالت بابتسامة مشاكسة، "مكافأة؟ وما هي هذه المكافأة؟"
اقترب ألاز منها ببطء، ممسكًا بيدها، ونظراته مليئة بالشوق، "قبلة واحدة فقط، أعتقد أنها ستكون دافعي للتركيز على الطهي بشكل أفضل."
حاولت أن تبعده بمرح وهي تضحك بخجل، "ألاز، لسنا في فيلم! ركز على الطهي بدلًا من إلهائي."
لكنه لم يبتعد، وبدلاً من ذلك، اقترب أكثر وهمس لها، "لكن لحظاتنا معًا أجمل من كل الأفلام." ومع ذلك، لم تستطع مقاومة تلك الرومانسية في عينيه، فاستسلمت للحظة وابتسمت بحب، وهي تشعر أن كل ما حولها أصبح أجمل فقط لوجوده بجانبها.
نهاية فلاش باك
بينما جلست آسي في المطبخ تغمرها ذكريات مؤلمة عن ألاز، شعرت بغصة في قلبها، وبدأت الدموع تنساب على وجنتيها بصمت. كان الحزن عميقاً، يحاصرها حتى لم تنتبه لدخول أطفالها.
اقتربت ليا، التي كانت تبلغ من العمر ثماني سنوات، من والدتها بخطوات حذرة، تتبعها أختها الصغيرة أيلين وأخيها كرم، اللذان يبلغان من العمر سنتين حدقت ليا في وجه والدتها، فلاحظت الدموع، وظهر القلق في عينيها.
سألت ليا بصوت هادئ وحذر، "ماما، لماذا تبكين؟ هل حدث شيء سيء؟"
ابتسمت آسي بلطف، مسحت دموعها بسرعة، وانحنت لتحتضن ليا وتهمس لها، "لا، يا حبيبتي، لم يحدث شيء. أحياناً نشتاق لأشياء جميلة كانت في حياتنا، وهذا يجعل الدموع تنزل دون أن نشعر."