الفصل التاسع: "القرار الأخير"

0 0 0
                                    

الريح كانت تعوي بشكل مفزع، والأرض تتشقق تحت قدمي أرين وإيلين، كما لو أن كيانًا قديمًا قد استفاق من سباته العميق ليشاهد ما جلبه البشر إلى هذا العالم. كانت إيلين تتنفس بصعوبة، وعينها كانت تشع بتوهج غير طبيعي، بينما كان أرين يحاول أن يستجمع شجاعته وسط الفوضى المتصاعدة من حولهم.

الضوء من حولهم كان يتأرجح بين اللمعان والظلام، وكلما نظروا إلى السماء، شعروا وكأنها تضيق، وكأنها على وشك الانهيار. كانت البوابة التي عبروا منها قبل لحظات، والتي كانت مليئة بالأمل والخوف، قد أصبحت الآن مصدرًا لفوضى عارمة، تبتلع العالم من حولهم.

وقف أرين وقال بحزم، وهو ينظر إلى إيلين: "لم نعد نملك رفاهية الوقت، إيلين. العالم ينهار. إذا لم نكن قادرين على إغلاق هذه البوابة بشكل نهائي، فإن كل ما فعلناه سيكون بلا جدوى."

إيلين كانت شاردة الذهن، وكان عذرها الوحيد هو أن فكرة التضحية بكل شيء من أجل إنقاذ هذا العالم كانت تؤلمها أكثر مما يمكن تصوره. كان صوت أستاروس يتردد في أذهانهم: "إن قوة عين العاصفة قد لا تكون سوى جزء من شيء أكبر، شيء لا يمكننا التحكم فيه."

"أرين..." قالت إيلين بصوت مرتجف، ثم توقفت. "كيف وصلنا إلى هنا؟ كيف تحولنا من محاولة إنقاذ العالم إلى أن نكون جزءًا من تدميره؟"

رد أرين بنبرة حادة: "القرار لم يكن لنا وحدنا. لقد اخترنا الطريق، وتواجهنا مع قوى أكبر من قدراتنا. لكننا هنا الآن، ونحن من نقرر كيف سينتهي هذا."

وسط هذه اللحظات من التوتر، ظهرت أمامهما صورة غريبة، شفافة وغير واضحة، ولكنها كانت تحمل صورة أستاروس، الذي بدا في حالة شبه انعدام. كانت عينيه متوهجتين، لكن صوته كان ضعيفًا، مفعمًا بالحزن والندم.

"أنتما آخر الأمل،" قال أستاروس. "ولكن هناك ما يجب أن تعرفوه. القوة التي تملكونها الآن ليست مجرد قوة بشرية. هي قوة كان يختزنها حارس الزمن، وقوة قديمة لا يمكن لأحد أن يتحكم بها بالكامل. إذا اخترتم إغلاق البوابة، ستنقلب القوة ضدكم، وستفقدون كل شيء."

كان أرين يصر على متابعة الطريق، وقال بثقة: "لن نتراجع. إذا كان الخيار بين إنقاذ العالم أو تدميره، فسيكون قراري واضحًا."

لكن إيلين كانت تزداد ترددًا. في داخلها كان الصراع يدور بين رغبتها في حماية أرين والعالم وبين الشعور بأن ثمن ما فعلوه سيكون غاليًا جدًا. في النهاية، قالت بصوت هادئ: "إذا كنا سنتخذ قرارًا، فلن نفعل ذلك بناءً على أمل زائف. علينا أن نكون مستعدين لدفع الثمن."

توقفت إيلين أمام البوابة التي كانت تتوهج بشكل غير طبيعي. كانت تعرف أنها لن تجد أبدًا إجابة كاملة. فبينما كانت تراقب الكون ينهار حولها، شعرت بشيء ما. شيء أكبر من الخوف أو القوة. شيء قديم وعميق كان يدعوها.

قالت بصوت خافت: "أرين، لدينا خيار واحد. إما أن نغلق البوابة باستخدام قوتنا... أو أن ندع هذا العالم يسقط إلى الفوضى، لتبدأ دورة جديدة من الصراع، تبدأ بدماءنا."

شعر أرين بالألم يتسرب إلى قلبه. لقد عرَّف نفسه دائمًا كمحارب، لكنه الآن كان يدرك أنه ليس بيديه فعل أي شيء حيال هذا. قراره كان معلقًا بين إغلاق البوابة وبين العيش مع العواقب المدمرة التي قد تترتب على ذلك.

"إذا كان هذا خيارنا،" قال أرين، "فليكن. ولكن لا يمكننا العودة الآن. يجب أن نغلقها، مهما كان الثمن."

وحين قرروا إغلاق البوابة نهائيًا، اندفعا نحوها بأقصى ما يمكنهما من قوة، محاولين تغليفها بأقوى تعويذة يمكن أن يتخيلها العقل البشري. كانت اللحظات تمر ببطء، كأن الزمن نفسه كان يتسارع ثم يتباطأ، في صراع داخلي لا يمكن كسره.

وفي اللحظة الأخيرة، قبل أن يتلامس جسديهما مع قلب البوابة، ظهرت قوة هائلة تمزق المكان. شعرت إيلين بتيار كهربائي يمر عبر جسدها، وكان يشبه شعور الموت نفسه. لكنها لم تتراجع. في قلبها، كانت تعرف أنها إن لم تغلق البوابة الآن، فإن الجميع سيخسرون كل شيء.

ثم، مع ضوء ساطع، انفجرت البوابة. العالم كله اهتز في تلك اللحظة، وبدأت الأرض تتشق من جديد.

لكن قبل أن تسقط، اختفى الصوت فجأة. كان كل شيء حولهم يختفي في الفوضى. كان العالم يتغير.

كان أرين و إيلين قد أغلقتا البوابة... لكن هل حقًا تمكنا من إيقاف المأساة القادمة؟

أنين الممالكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن