10- سرير الراحة

263 19 98
                                    

وَمِن بَيْنِ الجَميعِ، كانَ هُوَ الأَكثَرَ رُعبًا.

...................................


ما هو أصعبُ موقفٍ يمكنُ أن يمرَّ به الإنسان؟ أن يكونَ قاتلُ عائلتِك يقفُ أمامك مُبتسمًا، يعرضُ عليكَ ما تبقى من عائلتِك كأنَّهُ يُقدِّمُ لكَ هديةً.

والأكثرُ قهرًا، أنَّكَ مُجبرٌ على مُسايرتِه، مُجبرٌ على كتمانِ الغضبِ والانتقامِ المتأجِّجِ في قلبِك. تنظرُ إليه وهو يتحدَّثُ ببرودٍ، بينما تتآكلُ داخليًّا، تُضطرُّ للتظاهرِ بالهدوءِ والخضوع، تُخفي الحقيقةَ التي تعلمُها جيدًا أنَّ الشخصَ الذي سرقَ منك كلَّ شيءٍ يقفُ الآنَ أمامك، ويملكُ مفاتيحَ حياتِك المتبقّية.

نظرت روزماري بعمق إلى السيد إيفريا وسألت بصوتٍ خافت، لكنها ثابتة

- سيد إيفريا،
هل يمكنني أن أجرّب عطر لورسين؟

توقّف للحظة، ثم التفت نحوها بابتسامةٍ غامضة تحمل مزيجًا من الفخر والدهاء. كانت عينيه اللامعتين تتراقصان تحت الأضواء الخافتة.

- عطر لورسين؟
بالطبع يا روزي، لكن...

تقدّم نحو الزجاجة بحذر وكأنّه يحمل كنزًا ثمينًا، ثم أكمل

- هذا العطر ليس كباقي العطور.
إنه يحتوي على روحها، لا تنسي ذلك.

سألت روزماري وهي تُغمِض عينيها بخِفَّة وتفتحهما

- آه... ما الذي تقصده بأنه يحمل روحها؟

ردّ السيد إيفريا بابتسامة خبيثة

- روح الزهرة الجميلة التي كانت في حديقتي هنا،
ما الذي توقعتِه؟

ثم ضحك بهدوء، بينما كانت روزماري تعرف في قرارة نفسها أن قلبها يَغلي بالنيران المكتومة، ولكنها أجبرته على التحمل.

أخذ السيّد إيفريا قليلاً من عطر لورسين ووضعه برفق على معصم روزماري، حيث ينبض قلبها. رفعت معصمها ببطء نحو أنفها واستنشقت العطر وكأنها تستنشق آخر نفس لها في هذه الحياة. ثم ضحكت بخفّة، وقالت

-إنها رائحة مميزة، سيد إيفريا...
كانت تلك الزهرة رائعة حقاً، أليس كذلك؟"

ابتسم إيفريا بهدوء وهو يعيد زجاجة العطر إلى مكانها على الرف. خطت روزماري بضع خطوات نحو الباب، وقالت

-أشعر أنني متعبة.
أعتقد أن الوقت قد حان لأخلد إلى النوم...
شكراً لكَ، سيد إيفريا،
على دعوتك لي لرؤية مجموعتك المميزة.

 جُـرعـة الـروزماريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن