استفاقت إيلين في الظلام، تحيط بها أصوات همسات غامضة وكأنها تخرج من أعماق الزمن نفسه. فتحت عينيها لتجد نفسها في مكان غريب: سماء مقلوبة تنعكس عليها صور من الماضي والمستقبل، وأرض تبدو وكأنها تتنفس. وقفت بصعوبة، وبدأت تسمع همسًا يتردد في كل اتجاه:
"أنتِ من اختارت الطريق... أنتِ من كسرت الميزان... أنتِ من ستعيد التوازن أو تدمر كل شيء."
ظهر أرين فجأة أمامها، لكنه بدا مختلفًا. عيناه تتوهجان بضوء خافت، وصوته لم يكن طبيعيًا. "إيلين، هذا ليس مجرد مكان. إنه الفراغ الأزلي... الأرض بين الحياة والموت. نحن هنا لأن عين العاصفة تركت بصمتها علينا. لكنها لم تمنحنا القوة فقط، بل أطلقت ما كان محبوسًا."
ارتبكت إيلين وقالت: "ما الذي يحدث؟ هل انتهى كل شيء؟ هل العالم بخير؟"
رد أرين: "العالم لم ينتهِ بعد، لكن ما فعلناه قد فتح الباب. الباب إلى شيء أعظم... وأخطر. النبوءة التي كنا نؤمن بها لم تكن كما كنا نظن. لقد قرأناها بشكل خاطئ."
وقبل أن تتمكن إيلين من استيعاب كلماته، ظهر كيان عملاق في السماء المقلوبة. كان يشبه تمثالًا قديمًا مشوهًا، لكنه ينبض بالحياة، وصوته كان عميقًا ومهيبًا:
"أنتم الورثة الأخيرون... اخترتم استعادة القوة، لكنكم أطلقتم الظلام المحبوس. الآن، عليكم دفع الثمن. واحد منكما سيصبح الحامي... والآخر سيكون المفتاح للفناء."
صرخت إيلين: "ماذا يعني هذا؟ من أنت؟"
رد الكيان: "أنا الحارس... أنا من راقب سلالتكم لآلاف السنين. كانت النبوءة مجرد خدعة لتوجيهكم إلى هذا اليوم. اليوم الذي يحدد مصير العالم. لا مزيد من الآلهة... لا مزيد من التوازن. القرار الآن بين أيديكم."
نظر أرين إلى الكيان وقال: "وأي قرار هذا؟ كيف ننقذ العالم؟"
أجاب الكيان: "على أحدكما أن يقبل حمل الختم الأخير، قوة لا يمكن السيطرة عليها، لتحبس الظلام داخلها إلى الأبد. لكن من يفعل ذلك سيُفقد ذاته، وسيعيش أبدية في العذاب. الآخر... سيعيش ليشهد العالم الجديد، لكنه سيبقى بعبء الخيانة."
ساد الصمت بين أرين وإيلين. تبادلا النظرات، وكل منهما يرى في عيني الآخر الصراع الداخلي.
قال أرين بصوت هادئ: "إيلين، لقد حاولتِ إصلاح الأمور بطريقتكِ، لكنكِ دفعتِ الأمور إلى حافة الفناء. هذه مسؤوليتي. سأكون أنا الحامي."
قاطعت إيلين بغضب: "لا، أرين! أنا السبب في كل هذا! أنا التي جلبت الدمار، وأنا من يجب أن تُصلحه. لن أدعك تتحمل هذا العذاب."
في تلك اللحظة، بدأ الكيان بالاختفاء، تاركًا وراءه منصة من الضوء في المنتصف. قال بصوت آخذ في التلاشي: "اختروا بحكمة... وإلا، فسيكون العالم هو من يدفع الثمن."
اقترب الاثنان من المنصة، لكن فجأة، بدأت المنصة تتلاشى بسرعة. أدركا أن لديهما لحظات فقط لاتخاذ القرار.
دون تفكير، قفز أرين إلى المنصة، لكن إيلين لم تتردد ولحقت به. التقى جسداهما في المنتصف، وحينها انفجر المكان بضوء ساطع.
في لحظة، وجدا نفسيهما على أرض المملكة، لكنها كانت مختلفة. السماء كانت مظلمة، والشمس لم تعد تشرق كما كانت. العالم كان حيًا، لكنه غريب، وكأنه لم يعد كما يعرفانه.
نظر أرين إلى يديه، ثم إلى إيلين. قال بصوت مكسور: "أعتقد أننا صنعنا خيارًا لم يكن يجب أن نصنعه... ولكن الآن، نحن الاثنان نحمل هذا العبء."
أجابته إيلين، وعيناها مليئتان بالدموع: "لكن هذا العالم ليس كما كنا نريده. لقد بدأ شيء آخر، شيء أكبر منا."
وهنا، أدركا أن رحلتهما لم تنتهِ. بل بدأت مغامرة جديدة، حيث لم يكن العالم كما كان، والنبوءة لم تكن سوى البداية لصراع أكبر وأشد غمو

أنت تقرأ
أنين الممالك
Fantastikفي مملكة "إيلاريا"، تسود نبوءة غامضة تحذر من انهيار المملكة إذا انكسر "الختم الأزلي" المدفون تحت القصر الملكي. بعد اغتيال الملك في ظروف غامضة، يُتهم الأمير الشاب آرين بالخيانة ويُجبر على الهروب. خلال هروبه، يكتشف آرين أن النبوءة قد بدأت تتحقق، وأن ق...