وقفت ليليان بجوار أميرة وسط حشد ضخم من الناس في الساحة الكبرى لوادي الساعات. الأجواء كانت مهيبة ومليئة بالتوتر، رغم الحماسة التي ارتسمت على وجوه البعض وكأنهم ينتظرون احتفالًا بدلاً من مشهد مأساوي. الأطفال تسلقوا أكتاف آبائهم للحصول على رؤية أوضح، والنساء الحوامل تجمعن في جهة واحدة، وكأنهن يستمددن القوة من بعضهن البعض.
كانت الساحة محاطة بأعمدة ضخمة من الحجر الأسود، محفور عليها رموز غامضة تُظهر مراحل حياة الإنسان منذ ميلاده وحتى لحظة نهايته. في منتصف الساحة، منصة مرتفعة عليها ساعة ضخمة، عقاربها تتحرك ببطء لكنها ثقيلة، وكأنها تُعلن عن قرب النهاية لكل من يقف عليها.
التفتت ليليان لأميرة وسألتها بصوت مضطرب:
"إيه اللي بيحصل هنا؟ ليه الناس واقفة كأنها مستنية حاجة عظيمة؟ ده مش طبيعي!"تنهدت أميرة بعمق وهي تراقب المشهد بعينين ثابتتين، وقالت:
"ده يوم الإعدام السنوي. هنا، كل إنسان ليه عدد ساعات محدد يعيشها. لما الساعات دي تنتهي، ما بيبقاش ليه مكان في الحياة. الفقراء هما أكتر ناس بيتأثروا، لأنهم ما يقدروش يشتروا ساعات إضافية زي الأغنياء."صُدمت ليليان وهي تسمع هذه الكلمات. نظرت حولها مجددًا، لكن هذه المرة شعرت بوحشية النظام الذي تعيش فيه. كل وجه في الحشد بدا كأنه ينتظر لحظة انفجار، سواء فرحًا أو حزنًا.
"والحوامل؟ ليه بييجوا هنا مخصوص؟ إيه علاقة ده بالأطفال؟" سألت ليليان وهي تشير إلى النساء الواقفات على الجانب.
ردت أميرة بنبرة حزينة:
"الحوامل بيجوا عشان يولدوا أطفالهم هنا. كل واحدة فيهم بتأمل إن الطفل الجديد ياخد مكان شخص هيموت، كنوع من الفداء. بالنسبة ليهم، ده الطريقة الوحيدة لضمان حياة جديدة."بدأ صوت قرع الطبول يتردد في الساحة، مُعلِنًا بداية مراسم الإعدام. ليليان شعرت بقبضة تشتد على قلبها. نظرت إلى وجوه الفقراء الواقفين على المنصة. كانوا صامتين تمامًا، وكأنهم سلموا بقدرهم.
لاحظت طفلًا صغيرًا يمسك بيد والدته بقوة. عيناه مليئتان بالخوف، بينما والدته تحاول أن تبقى قوية أمامه. شعرت ليليان بالغصة في حلقها، وقالت بصوت مختنق:
"إزاي الناس تقدر تتفرج على حاجة زي دي؟ ده ظلم! مش المفروض إن أي حد يقرر حياة حد تاني!"ردت أميرة بواقعية، لكنها حاولت تهدئة مشاعر ليليان:
"ده قانون الوادي. هنا، الوقت هو العملة الوحيدة، وكل واحد بيتحاسب على الساعات اللي عاشها. الأغنياء عندهم القوة يشتروا ساعات، لكن الفقراء... بيعيشوا تحت رحمة الزمن."لحظة الإعدام
عندما توقفت الطبول، ظهر رجل طويل القامة يرتدي عباءة سوداء ويضع قناعًا ذهبيًا يعكس نور الشمس. كان يُدعى "حارس الساعات"، وهو المسؤول عن تنفيذ الحكم. رفع يده مشيرًا إلى ساعة المنصة، التي بدأت تدق بصوت عالٍ، كأنها تُعلن نهاية الأجل.
أنت تقرأ
وادي الساعات
Fantasy"ظنت أنها ذاهبة إلى "دهليز الظلام" في محاولة لتجد أختها العمياء، ولكن عزيزي القارئ، قد عاشت الكثير من الأحداث والمغامرات التي تستحق عينيك الجميلتين قراءتها. تلك الرحلة التي كانت مليئة بالغموض والتحديات، ستأخذك إلى عوالم لم تتخيلها. لن أطيل عليك مقدم...