لا تفهمني!

12 7 5
                                    

في ولادة المعاني موتها.
ما هكذا كُنت ولا أدري كيف أكون غدًا ولا هكذا تُكتب الكلمات، ولأنّه أنتَ؛ تولد من رحم الضّباب عبارات، كأنها وسقٌ تلألأ في بالِ فراشة ساوت ما بين النّور والظلمات.

في داخلنا معانٍ أعمُّ من أن تُكتم، وأخصُّ من أن تُفهم، لهذا نلجأ للتعابير الفوضوية، وتجريد الشّعور من الشّعور، والتّخفّي خلف شلال البلاغة حيث تنسكب التشبيهات انسكاب الليل على صفحة السّماء، فينجلي وضوح المعاني كما ينجلي الصّبح، وتبقى الكلمات كبعثرة النجمات في الدجى، لامعة كلألئ انفرطت من عقد، فلا العقد اكتمل ولا المعنى وصل، ولكنّ فرط الجمال لا يُنكر، والتناغم يؤْثَر، وإن ارتسم للمعنى عدة أوجه.

ضبابيّة الأيام تُفسدُ وضوح الكلمات، أيامي ضبابيات تتركني أتعثر كالضرير في الطرقات حاملًا تجاربي عصًا استدل بها بعد أن رمدت النظرات، لهذا لا أكتب بوضوح، فمعاني العالم حولي عصيّة الفّهم، وكلماتي عصيّة البلع، أجردها من معانيها كمن يجرّد الكستناء من القشور، وأنثرها على الصّفحات.

فإن ضعت في السّطور فلا بأس، مقصودُ ضياعك، علّ هذه الأيام تنتهي ليعود للمعاني سطوعها فيفهم ما فيها الأُميّ قبل الشاعر.

ولكن حتّى ذلك الوقت سأظلُّ أكرر: في داخلي أشياء أعمُّ من أن تُكتم، وأخصُّ من أن تُفهم.

-ميخائيل

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 2 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

حيِّزيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن