أنين الممالك

الفصل الثاني: "أسرار الليل"

ا

لم يكن أرين الفصل داعيملك سوى خيلًا متعبًا وقلادة قديمة من والده، بعد أن ترك كل شيء وراءه: القصر، العائلة، والمملكة التي كانت يوماً ما تأمل بمستقبل مشرق. لكن الآن، كانت تلك الآمال تتناثر في الرياح المظلمة التي تهب من جبال أسترا، مكان الأساطير القديمة.

وسط الغابة الكثيفة، توقف أرين ليلًا، منهكًا من الرحلة، مستمعًا إلى أصوات الطبيعة التي بدا وكأنها تخفي شيئًا في طياتها. تلك الليلة كانت مختلفة، فالهالة التي تحيط بالأشجار، والهمسات التي كانت تتسلل عبر الرياح، كانت تشير إلى شيء أكبر مما يمكن لعقله تصوره.

همسات غير مرئية، كأنها تخرج من الأعماق. ثم رآها: ظلًا يتحرك بين الأشجار، سريعًا كالفهد، يختفي قبل أن يتمكن من التحديق فيه. شعر بشيء غريب يجذب قلبه نحو الظلام، وكأن هناك قوة ما تدفعه لملاحقة هذا الكائن.

ثم ظهر فجأة، من بين الظلال، الساحر القديم، "أستاروس". كان طاعنًا في السن، ذو لحية طويلة وشعر أبيض كالغبار، وعيناه كانتا مشعتين كالكواكب البعيدة. "أنت تائه، يا أمير"، قال بصوت أجش، "لكنك لست وحدك في هذا العالم".

أخذ أستاروس في يد أرين، قائلاً له إن عائلته كانت جزءًا من نبوءة قديمة كانت قد وُضعت لحماية المملكة، لكنهم تخلوا عنها عندما سعى البعض إلى تدمير الختم الأزلي. "كل شيء كان يخبئه هذا الختم قد خرج الآن من تحت الأرض. قوى لا يمكن أن تقاوم"، أضاف، ثم أشار إلى الأفق حيث كانت عاصفة رهيبة تقترب.

ولكن كانت هناك مشكلة: الآلهة القديمة، التي حُبست وراء الختم الأزلي لآلاف السنين، بدأت تعود إلى عالم البشر، وهي لا تعترف بالقوانين التي حددها البشر. كان الوقت قد حان لتغيير اللعبة.

بينما كان أرين يحاول استيعاب ما يحدث حوله، خرج من الظلال كائن مظلم، غير مرئي، وكأن العالم نفسه قد تجمد. "الوقت يضيق"، همس أستاروس، "يجب أن تجد المفتاح قبل أن يلتهم الظلام كل شيء".

في تلك اللحظة، أدرك أرين أن مهمته كانت أكبر من مجرد هروب. لم يكن عليه فقط أن ينجو من جحيم المملكة، بل عليه أن يواجه أعداءً لا يُتصور وجودهم، ويكتشف أسرارًا قد تعيد تشكيل العالم نفسه.

السماء اهتزت بصوت الرعد، وكانت الرياح تعصف بالأشجار، والظلام كان يقترب بشكل أسرع من أي وقت مضى.