البارت 6 : [ مًآ هّوٌ سِرکْ؟ ]
.
عانيت منذ صغري.. فقدت من أعطتني الحنان، و من وفر لي الأمان.. رحلت روحي برحيلهما؛ اسودت الحياة بذهابهما.. ألا أستحق بعض السعادة الآن؟ - هينا
.
فتحت كتاب الفيزياء خاصتها على صفحة التمارين لتقوم بحلها جميعها، متنقلة بعدها إلى مراجعة دروس اليوم و التحضير لدروس الغد..
" انه امر مرهق للغاية" تمتمت لنفسها لتمد ذراعيها و تترك مكتبها نحو المطبخ..
أخذت كوب عصير مع حبة تفاح لتجلس في الأريكة و تشغل التلفاز..
" سآخذ قسطا من الراحة و أعود للدراسة" خاطبت نفسها لترتشف من عصيرها و تقلب القنوات عسى أن تجد شيئا يستحق المشاهدة.
" لما العروض هذه الأيام رخيصة لهذا القدر!" تذمرت ل تطفئ التلفاز و تمسك هاتفها..
" هل أتصل به؟ لابأس صحيح؟ لا لا دعيك من هذا.. لكنني اريد الخروج معه.. ياا كيم هينا!! أتصغين لنفسك؟!" صفعت خدها بخفة لتزفر بعمق. " أعتقد أنه علي البقاء في البيت و حسب"
ألقت بجسدها على الأريكة لتغمض عينيها ببطئ؛ لكن قطعها صوت رنين هاتفها معلنا وصول رسالة .
[ من : تشانيول
هينا، انت في البيت؟ أنا قادم .. هناك أشياء عليك شرحها لي]
" تبا.." همست لتشبك يديها مع بعض .
" هل أخبر السيدة بارك؟! لا اعتقد ذلك.. إن علمت أننا عدنا لنصبح أصدقاء.. اوه هذا ليس جيدا ابدا!"
رفعت يدها لتضعها على صدرها؛ تماما أين تشعر بدأت قلبها هناك . " أنت حي لليوم بسببها.. " تنهدت لتغلق عينها بقوة و تخرج بعض اللعنات تحت أنفاسها. .
.
.
" كيم هينا افتحي الباب!" سمعت طرقا على باب البيت؛ لتسرع و تلبي طلب المتكلم .
" تشان.. ماذا هناك؟" نظرت اليه بحزن، ل يبادلها نفس النظرات.. هو يعلم أنها تتألم؛ هو يشعر بالذنب لسبب ما.. لأنه لم يكن معها حين احتاجته بشدة.. حين احتاجت لشخص يربت على كتفها، لشخص يحضنها و يطمئنها أن الغد سيكون أفضل..
تقدم نحوها ليجذب جسدها الهزيل نحو صدره و يحكم ذراعيه حولها.
" تشان.. ما بك؟" سألت مجددا بارتباك.
" انا اسف.. آسف حقا. سامحيني أرجوك" تحدث بهدوء بينما استقر رأسه فوق رأسها بهدوء؛ و أنامله تنساب بين خصلاتها .
" للآن لم أفهم شيئا"
كسر ذلك العناق ليمسك كتفها و ينظر إلى عينيها الواسعتين.
بطريقة أو أخرى، رأى الوحدة فيهما.
" لماذا؟" سأل
" لماذا ماذا؟" ردت عليه بشك.
" لماذا تعانين وحدك؟ ألست صديقك؟ لما لم تخبريني عن والديك؟ اعتقدت انني قد أحتقرك أم ماذا؟ ما نفع وحدك جودي أن لم أخف عنك ها!" صاح في آخر جملته..
" انه.. لقد مر عليه وقت.. كفيل بجعلي أتعود على نفسي؛ و.. لا أثق بأشخاص آخرين"
" ألأنني رحلت دون علمك! " صاح " ألا تعلمين أن.. حزنك هو حزني أنا ايضا؟ ألمك.. هو ألمي؟ سعادتك.. هي سعادتي "
" هل غضبت امك؟ انفعلت صحيح؟" سألت بحذر لتنظر إلى الأسفل.
" كيف علمتي؟" نظر اليها بحيرة لتردف "ادخل؛ أعتقد أنه علي الإفصاح عن كل شيئ" تبعها إلى غرفتها ليدخلاها و تجلس على السرير.
" تعال." ربتت على السرير؛ ليتقدم ليتقدم يجلس قربها.
" حسنا، كل ما سأقوله الآن.. سأفصح عن كل شيئ لك"
أخفضت رأسها لتشبك أصابعها ببعض.
" اذن؟ أنا انتظر" عقد ذراعيه نحو صدره لتبدأ هي بالكلام " أتذكر حين كنا في 15 ؟ قبل سفرك مع عائلتك؟ أولا كنت أعلم بذلك، سافرتم بسببي.."
" هاا؟" عقد حاجبيه بينما سيطر عليه ذلك الشعور.. شعور بالغرابة و نفس الوقت.. الغضب " اولا لما بسببك؟ و ثانيا كيف عرفتي؟"
" دعني أكمل.." تنهدت لتردف " حصل لنا حادث شنيع؛ مات فيه والداي.. انجرفت السيارة عن منحدر من على سفح الجبل.." أغمضت عينيها لتمسح بدموعها بالتسلل من عينيها، حين شعرت بيد تشانيول على خدها. " لا تبكي رجاءا"
" توفي والداي في السيارة أما أنا.. فدخلت المشفى.. كانت حالتي حرجة، فقدت الكثير من الدم و احتجت ل.." صمتت لتقابل عينيه اللامعتين " لا يجب أن أكمل هذا.. عليك سماعه من.. والدتك" ابتسمت له لتقف من مكانها.
" هل أمي لعبت الدور السيئ أم الجيد؟ سولمان -ربما- قامت بإيذائك؟!" سأل بذهول.
" هذا شيئ عليك اكتشافه بنفسك"
" هينا؛ متى حصل الحادث تماما؟ قبل ذهابنا أم بعدها؟"
" قبل. بأسبوع"
"كيف لي.. كيف لم أعرف؟! يا الهي.. انا حقا وغد!" أمسك برأسه بين كفيه ليغطي وجهه.. " لقد كنت صديقا سيئا!"
"اني -لا- لا اعتقد انني أستطيع الحصول على صديق مثلك.."
" اذن لما كنت تتجاهلينني؟"
" اجاباتك هذه ستجدها عند والدتك. "
" لما لا تخبرينني! بربك لما تطلعينني على شيئ و تخفين نصفه عني؟!" صرخ بوجهها لتمسك يده.
" أخبرتك نصف القصة، و الباقي ستخبرك اياه امك" ابتسمت له بدفئ ليزفر بعمق " سأسألها اذا"
.
.
جلست في تلك الغرفة تنتظر ابنها، تشعر بحرارة جسدها ترتفع.. من الغضب " أين هو؟" سألت بينما تنتظر عودة ابنها منذ نصف ساعة للآن..
دقائق معدودة مرت ليدخل ابنها الغرفة "اوما.." تحدث " ماذا هناك؟" أكمل ليجلس قربها.
" انا.. ما كان علي الصراخ بوجهك.. بني انا اسفة" أمسكت وجهه بين يديها، نظرت إلى عينيه ليبتسم لها " و من قال لك أنني غضبت منك أو حزنت؟ لا بأس اوما.. أعلم أنه هناك شيئ ما " قبل يد أمه ليسود الصمت بعدها.
" لقد ذهبت اليها.. أخبرتني عن الحادث.. عن والديها.. عن دخولها للمشفى.. اوما؛ لما لم اعلم؟" نظر إلى عينيها، تلك النظرات التي جعلت قلبها يتألم.
" اوما.. هل يمكن.. أنك اذيتها.. بطريقة ما؟" نطق بكل كلمة على حدى و بتردد لتنظر اليه بصدمة " أهذا ما أخبرتك به؟!"
" أني اني -لا- انا من خطرت له هذه الفكرة.."
" أنت تعرف أنني كنت صديقة لوالدتها.. أؤكد لك.. لو لم تكن صديقتك وابنة لصديقتي لما كنت ساعدتها.. لو لم تكن صديقة لك.. لما كنت حميتها.. فقط "
"طبقتها الاجتماعية " أكمل تشانيول عنها لينزل رأسه بخيبة أمل.. " أوما أعلم انك تحبينها؛ لطالما عاملتها بلطف.. ما الذي يحدث و لا أعلم به؟"
"هناك شيئان عليك معرفتهما فقط، أولا لقد ساعدتها! و ثانيا.. لا اريد من ابني أن يرتبط بفتاة دون مستوانا!" ألقت بكلماتها تلك لتقوم من مكانها و تخرج من الغرفة؛ تاركة تشانيول الغارق في الأفكار و آلاف الاحتمالات تخطر على باله.
.