16- أقدام ملطخه

183 15 61
                                    

ماذا عنِ الحربِ؟
إنَّهُ حربي الآنَ!

...................................

-روز... روز...

صوت أدريان اخترق الصمت، لكنه بدا كأنه يهمس في فراغ لا يسمعه أحد. روزماري كانت في عالم آخر، تحدق في اللاشيء بعينين غارقتين. ارتعش صوتها عندما نطقت.

-كـ... كلا... كنتُ على وشك أن أستفيد منه... أنا... أنا...

لم تدرك أنها بكت حتى شعرت بالدموع تسيل على وجنتيها. أدريان، الذي كان يعرفها أكثر مما تعرف نفسها، أدرك أن كلماتها ليست إلا حجة واهية.

غطت وجهها بيديها، تتنهد محاولًة كبح العاصفة التي اجتاحت قلبها. بصوت مرتجف، قالت.

-ادعهم للحضور إلى شقتي... أنا متأكدة أن ما سيحصل اليوم سيكون مجزرة. لكن لا يهم... المهم أنني سأثبت براءتي المزيفة.

نهضت فجأة كأنها انتزعت نفسها من براثن الحزن. اتجهت نحو لوحة كانت تستند إلى الجدار بجانب الأريكة، رفعتها بيديها المرتعشتين.

لم تنظر إلى أدريان، لم تشرح. غادرت الشقة بخطوات سريعة وثابتة، تحمل اللوحة كأنها تحمل ذكرى ثقيلة، وركبت المصعد حيث وضعتها بعناية بجانبها.

في الخارج، بفستانها الأصفر المطرز بالورود، انطلقت بسيارتها عبر الشوارع الصامتة، متجهة إلى مكان بعيد خالٍ كالصحراء.

أوقفت السيارة، حملت اللوحة، وأنزلتها على الأرض الجرداء. مع عبوة وقود مخبأة في صندوق السيارة، سكبت الزيت على سطح اللوحة، ثم أشعلت عود ثقاب.

النيران التهمت اللوحة بوحشية، لكنها كانت تعكس شيئًا أكبر.

اللوحة التي رسمتها شقيقتها لورسين كانت تمثل قلبًا مصنوعًا من الثلج، يقاوم الجحيم المحيط به، تمامًا كما كانت روزماري تحاول مقاومة مشاعرها. كانت لورسين قد أخبرتها ذات يوم.

-عندما تشعرين بالحب يا روز، احرقي هذه اللوحة... الحب سيُضعفكِ، ونحن لا نملك رفاهية الضعف.

والآن، وسط ألسنة اللهب، كانت روزماري تنظر إلى ذلك القلب الجليدي وهو يذوب ويحترق شيئًا فشيئًا. الدخان تصاعد نحو السماء كأنه يحمل بقايا ذكريات لم تعد تريدها.

في الشقة، جلس أدريان على الأريكة، ينظر إلى الفراغ بعينين خاملتين. شعر بخسارة تفوق الوصف، كأن شيئًا قد مات بينهما.

 جُـرعـة الـروزماريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن