لا زلت أتذكر أول يوم لى هنا،أو بالأحرى أول يوم استعدت فيه وعيي...
كان ذلك منذ عدة سنوات،استيقظت ورأيت أننى بغرفتى السابقة،لم تكن مألوفة لى آنذاك،لم أستطع حينها أن أتذكر أي شئ،فقط كنت أصرخ بكل سؤال يخطر على ذهنى..من أنا؟،أين أنا؟،لم أنا هنا؟،،لم أحصل على رد لكل أسألتى،فقط إجابة واحدة..
أنتِ هنا بمشفىً للأمراض النفسية والعقلية...
يومها لم أعد أرغب بأن أسمع صوتى،نسيت الحديث..
وهأنذا بعد مُضي سنوات عدة أتكلم..
نطق صمتى بغير إرادة منى..
هي لحظات حتى هرولت الممرضة اللطيفة-كما أسميتها-بمناداة الطبيب..
شاب ثلاثينى العمر،،لحيته الخفيفة،عيناه الحادتان،بمعطفه الطبي الأبيض،كان يرتدى قناع ثلجى على ملامحه...هادئ!.
تقدم منى وقد أغلق الباب من خلفه،لم تدخل معه الممرضة اللطيفة.
جلس بجانبى على السرير لتتسلل الى انفى رائحة عطره القوية لأجعد أنفى..أعجبتنى الرائحة ولكنى أتحسس من الرائحة القوية..
"مرحبا..أنا ادوارد..طبيبكِ الجديد..ما اسمكِ؟"
أيمزح معى؟!،،بالكاد نطقت كلمة اليوم والآن هو يريد منى أن أقدم له بطاقتى التعريفية بطريقة صوتية!..
"همم حسنا،،يبدو انكِ لا تريدين الحديث ولكن..نانسى أستطيع مساعدتك،،فقط تكلمى"
اسمى هو نانسى اذن!..
بدأت أتأتأ وأحاول تكوين كلمة،،فقط الأمر صعب..
دفعت نفسى قليلا..
"أن..الممرض..ة..قتلت..لم..أج..رح..هي من.."
أنامل طويلة ناعمة الملمس وُضعت على شفتاي لتمنعنى من إكمال حديثى..
قرب وجهه منى وهمس وهو ينظر الى عيناي..
"تمهلى قليلا،،أستطيع سماعك،،فقط ثقى بى..سأساعدك مهما كلفنى الأمر،أنا هنا"
قال جملته الأخيرة وقد زحفت يده الأخرى لتمسك يدى وتضغط عليها بخفة..
ذاك الشعور..انه غريب..
ابتلعت مرارًا وهدأت أنفاسى تدريجيًا..
"انه..لم أقتلها..هي من جرحتنى..أرجوك"
زاد ضغطه على يدى..
"من قُتل بالأساس؟"
"ليزا"
"من أخبرك بذلك؟"
"الممرضة..اللطيفة"
"هممم حسنٌ..من أخبرك أنكِ من قتلها؟..أهي الممرضة اللطيفة؟"
"لا..هيَ..ليزا أخبرتنى أننى قتلتها..هي لن تسامحنى"
استطعت لمح ابتسامة سخرية ارتسمت على شفتيه ولكن سرعان ما مسحها..
انه يسخر منى..
"لا تسخر"
اتسعت حدقتيه بتفاجؤ..
"لم أسخر..ولكن..حالتك..أنتى لم تنطقى بحرف منذ ما يقرب التسع سنوات"
لم أحزر أنها تسع سنوات..هذا كثير!..
"لمَ أنا هنا؟"
نظر لى مطولاُ ليرخى عيناه عن عيناي..لم يجب على!..لمَ؟..
"أجب،،أرجوك"
تسولت اليه وقد دمعت عيناي..أريد الخلاص..أريد ان أعرف سبب عذابى..
"دعكى من هذا الآن،،أخبرينى..هل تتذكرين أي شئ عنكِ؟"
نفيت برأسى بقوة..حتى اسمى..لقد علمته منه للتو..
لا..
ليس هو أول من نطق اسمى..
ليز..
نادتنى بذلك من قبله..
"ليزا،نادتنى باسمى ذاك قبل أن تجرحنى..ساعدنى.أرجوك"
"سوف أنادى الممرضة حتى تأخذي علاجك وترتاحى قليلا"
قال ذلك وهو ينهض من جانبى..
أمسكت يده التى قد وضعها عليها من قبل..لا زلت مقيدة بالطبع..ولكن ذلك أوقفه للحظة..
لم يحدث وأن انفعلت هكذا من قبل..هذا كثير علي..
"لقد حلمت بذاك الرجل وقد جرحنى بوجهى،بعدها رأيت ليزا مقتولة وقد عُلقت مشنوقة بسقف غرفتى،رأيت نفس الجرح الذى حصلت عليه بحلمى على وجهها،اليوم التالى أتت تلك الممرضة الجديدة وقد أخبرتنى بموت ليزا،لقد اعتقدت أنه حلم،ليزا أتت اليَ وجرحتنى،،لم أجرح نفسى،،هيَ من فعلت،،أريدك أن تنظر الى عيناي وتخبرنى أن كل ذلك مجرد هراء أختلقته مخيلتى اللعينة"
صرخت بذلك فى نفسٍ واحد..لم أتوقف..
رأيت الرجفة بعيناه..تدحرجت مقلتاه للحائط خلفى..ارتجفت أوصاله..
خف ضغطى على يده..ارتفعت حدقتاي المرتعشة لأنظر للحائط خلفى..
ليزا..
رأسها يخرج من الحائط..
هذه المرة..
تغمض عيناها...
انطلقت صرخاتى تجوب المكان وذاك الطبيب قد سقط أرضاً فى رعب..
هو يراها..هي حقيقة..
هي مقتولة..
ميتة..
اليوم عرفت اسمي..
واليوم..
تبدو لى نهايتى..
على الأقل سأعرف ما سيكتب على قبرى...
![](https://img.wattpad.com/cover/51357342-288-k150569.jpg)
أنت تقرأ
الدفتر الأسود
Romanceروايتي تحكى حياة أحدهم،،تحكى مأساة عيش قد يمر بها أحدنا.. تشويق..إثارة..دراما،،رومانسية